هارييت هول في 26 آيار/ مايو، 2020. سُئلت مؤخرا عن كتاب معجزة المغنيسيوم للكاتبة كارولين دين. اجبرتني كلمة “معجزة” في العنوان على الابتعاد، لكنني أردت قراءته ومعرفة ما يدعيه. اردت ذلك، فلم استطع. الكاتبة تحمل دكتوراه في الطب إلا أنها معالجة طبيعية أيضا. والكتاب ليس اطروحة علمية، فهو مرتب على نحو سيء، مقالة طويلة متحيزة وبرنامج دعائي لمنتجات الكاتبة. يدعي الكتاب ان معظم الناس يعانون من نقص المغنيسوم، وأن ذلك النقص في المغنيسيوم يسبب عددا كبيرا من الاعراض والامراض (“سببا واحدا لكل الامراض؟”)، وان المغنيسيوم هو العلاج وأنه على الجميع تناول مكمل المغنسيوم. ولكن ليس اي مكمل مغنيسيوم، فقط ذلك الذي طورته وتبيعه الكاتبة. تدعي الكاتبة ان منتجها (ReMag) افضل امتصاصا ولن يسبب اسهالاً كالذي تسببه باقي مكملات المغنيسيوم (إلا أنه سيفعل ذلك إذا ما اخذت اكثر من حاجتك). تتضمن منتجاتها الاخرى ريمايت، ريكالسيا، ومركب التنقية من السمية المدعو ريالين، مسحوق البروتين ريستركجر، قطرات ران ريست، فيتامينات، البروبيوتيك والمزيد من المنتجات.
بدلا من عرض حجتها بصياغة منظمة وبناء قضية قوية على أساس الدليل، تتخذ الكاتبة اسلوباً مبعثراً قافزة من موضوع الى موضوع. تحدد مقدمة الكتاب نمطه القادم. حيث تبدأ فيها بالتفاخر ان كتابها السابق قد حقق أفضل المبيعات وتتبجح حول جائزةٍ استلمتها. تهاجم بعدها الاطباء السائدين، قائلة انهم اساءوا فهم الامر برمته بشكل خاطئ ولم يفهموا البرهان حول المغنيسيوم.
تقول ان فحص نقص المغنيسيوم مضلل، لأن أفضل اختبار لمستويات المغنيسيوم غير متوفر. ضمن الصفحات الاولى، كانت بالفعل تبالغ حول مكملها الغذائي ReMag. تتناول بإختصار عدم انتظام ضربات القلب وأمراض الكلى والحالات الأخرى. تدعي ان تربتنا مستنزفة. تقدم عناوين بريد الكتروني وشهادات من مرضى لا يثبتون اي شيء ولايبدون حقيقيين. بعدها تصد الشكاوى من خلال ادراج 14 سبباً بأنك قد تشعر بشكل اسوء عند تناولك المغنيسيوم، ومع ذلك فهو ينفعك.
كلما اعتقدت أنها كانت تحافظ على قطار من الأفكار وتصل لبعض المعلومات المفيدة والتي استطيع تحريها من خلال مراجعة مصادرها والبحث عن دليل آخر يؤكدها او ينفيها، اصبحت في وضعٍ جديد، غالبا ما تقول شيء ما يجعلني أشعر بالضيق. على سبيل المثال، يبدو ان الدكتور راسل بلايوك اخبرها ان 20-50% من العقاقير مفلورة (معالجة بالفلور)، وهي “تعلم” ان فلورة مياه الصنبور كارثة تصيب السكان بوباء الأمراض المزمنة بما فيها التهاب المفاصل والسرطان (هذا ما تعتقده).
لا تتفق جمعية السرطان الأمريكية مع ذلك. وبالطبع لم تقدم أي دليل يدعم ادعائها المثير للقلق. وتدعي عن الستاتينات – والتي هي مركبات فلورايد – بأنها يحتمل ان تكون سامة وأنها قد تطلق أيونات الفلوريد التي يمكن أن تلتصق بالمغنيسيوم بشكل لا رجعة فيه، مما يساهم في آلام العضلات. تُدحض هذه الفكرة بسهولة من قبل أي شخص يمتلك معرفة أولية بالكيمياء. درست المؤلفة بالتأكيد الكيمياء ويجب ان تعرف اكثر من ذلك. تحتوي مركبات الستاتين على ذرات فلوريد، لكنها لا تطلق على شكل أيونات. هذا سخيف وهو مثل القول بأن الهيموغلوبين سام لأنه يحتوي على ذرات الحديد والحديد الأساسي (كعنصر) يعد ساماً.
