ترجمة : أحمد لاوي

كفاءة تحويل أشعة الشمس إلى طاقة مفيدة هو أحد التحديات التي تقف في طريق تلبية الطلب المتزايد على الطاقة في العالم بطريقة نظيفة ومستدامة دون الاعتماد على الوقود الأحفوري. الكائنات الحية ذات التمثيل الضوئي، مثل النباتات، وبعض أنواع البكتيريا، تتقن هذه العملية: في أقل من جزء من تريليون جزء من الثانية، 95% من أشعة الشمس المستلمه يتم ‘نقلها’ خلال هذه الكائنات لتشغيل التفاعلات الأيضية اللتي تزودها بالطاقة، بينما كفاءة الخلايا الفولطائية الضوئية حاليا في السوق هو حوالي 20 في المائة. يا ترى .. ما هي الآلية الخفية التي استخدمتها الطبيعة لنقل الطاقة بكفاءة؟ لقد أجمعت مختلف الفرق البحثية حول العالم أن هذه الاليه ذات الكفاءة العالية لنقل لطاقة لا بد ان تكون متصله بظاهره ميكانيكيه كميه. ومع ذلك، حتى الآن، لا أحد قد لاحظ مباشرة الآثار المحتملة للنقل الكمومي المحتمل للطاقه في درجة حرارة الغرفة.

في مقال نشر في مجلة العلوم، تمكن الباحثين من مؤسسات-“معهد العلوم الضوئية ICFO”، بالتعاون مع علماء الكيمياء الحيويه من جامعة غلاسكو، من اظهار و للمرة الأولى في ظروف مناخيه محيطه (اي ضمن درجات الحراره والضغط والرطوبه الطبيعيه: المترجم) أن آليات النقل الكمومي للطاقة تجعل التمثيل الضوئي أكثر قوة في مواجهة التأثيرات البيئية. ان الظاهرة الكميه المسؤولة عن ذلك تسمى بالاتساق coherence، واللتي تحدث في ما يسمى بروتينات التمثيل الضوئي photosynthetic antenna proteins المسؤولة عن امتصاص أشعة الشمس ونقل الطاقه إلى مراكز التفاعل الكيموضوئيه لعملية التمثيل الضوئي.

من أجل مراقبة تأثيرات الكم في عملية التمثيل الضوئي، ابتدعت المجموعة البحثية برئاسة نيك فان هلست تقنية تجريبية رائدة. ان نقل الطاقة خلال عملية التمثيل الضوئي يحدث بسرعه كبيره للغاية وعلى المستوى الجزيئي. لمراقبة هذه العمليات دفعوا تقنيات التحليل الطيفي spectroscopy فائق السرعة إلى حدود الجزئ الواحد. وهذا ينطوي على إرسال ومضات الضوء الفمتويه femtosecond فائقة السرعة لالتقاط سلسلة عالية السرعة من الصور لحالات البروتينات كل على حده بعد امتصاص الضوء (خلال لحظه فمتويه واحده يسافر الضوء مسافة جزء من مائة جزء فقط من قطر شعرة الإنسان، بينما في ثانية واحدة فأنه ينتقل من الأرض الى القمر). مع هذه “اللقطات” يستطيع الباحثون فهم كيفية نقل الطاقة الشمسية عن طريق البروتينات المنفرده. “تمكنا من مراقبة كيفية تدفق الطاقة خلال نظم التمثيل الضوئي وبدقة مكانية وزمانية لم يسبق لها مثيل. وهذا يسمح لنا أن نلاحظ الدور الأساسي لتأثيرات الكم في عملية التمثيل الضوئي في الظروف المناخيه المحيطه “يشرح ريتشارد هيلدنر، الباحث الأول في الورقه العلميه.

فان هلست وفريقه استطاعو دراسة مسارات نقل الطاقة في بروتينات مفرده منفصله ولكنها متطابقة كيميائيا، وقد أظهرت أن كل بروتين يستخدم مساراً متميزاً. اما الاكتشاف الأكثر إثارة للدهشة فهو أن مسارات النقل داخل نفس البروتين يمكن أن تختلف مع مرور الوقت نتيجة للتغيرات في الظروف البيئية، مما يوحي انها تتكييف لتحقيق الكفاءة المثلى. ويقول فان هلست “هذه النتائج تبين أن الاتساق، وهو تأثير كمومي اصيل ينشأ من تراكب الحالات الكميه، هو المسؤول عن الحفاظ على مستويات عالية من كفاءة النقل في النظم البيولوجية، حتى حين تتغير مسارات نقل الطاقة نتيجة للتأثيرات البيئية”.

النتائج المعروضة تثير أسئلة عميقه. هل دفع التطور الى استغلال تأثيرات الكم في عملية التمثيل الضوئي لتحقيق الكفاءة العاليه؟ ، أو بعبارة أخرى هل تفوقت اليات النقل الكمومي على غيرها من الطرق أثناء التطور؟ هل هناك عمليات بيولوجية اخرى يكون للكم فيها آثار و دوراً هاما؟ ففي حالة البروتينات الممتصه للضوء يسمح النقل الكمومي بكفاءة عاليه في استخدام الطاقة .

يمكن أن يؤدي هذا الاكتشاف إلى اتجاهات بحثيه جديدة تهدف إلى تطوير جيل جديد من الخلايا الشمسية التي تحاكي هذه الانظمه البايولوجيه في كفائة امتصاص والنقل الكمي لطاقة الشمس.

المصدر
http://phys.org/news/2013-06-uncovering-quantum-secret-photosynthesis.html