صناعة وجه في المختبر هو تحدي كبير . اكثر من ٣٠ شخص حول العالم قاموا بعملية زراعة وجه منذ نجاح تلك العملية لأول مرة في فرنسا عام ٢٠٠٥. منذ ذلك الحين والجدل مستمر متنقلاً من المخاوف الأولية بخصوص تلك العمليات الى الإجراءات والممارسات التي ممكن ان تساهم في تطوير تلك التقنية. باعتبارها علاج ناجع للخلاص من تشوهات الوجه والذي يمكن ان يحسّن حياة الفرد، فان الاحتياجات الطبية لمثل لعمليات كهذه تم تشخيصها وان النتائج بدت مشجعة حتى الان.

صناعة وجه في المختبر مهمة طويلة لكننا نقطع اشواطاً فيها

بالتأكيد ان هنالك فسحة لأحداث تحسينات، كون تلك الممارسات لا زالت في أيامها الاولى والقيام بها نادر الحدوث.  على سبيل المثال، ان رفض النسيج المزروع تبقى العقبة الرئيسية في مثل عمليات كهذه، وهذا يعني بان المريض يحتاج الى جرعات من دواء كابت للمناعة ( immunosuppressive ) بعد زراعة الوجه للاستمرار في حياته. وهنالك ايضا معوقات اخرى تجعل من عملية زراعة الوجه صعبة، على سبيل المثال مطابقة صنف الدم، العمر، طبقة الجلد ولون الشعر.

ان تلك المشاكل تظهر بسبب كون المريض يحصل على وجه جديد يعود الى شخص اخر. لكن ماذا سيكون عليه الحال اذا حصل المريض على وجه جديد يُصنَع من خلاياه هو؟ ليس تطعيماً من مكان اخر من جسم المريض، وانما خلايا جديدة يتم زراعتها وتنميتها في المختبر للحصول على وجه جديد يحتوي مواصفات المريض نفسه. كم من الوقت نحتاج للوصول الى تلك الإمكانيات الجديدة ؟

للوصول لتلك المرحلة يجب الاعتماد على الخلايا الجذعية – بشكل خاص تلك التي تدعى الخلايا المحفزة  pluripotent، والتي بامكانها تجديد نفسها بشكل مستمر وإنتاج تقريباً اي نوع من انواع خلايا الجسم. ان تلك الخلايا اشتقت لأول مرة من الأجنة الناتجة من عملية IVF والتي تم التبرع بها لأغراض البحث كونها فائضة، لكن بإمكاننا الان الحصول على تلك الخلايا من خلال اعادة برمجة الخلايا الناضجة كتلك التي تكون موجودة في الجلد. هذا يعني انه بالإمكان أخذ قطعة من نسيج الجلد، وإعادة برمجة تلك الخلايا ضمن مرحلة الخلايا المحفزة pluripotent ، وبعد ذلك يتم استعمالها كبداية لإنتاج العديد من الأنسجة الحية- بضمنها الوجه.

طبقة من التعقيد

ان صناعة الوجه هي عملية معقدة جداً بالمقارنة مع انتاج نوع واحد من الخلايا، لكن الباحثون في ذلك المجال حققوا تقدماً ملوحظاً للوصول الى ذلك الهدف. ان الخلايا المحفزة pluripotent تم استعمالها لإنتاج العديد من الأنواع المختلفة للخلايا الموجودة في الجلد، وقد تضمن ذلك خلايا الكرياتين والميلانين والتي توجد في الطبقة الخارجية للبشرة، بالاضافة الى الخلايا الليفية والخلايا الشحمية والخلايا البلعمية الكبيرة (macrophage) التي تكون موجودة في الطبقة الثانية للجلد (أدمة باطن الجلد). وللحصول على أنسجة معقدة مصنعة داخل المختبر، قام باحثون امريكيون بمزج خلايا ليفية مع خلايا كرياتينية مشتقة من خلايا جذعية لإنتاج نماذج لأنسجة جلدية كاملة السمك. لكن يبقى التحدي المستقبلي لتك التقنية يتضمن انتاج عناصر وظيفية معقدة التركيب مثل بصيلات الشعر وخلايا التعرق.

