المجتمعات البكتيرية غير الطبيعية في أمعاء بعض الأطفال ممن يبلغون شهر واحد من العمر قد تطور الالتهاب الذي يؤدي إلى زيادة خطر تطوير الربو وأمراض الحساسية في عمر السنتين إلى ثلاث أضعاف، هذا وفق دراسة نشرت حديثاً في نيتشر للطب (Nature Medicine).
فقد وجد أن أكثر من ثلاث أطفال، ممن كان لديهم أقل من أربع مجموعات بكتيرية في الأمعاء ووأكثر من نوعين من الفطريات، قد طوروا الربو عند بلوغهم الـ 4 سنوات من العمر. وعند إجراء المزيد من التجارب وجد أن المسبب في ضعف الخلايا المناعية هو الأيض المرتبط بالجراثيم، والذي بدوره يؤدي إلى تزايد خطر تطوير الحساسية والربو.

فقد قال رودني ديتيرت (Rodney Dietert) أخصائي الأمراض المناعية في جامعة كورنيل في نيويورك، والذي لم يشترك في الدراسة، أن “في حين كان ينظر إلى مثل هذه المعلومات في نماذج حيوانية، الا أن هذه الدراسة هي الأولى من نوعها وأفضل ما تم بخصوص الأمراض البشرية من حيث أنها تملأ العديد من الثغرات بخصوص الكيفية التي تحدث الجراثيم خلل في المناعة ضد الأمراض غير المعدية مثل الربو”.

في حين أن الميكروبيولوجي بريت فينلي (Brett Finlay) من جامعة كولومبيا البريطانية في كندا، والذي شارك في دراسة أجريت في عام 2005 والتي اقترح خلالها بأن بكتيريا الأمعاء قد تسبب الربو، ولم يشارك في هذه الدراسة، قال إن “هذه الدراسة أجادت توفير ارتباط قوي بين البكتيريا المتعايشة مع الإنسان وبين تطوير الخلايا التائية. كما أنها تعيد التأكيد على أهمية الجراثيم في تعزيز المناعة في وقت مبكر من الحياة”.

جراثيم الأمعاء تؤثر على الجهاز المناعي وقابلية تطوير الأمراض الحساسية. وللمزيد من التحقيق في هذه العلاقة، تقوم عالمة الجراثيم كريستين جونسون (Christine Johnson) من مستشفى هنري فورد في ميشيغان، وسوزان لينش (Susan Lynch) من جامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو، وزملاؤهن بتحليل عينات من براز 130 طفل رضيع ممن يبلغون شهر واحد من العمر و168 طفل ممن يبلغون حوالي 6 أشهر من العمر، فضلاً عن معلومات صحية عن استجابات لعشر انواع من الطعام والنباتات الطبيعية عند السنة الثانية من عمرهم. وكان جميع الأطفال من مقاطعة وين، وهم محتملين لتطوير الربو منذ الولادة.
فقد لاحظ الفريق زيادة نسبية لكل الأنواع البكتيرية والفطرية الموجودة في عينة البراز الأطفال، وحددوا ثلاث مجموعات بكتيرية مميزة في أمعاء حديثي الولادة. وقد استخدم الفريق نتائج الاختبار الحساسية للأطفال في عمر السنتان لتصنيف الأطفال. فقسم منهم كان أكثر عرضة للحساسية متعددة المسببات، فقد كان الأطفال يتحسسون من المواد العشرة المسببة للحساسية ومنها الربو، وهناك ممن يتحسسون من مسبب واحد فقط. فبعض الأطفال يعانون من مستويات منخفضة من البكتريا المتعايشة في الأمعاء، ومنها بروبيوتيك (Bifidobacteria)، اكتوباسيلوس (Lactobacillus)، وأكرمنسيا (Akkermansia)، ومستويات عالية من الفطريات بما في ذلك الكانديدا (Candida)، وهم الأطفال الذين يميلون الى أن يطوروا حساسية عند بلوغ سنتان من العمر. وهنالك أربعة من الأطفال المصنفين على أنهم معرضين للحساسية قد أصيبوا بالربو عند بلوغ السنة الرابعة من عمرهم، تتطابق مع النتائج الأخيرة والتي تشير إلى أنهم أظهروا انخفاض في المجموعات البكتيرية المختلفة في الأمعاء عند سن ثلاثة أشهر، وقد ظهرت علامات إصابتهم بالربو عند بلوغهم السنة واحدة.

وقالت العالمة لينش “كنا مهتمين في معرفة إذا ما كانت جراثيم الأمعاء تنتج إفرازات قد تؤثر على المناعة”. وقد أظهر الباحثون أن الأطفال الذين يعانون من حساسية مرتبطة بالبكتيريا الموجودة في الأمعاء تكون مرتبطة بالربو أيضاً، وعند فحص الأيض وجد أنه يتميز بالافتقار إلى الأحماض الدهنية ويغوساكاريدس (oligosaccharides) التي تشتق من حليب الثدي، والتي تكون مضادة للالتهابات، فيما تم العثور عليها في الأطفال الذين يمتلكون اثنين من اقل أثنين تعرض لخطر جراثيم الأمعاء.

وفيما كان الباحثون يقومون بخلط خلايا مناعية لمانحين بالغين في عينات دم  لمصابين بحساسية وربو، كانت مزارع الخلايا أكثر قابلية على تطوير الالتهابات الخلايا التائية، والتي ترتبط مع الحساسية. وأيضا انخفاض نسبة التمثيل الغذائي للخلايا التنظيمية التائية التي ظهرت في وقت سابق لقمع الاستجابات التحسسية.

وقد قامت الباحثين بتحديد الدهون بشكل خاص، حيث وجد نوعين وهما ما يطلق عليهما (12,13-DiHOME) والتي كانت موجودة عند وجود مخاطر عالية في عينات حديثي الولادة. وأوضح لينش أن الدهون لوحدها قاردة على كبت “مجموعة الخلايا التائية اللازمة لمنع الاستجابات التحسسية. وهذا أمر مثير للغاية لأنه يشير إلى أن الأيض الخاص بجراثيم أمعاء حديثي الولادة قد يشكل عامل مهم في حياة الخلايا المناعية المرتبطة بتطور المرض عند حديثي الولادة”.

وقال ديتيرت “هذه التجربة لها مساهمة كبيرة في تحديد العلاقة المحتملة التي تسبب ضعف المناعة”.

ويواصل الباحثون متابعة الأطفال في هذه الدراسة لتقييم وظائف الرئة عند بلوغهم الحادية عشر من العمر لتشخيص الربو بشكل نهائي. وأوضح جونسون “الأطفال في عمر 4 سنوات يكون تشخيصهم بالربو غير مؤكد. يمكن أن تكون مجرد أعراض لا تؤدي للربو الفعلي بعد عدة سنوات”.

يخطط الفريق أيضاً إجراء دراسة مع فريق آخر يؤخذ فيها العوامل البيئية التي يمكن أن تؤثر على تطور الجراثيم في الأمعاء. فهناك بعض العوامل ثبت تأثيرها على المجموعات الميكروبية المتعايشة في الأمعاء بعد الولادة، ومن هذه العوامل: الرضاعة الطبيعية، الوقت منذ الحمل، وطريقة الولادة.

فقد قال فينلي “ما لدينا الآن هو الارتباط، وأن ما نحتاج إليه هو المزيد من الفهم للآليات التي تؤثر على الجراثيم والمناعة”.

المصدر:

Anna Azvolinsky, “Neonatal Gut Bacteria Might Promote Asthma“, the-scientist.com, September 12, 2016