مقتطفات
على الرغم من انني وجدت الكتاب غير قابل للقراءة، إلا أنني تمكنت من تعلم الكثير من خلال القراءة السريعة. أدركت وبسرعة أنه لم تكن هناك أي فائدة من الخوض بعمق اكثر. وها هي بعض من الاشياء التي برزت في وجهي:
تقول ان 70 الى 80% من الناس يعانون من قصور المغنيسيوم، وتدعي ان نقص المغنيسيوم سبب العديد من الأمراض. ألا يعني ذلك ان 20 إلى 30% ليس لديهم أي مشكلة؟ لكنها مع ذلك تنصح الجميع بتناول مكملات المغنيسيوم.
توكد ان اراضينا (تربتنا) منضوبة وتفتقر للعناصر الغذائية: “بعض اطعمتنا لا تستحق ان تؤكل” . يوجد العديد من الادلة على ان العكس من ذلك تظهر ان الخضروات مازالت مصدرا ممتازا للمغذيات ولا حاجة لمكملات الفيتامينات والمعادن.
“قد تحتاج لنوع معين من المغنيسيوم لتحقيق مستويات علاجية”. اي نوع؟ منتج ReMag الخاص بها. أين دليلها؟ لا دليل حول الأمر.
بعض التشخيصات الجدلية التي تقبلها هي متلازمة فرط النمو الخميري وتفاعلات ازالة السموم والحساسية الكيميائية المتعددة والحساسية الكهرومغناطيسية. ترينا أنها تعاني من رهاب الكيماويات فتقول: “تتواجد المواد الكيميائية السامة في أطعمتنا ومسطحاتنا المائية والبشر كافة في كل دراسة تُجرى”.
(بالتأكيد ، يمكن لأدواتنا الحديثة تحديد أثر الملوثات، لكن هذا لا يعني أنها ضارة بصحتنا. السم يحدد بحسب الجرعة).
تقول ان الاختبار الأكثر دقة للمغنيسيوم هو اختبار الدم المتأين بالمغنيسيوم، وهو اختبار غير قياسي يكلف 390 دولارًا وغير متاح بسهولة، لكنها تخبرك بكيفية طلبه بنفسك. ثم تقول انه ليس دقيقًا دائمًا ايضًا، لذا فهي توصي بعدم إجراء الاختبار ولكن تناول مكملها الغذائي فقط ومعرفة ما إذا كنت تشعر بتحسن.
وتقتبس عن “خبيرة التخلص من السموم” شيري روجرز، التي تعتقد أنه يجب على الجميع استخدام حمامات البخار التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء (FIR) للتخلص من السموم البيئية المخزنة. (ما هي السموم التي يتم التخلص منها؟ أين الدليل؟). ينتقد مقال في The Atlantic موقع حمامات البخار التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء باعتبارها خاليةً من الأدلة ويعلق المقال: “إنهم يكذبون على الناس بشأن صحتهم ليسرقوا اموالهم”.
تقول انك تحتاج الى “شرب نصف وزنك بالاونصات من الماء يوميا”. هذه اسطورة.
تستشهد بدراسة أظهرت انخفاض 80% في الصداع النصفي مع 200 ملغم من المغنيسيوم يوميا. مصدرها هو كتاب (ما لا يقوله لك طبيبك). بما ان الدراسة تفتقر الى مجموعة ضبط فهي غير ذات معنى. ولم اجد الدراسة في موقع PubMed، لكني وجدت مراجعة منهجية لعام 2014 وصلت الى هذا الاستنتاج المختلف تماما:
“ان قوة الدليل الداعم لمكملات المغنيسيوم الفموية محدودة في هذا الوقت. ومع وجود دليل محدود كهذا، فإن البديل الأكثر فائدة لمكملات المغنيسيوم للمرضى الراغبين بإجراء تغييرات في نمط حياتهم، قد يكون في التركيز على زيادة تناول المغنيسيوم الموجود في الأغذية”.
