أسباب أنتشار فايروس الأنفلونزا في الشتاء قد تكون مفتاحا لعلاجه . ليست وحدها مطهرات اليد وأقراص السعال تكثر في مثل هذا الوقت من السنة بل ايضا اللافتات خارج الصيدليات وعيادات الأطباء مناديه ب (أحصل على لقاحك المضاد للأنفلونزا).

يقلل لقاح الأنفلونزا هذه السنة فقط نسبة (23) في المائة من خطر الانتهاء بك في عيادة الطبيب. حيث أن اللقاح طور منذ شباط / فبراير، 2014 ، لكنه لم يكن ذلك اللقاح النموذجي لفايروس (H3N2) المسبب للأنفلونزا لكون سلالة هذا الفايروس هي السائدة في هذا الفصل.

أسباب أنتشار فايروس الأنفلونزا في الشتاء قد تكون مفتاحا لعلاجه

أسباب أنتشار فايروس الأنفلونزا في الشتاء قد تكون مفتاحا لعلاجه

أدى عدم تطابق اللقاح مع الفايروس الى زيادة نسبة دخول المستشفيات ومعدل الوفيات حيث تنبأت مراكز السيطرة على الامراض والوقاية منها بموسم أنفلونزا حاد هذه السنة.

تأكدت تلك التنبؤات بازدياد نسبة مراجعة عيادات أطباء الأنفلونزا لهذه السنة مقارنة بالعام الماضي. حيث في فرجينا يبقى نشاط الفايروس مرتفعا ليبلغ ذروته في أواخر كانون الأول/ديسمبر، حسبما ذكرت الإدارة الصحية.

بعد تعافي مصابي فايروس الأنفلونزا وعودتهم الى العمل والدراسة، تواصل حالات اخرى بالإصابة. حيث يبقى السؤال المتوارد في أذهان الجميع “ما الذي يستطيع الناس فعله ازاء ذلك؟”

هذا هو السؤال الذي تثيره مار، فهي مختصة بمراقبة تلك الجزيئات التي تدخل عبر الهواء الذي نتنفسه وتتفاعل مع أجسامنا وفايروس الأنفلونزا مثال أساسي على ذلك. تنتشر الكثير من حالات الأنفلونزا عبر الهواء الجوي. حيث يعطس او يسعل الأشخاص المصابون وبذلك هم يرسلون الالاف من دقائق الرذاذ المتطاير والمحمل بالمادة المخاطية واللعاب وجزيئات الفايروس عبر الهواء الجوي.

تستقر حبات الرذاذ الكبيرة على مقابض الأبواب والعدادات ولوحات المفاتيح، فيما تعلق حبات الرذاذ الاصغر في الهواء، وبذلك سينتظر الرذاذ المحمل بالفايروس غير المرئي الدخول الى رئتي الضحية القادمة.

تساءلت مار لماذا هذا النوع من الرذاذ يتسبب في العدوى بصورة اوسع في فصل الشتاء. سلطت الضوء على عامل بيئي رئيسي وهو الرطوبة، حيث تنخفض الرطوبة الداخلية في فصل الشتاء ويصبح الهواء جاف بسبب التدفئة المركزية. حيث ان الهواء يمتص رطوبة المادة المخاطية الموجودة في دقائق الرذاذ المتطاير وبالتالي فأن الجزيئات تجف وتتبلور وتزداد تراكيز الأملاح والبروتينات ويتغير معدل الحموضة بسبب اختزال الماء.

وجدت مار بأن فايروس الأنفلونزا لا يعيش طويلا عندما تتراوح نسبة الرطوبة بين (50-90) في المائة وأن دقائق الرذاذ سوف تجف كفاية لتصبح غير ناقل للعدوى. لكن في نسبة الرطوبة المنخفضة جدا كتلك الرطوبة الداخلية في فصل الشتاء، دقائق الرذاذ ستجف تماما وستصبح نسبة القضاء على الفايروس صعبة جدا.

حصلت مار على هذه النتائج باستخدام دقائق الرذاذ الكبيرة نسبياً والصغيرة جداً بحجم الملليمتر، وهي تعمل حالياً مع زملاءها على دراسة الحجم الأصغر من تلك الدقائق وخصوصاً النوع الذي يعلق في الهواء ومن الأرجح يصيب الاشخاص بالعدوى. حيث قاموا بتعليق دقائق الرذاذ الحاملة لفايروس الانفلونزا في جهاز خاص ذو حركة دائرية عند رطوبة معينة، ثم قاموا بفحص الفايروس ليروا فيما إذا كان لا يزال نشطاً.

 

قالت مار أن ما يتطلعون اليه هو مراقبة الفايروس نفسه من خلال التغييرات التي تطرأ على الرذاذ من حوله. حيث ذلك سيسمح لهم بشكل دقيق مراقبة ما سيحصل للفايروس ليصبح غير نشط.

واضافت مار: رؤية الفايروس لشيء صعب حقا. لكون قطر جسيمهِ يبلغ حوالي ( 100) نانومتر وعند اتحاد ألف جسيم مع بعض سيصلون الى سمك حجم الورقة. ومراقبة جسيمات ذات احجام ضئيلة كهذه يتطلب مجاهر ذات تقنية ودقة عالية والتي تستخدم الالكترونات بدلا من الضوء للكشف على التركيب. وأكدت مار بأن من الصعب الحصول على بيانات ذات دقة عالية جدا لتطوير اجراءات وسياسات ومعايير الحد من انتقال فايروس الأنفلونزا. يمكن ان يقود هذا البحث الى طرق تحد من انتشار الفايروس عن طريق التدخل في التركيب الكيميائي لدقائق الرذاذ.

 

تخطط مار الى توسيع بحثها ليشمل تلك الجزيئات الرئيسية والناقلة بشكل أكبر لفايروس معدً اخر وهو فايروس (ايبولا) حيث ينتشر هذا الفايروس بالتلامس خلافا لفايروس الأنفلونزا، وايضا من خلال تطاير الرذاذ الحامل للفايروس من دورات مياه الصرف الصحي.  تحذر الدراسات حتى من الخطر الضئيل لانتشار ايبولا عبر الهواء الجوي بسبب ارتفاع معدل الوفيات.

أعتمد المعهد الدولي للصحة الأستاذة مار كباحثة مبدعة ومبتكرة بسبب بحوثها التي تربط بين تقنيات من مجالات مختلفة مثلا علم الخلية والعلم النانوية (الذي يركز على الظواهر النانو مترية الحجم في علم الأحياء). جزء من أبحاث مار مدعوم من قبل معهد التكنولوجيا الحيوية والعلوم التطبيقية والذي بدوره يدعم ويوفر التمويل للمشاريع القائمة على عدة تخصصات.

تقول مار بأن معظم المسائل العلمية الملحة، تتطلب هذا النوع من النهج. واضافت “لقد تم الإجابة على الكثير من الأسئلة القائمة على أساس عدة مجالات مختلفة ولكي نحل المشاكل الكبيرة التي تواجه المجتمع اليوم، نحتاج جذب أشخاص من مختلف التخصصات.” وأضافت “أنها أكثر إثارة للاهتمام حقا ”

المصدر: www.sciencedaily.com

كاتبة المقال: لينسي مار أستاذة جامعية في الهندسة البيئية والمدنية في جامعة فيرجينا التكنولوجية ومختصة في دراسة انتقال فايروس الأنفلونزا.