ان اغلب التقدم الحاصل في عملية انتاج الخلايا ناتج عن التطبيق العملي في نطاق صغير لإنتاج كميات صغيرة جداً من النسيج. هنالك وثبة طويلة بانتظارنا للوصول الى انتاج عدد كافي من الخلايا التي من الممكن ان تنمو لتكون وجه قابل للزراعة. مع ذلك فان التكنولوجيا في تقدم مستمر، وبفضل عدد من التقنيات مثل الربوتات ومفاعل حوض الدوران stirred-tank bioreactor اصبح من السهل تنمية وإنتاج الخلايا بإعداد كبيرة. ايضا تقنيات مثل طباعة الخلايا cell printing باتت تعرف بأحد الوسائل المستعملة لإنتاج أنسجة معقدة عن طريق ترتيب الخلايا ضمن تراكيب ثلاثية الأبعاد. ان تلك التكنولوجيا تعتبر في مراحلها الاولى، لكن من الممكن ان تستعمل في نهاية الامر للدمج بين الخلايا والبروتينات البنائية لطباعة وجه كامل من قالب يتم تصميمه بواسطة البرامجيات.

بينما بدأت معظم العقبات التقنية بالتآكل، فان القصور الأساسي لاستعمال الخلايا المحفزة pluripotent لإنتاج خلايا اخرى حتى هذه اللحظة هو الجدل حول الأداء الوظيفي لتلك الخلايا. بالمقارنة مع خلايا في الجسم، فان الخلايا المنتجة مختبرياً عادة ما تودي وظائفها عند مستوى وأطيء (على سبيل المثال، تؤلف القليل من البروتينات الرئيسية)، مع ذلك فان تقنية الأنسجة ثلاثية الأبعاد تصمم لتحاكي الظروف الجسمية والتي من الممكن ان تصل الى طريقة لمعالجة ذلك.

أيضاً ان تقنيات الانتاج تلك غير موحدة بشكل تام ان الخلايا المستعملة في زراعة الأعضاء بحاجة لان تكون ذات جودة عالية، وإذا لم نكن قادرين على تنميتها وفق مستوى قياسي مناسب، فان عملية الزرع قد تتسبب بمشاكل مناعية داخل الجسم مثلاً رفض العضو المزروع او التسبب بأورام.

قيمة الوجه

اذا كان كل ذلك يوحي بأن هنالك طريق طويل للوصول الى ذلك الهدف، فان الأخبار الجيدة تقول بان تلك الرحلة ستجلب لنا الكثير من الفوائد في مجالات تصميم الامراض diseases modeling (احداث أمراض بصورة طبيعية او مختبرية على الحيوانات) و تطوير صناعة الأدوية. ان جلد الانسان يستعمل حالياً للتعرف على ظروف بعض الأمراض مثلاً شفاء جروح المصابين بداء السكري و سرطان الجلد. بتقدم تقنية استعمال الخلايا المحفزة سيكون بالإمكان انتاج أنسجة بشرية على نطاق واسع تستخدم في اختبار عدد كبير من الحالات، ومن المحتمل انها ستوفر قدرات أفضل للتنبؤ مقارنة مع التجارب على الحيوانات.

باختصار، يبقى الطموح كبير عند التفكير باستخلاص خلايا من نسيج جلدي، وانتاج و توسيع خط الخلايا الجذعية، ثم تمايز تلك الخلايا الى انواع مختلفة من خلايا الجلد، وبعد ذلك هندستها الى قطع من الأنسجة القابلة للزراعة. حتى عندما نقوم بحل الألغاز المتعلقة بوظائف الخلية و حجم الانتاج، فان اي تقنية تستعمل لإنتاج وجه من خلايا للمريض نفسه تتطلب اختبارات سلامة مكثفة. ان التقدم الذي حصل مؤخراً بزراعة أنسجة لشبكية العين مشتقة من الخلايا المحفزة في عين امرأة يابانية يعتبر مشجع جداً، لكننا قد نحتاج الى عقود من التطور للوصول الى صناعة جلد قابل للزراعة كوجه. فيما يتعلق بما يمكن تحقيقه،  نحن بالكاد نتعامل مع جزء بسيط من الموضوع.

 

http://www.livescience.com/54104-how-long-until-human-faces-can-be-printed-in-a-lab.html