في الموقع الذي لا نتوقع منه هذا، قرأت منشوراً يتضمن تحذيراً عن فقئ البثور في المثلث الذي يقع رأسه في أعلى الأنف وينهي بالمنطقة بين الشفة العليا وأسفل الأنف وإلا فإن الأمر قد يتسبب بالوفاة نتيجة تلوث وريد يذهب الى الدماغ مباشرة يقع قرب تلك المنطقة. يمكن أن يتخيل أي شخص يقرأ هذه القصاصة مدى تفاهة الخبر لاسيما وأن هناك كثيراً جداً من الناس يفقؤون البثور التي تظهر على الجلد في تلك المنطقة. لكن مع ذلك، لنقم بمجاراة القصاصة هذه.

السبب المزعوم والذي يقف خلفه بعض الدليل العلمي هو أن الأوردة العينية تقع خلف تلك المنطقة، أي بين الوريد الوجهي والتجويف الكهفي (Cavernous Sinus). ويقع التجويف الكهفي يقع ضمن تجويف الجمجمة ويعد بمثابة ترعة أو قناة للتصريف الوريدي القادم من الدماغ. لكن كل ذلك التركيب التشريحي المعقد يجعل من السذاجة الاعتقاد أن كل هذا يمكن أن يتأثر ببثور على الأنف! ولا حتى الكثير من الجروح والاصابات. هل فكرتم بإحدى اكثر العمليات شيوعاً، لاسيما العمليات التجميلية للأنف؟ فما بالنا بالبثور على جلد الأنف او أعلى الشفة؟

هل ننكر خطورة هذه المنطقة بشكل عام؟ كلا، فهناك أبحاث وآراء طبية حول حالات خطرة كنتيجة لالتهابات أسنان جادة وخطرة مثلاً حالة تسببت بالتهاب الوريد الخثاري (Thrombophlebitis) في التجويف الكهفي بعد قلع سن ملتهب لرجل له 64 عاماً [1]. كما أن هناك حالة توفي فيها طفل له عشرون شهراً نتيجة للغرغرينة في أنفه. الغرغرينة وليس بثور الأنف [2]! 

أهم دراسة أقيمت عن الموضوع هذا هي مراجعة نشرتها جامعة كامبرج، كانت حول دور مضادات التخثر وقد ذكرت أرقاماً أخرى للوفيات على اثر التهابات جادة لم تنفع مع بعضها حتى المضادات الحيوية أو اثر عمليات جراحية والعديد من الأسباب الأكثر خطورة. 

هل مقالنا هو دعوة للتعامل كما نشاء مع كافة البثور الجلدية؟ أيضاً نحن لا نقول ذلك، فلكل حالة جلدية هناك طرق صحيحة للتعامل. لكننا لا نربط الوفاة بفقئ البثور بهذا الشكل المفجع لغرض الاعجابات. فقط فكر قليلاً، متى فقأت بثوراً في وجهك آخر مرة؟ 

مصادر:

[1] Okamoto, Hiroaki, et al. “Cavernous Sinus Thrombophlebitis Related to Dental Infection—Two Case Reports—.” Neurologia medico-chirurgica 52.10 (2012): 757-760.

[2] Jia, Xiao-ling, et al. “A case report of hemolytic streptococcal gangrene in the danger triangle of the face with thrombocytopenia and hepatitis.” BMC pediatrics 18.1 (2018): 1-5.