المداواة الطبيعية (Naturopathy) هو نظام للاستشفاء والمداواة يعتمد بشكل خاص على استخدام علاجات طبيعية (أشعة الشمس، الهواء، الماء) مُرفَقة بحمية غذائية وعلاجات أخرى مثل التدليك. مع ذلك، فقد عُرف عن بعض المعالجين الطبيعيين وصفهم لعلاجات غير طبيعية كتنظيف القولون (colon hydrotherapy) لأمراضَ كالربو والتهاب المفاصل.
تقول هارييت هول عن المداواة الطبيعية: “الأمور الجيّدة التي تقوم بها المداواة الطبيعية ليست أمورا استثنائية، والأمور الاستثنائية ليست جيدة”.
ترتكز المداواة الطبيعية على أساس الاعتقاد بأن الجسد لديه القدرة على الشفاء الذاتي، حيث يقوم هذا الأخير بإصلاح نفسه إذا كان موجودا في بيئة صحيّة سليمة. لخلق هذه البيئة التي يمكن فيها للجسد أن يُشفى من تلقاء نفسه، يقدّم المعالجون الطبيعيون العديد من العلاجات والنصائح التي تساعد على ذلك.
يدَّعي المعالجون الطبيعيون بأن منهَجَهم منهَجٌ شامل، إذ يعتقدون أنّ جسم الانسان متّصل بروح ماورائية وعقل غير مادي. ما يستلزم أن تُعامل هذه العناصر الثلاثة كوحدة متكاملة، أيّا كان ما يعنيه ذلك. منهج المداواة الطبيعية مُولع باستخدام كلمات مثل “التوازن” و”الانسجام” و”الطاقة”. مُفردات يرجع مصدرها، في كثير من الأحيان، إلى الروحانية/التصوّف (mysticism) والإيمان الغيبي بِالمذهب الحيوي (vitalism).
يُدلي المعالجون الطبيعيون،أيضا، بتصريحات مبالغ فيها فيما يخصّ بعض الأعشاب والعلاجات التي يمكن لها، حسب ادّعائهم، أن تعزّز نظام مناعة الجسم. رغم هذا، فالاشخاص الوحيدون المؤهّلون لعمل الفحوصات اللازمة لتحديد ما إذا كان الجهاز المناعي للفرد متضرّرا بأي حال من الأحوال، هم الأطباء المتخصّصون. يفترض المعالجون الطبيعيون أن العديد من الأمراض، بما فيها السرطان، سببها خلل في جهاز المناعة. (الجهاز المناعي هو ببساطة مجموعة من الآليات التي تهاجم أيّ جسم غريب عن الذّات. رغم أنه، في بعض الحالات، عوض مهاجمة الأجسام الدخيلة مثل الفيروسات والفطريات والبكتيريا، تتعطّل الاستجابة المناعية، ما يؤدّي إلى مهاجمة الجسم خلاياه نفسها. كمثال على ذلك: داء الذّئبة، مرض التصلب المتعدد، والتهاب المفاصل الروماتيزمي).
يروّج المعالجون الطبيعيون أيضا لفكرة أن العقل يمكن أن يوظَّف في تعزيز نظام المناعة، وبالتالي تحسين صحة الفرد. غير أنّ الدكتور سول غرين (Saul Green) يعترض على هذا قائلا: “لا توجد أي تقارير في الكتابات العلمية تدعم الرأي القائل أن أيّ دواء بديل (alternative medicine) يعمل عبر آلية مناعيّة محدّدة. بغضّ النظر عن الوسائل المستخدمة لاستثارة استجابة مضادّة لِورم ما، فجميع الأدلة المتوفرة من الدراسات السريرية والدراسات على الحيوانات تظهر بوضوح أنّ الجهاز المناعيّ أمكن له أن يتعرّف على وجود الورم فقط بعد أن تم تنبيهه عن طريق التلاعب بمكوّناته من الخارج. كل الأدلة التي جمعت على مدى السنوات الـ30 الماضية تقدّم إجابة واضحة على السؤال الذي يُطرح باستمرار ‘هل تحفّز الأدوية البديلة جهاز المناعة وتُمكّنه من تحديد وتدمير الخلايا السرطانية عند ظهورها؟’. الجواب هو لا. ليس لها أي دور فعال في هذه العملية.”
علاوة على ذلك، فالقول بأن أمراضا مثل السرطان تظهر عند أشخاص لديهم نقص في جهاز المناعة قول لا يدعمه أيّ دليل. هو افتراض يُدلي به أصحاب المداواة الطبيعية، لكنه لا يستند على أدلة علميّة. وضّح أخصائيو المناعة أن أكثر أنواع السرطان ينتشر لدى مضيفين (hosts) لديهم أجهزة مناعية مؤهّلة وشغّالة. التصور القائل أن الفيتامينات والمواد المعدنية والأعشاب وحُقن القهوة الشرجية وغسْل القولون والتأمل وما إلى ذلك، يمكنها أن تعزّز المناعة، وبالتالي تحافظ على الصحة، محض تزييف ووهم. من جهة، ليس من الضروري أن يكون لدى الشخص المريض خلل في جهاز المناعة. من جهة أخرى، لا يوجد أي دليل علمي يؤكد على أن أيّ من هذه العلاجات تعزّز الجهاز المناعي وتمكّن الجسم من أن يشفي نفسه.
تمارَس المداواة الطبيعية في كثير من الأحيان، إن لم يكن دائما، إضافة إلى أشكال أخرى من الممارسات الصحية “البديلة”. تعتبر جامعة باستِر (Bastyr University) جامعة رائدة في مجال المداواة الطبيعية منذ عام 1978، وتوفّر إرشادات بخصوص ممارسات أخرى مثل الوخز بالابر و”الروحانية”. الكثير من النصائح التي يدلي بها المعالجون الطبيعيون(ممارسة الرياضة، الإقلاع عن التدخين، تناول الكثير من الخضراوات والفواكه، الإلتزام بتغذية جيدة وسليمة) نصائح معقولة وصحية. القول أن هذه النصائح والممارساتٌ من قبيل غسْل القولون وحُقن القهوة الشرجية، تزيل السموم الموجودة داخل الجسم، وتقوّي الجهاز المناعيّ، وتعزّز “الاستقرار الداخلي”، “الانسجام”، “التوازن”، “الحيوية” وغيرها، هي مجرّد ادعاءات مبالغ فيها، ولا تدعمها أي بحوث علمية رصينة.
ملاحظة: من ناحية لغوية يتشابه تماماً مصطلح العلاج الطبيعي مع المداواة الطبيعية، غير أن الشائع في اللغة العربية اليوم هو أن العلاج الطبيعي يرمز للعلاج الفيزياوي الذي يتضمن تمارين وممارسات لتحسين حالة بعض الاصابات كالكسور والاصابات العصبية والعضلية. بالمقابل صار مصطلح المداواة الطبيعية هو المصطلح الخاص
المصدر:
Robert Carroll, “naturopathy”, Skeptic dictionary, 27-Oct-2015