يخبرنا الطبيب فريدون باتمانجليغ في كتابه نداءات جسدك الكثيرة من أجل الماء، ان الجفاف يسبب ارتفاع ضغط الدم. لا يعد باتمانجليغ مصدرًا موثوقًا للمعلومات. وقد وُصف بأنه شخص غريب الأطوار وتعرض لانتقادات عديدة؛ يمكن العثور على المراجع هنا. تخبرنا مصادر أخرى ذات سمعة طيبة أن الجفاف مرتبط (ارتباط وليس دليل على السببية) بارتفاع ضغط الدم ولكن البحث في هذا الموضوع محدود.
لعلاج الوذمة، تقول انك تحتاج لشرب اربعة اكواب من الماء يوميا وتحتاج الى تناول الماء مع ملح البحر وReMag وReMyte. اضف لكل ربع من الماء ¼ ملعقة صغيرة من ملح البحر غير المكرر أو ملح الهيماليا الوردي او ملح البحر السلتي. تتناقض هذه النصيحة مع المشورة الطبية السائدة بالحد من تناول الصوديوم.
بينما تقحم ReMag، توصي أيضا بالمغنيسيوم المثلي. نعم، هي تؤيد المعالجة المثلية! حيث تعتقد انه قد تم اختبار واثبات عمله علميا، وانه لايمكن ان تُعزى تأثيراته إلى الدواء الوهمي لفعاليته على الأطفال والحيوانات، وهي تستحضر الكذبة القديمة حول حصول مستشفيات العلاج المثلي على نتائج أفضل في وباء الانفلونزا الاسبانية عام 1919 (العلاج المثلي هو أحد العلوم الزائفة).
يرقى اسلوبها الى رمي كل شي في خلاط. فهي تمزج بين العلم المنتقى بعناية (كل دراسة وكتاب منشورين اجتازا مرشح الانحياز التأكيدي الخاص بها)، مع العلم الزائف واراء أناس غير مؤهلين ومعلومات مضللة وتصريحات خاطئة بشكل واضح وتكهنات وارتباطات دون وجود علاقات سببية والقبول الساذج لأمراض زائفة والموافقة غير المشروطة لعلاجات وهمية مثل المعالجة المثلية (علاج الداء بالداء) ونصائح نمط الحياة ووصفات واعلان تجاري وقح لمنتجاتها واكثر من ذلك بكثير. تمتزج جميعها معًا وتُخلط في خلطة غير متماسكة. إذا كانت هناك أي حقائق مفيدة في هذا الخليط غير المتجانس، فسيكون من المستحيل انتقاء الأجزاء من الهريسة وفهمها.
شهادة نموذجية: قالت ان المريض يبدأ بتناول علامتها التجارية من مكمل المغنيسيوم للعرض (س) وان المريض اخبرها انه ليس فقط العرض (س) قد تم حله، ولكن الاعراض (أ) و(ب) و(ج) و(د) و(هـ) قد تحسنت ايضا. لا وجود لتقييم منهجي ولا مجموعة مراقبة ولا محاولة لاستبعاد أسباب تحسن اخرى.. بإختصار، لا وجود للعلم. مجرد إشاعات وقصص لم يتم التحقق منها وشهادات وحكايات ومديح الزبائن التقديري – يمكن لكل مندوب مبيعات زيت الثعبان ولكل دجال ان يوفرا حديثا كهذا بغزارة.
الاستنتاج: الدعاية وأساليب الإقناع، ليسوا علما.
لا استطيع التوصية بهذا الكتاب. ان الشيء المحزن هو انني اعتقد بوجود اشياء يمكن تعلمها حول المغنيسيوم، ولكن لا يمكننا ان نأمل تعلمها هنا. سيكون علينا انتظار تقييم موثوق للادلة قائم على أساس علمي من قبل خبير جدير بالثقة.
المقال الأصلي
Harriet Hall, “Is Magnesium the Underlying Cause and Treatment for Everything?”, sciencebasedmedicine.org, May 26, 2020
هل كل ما فعلته هو دعاية تجارية بحتة