ويتم عادة تصوير تعزيز ذكاء الحيوانات إلى مستوى قريب من ذكاء البشر عن طريق كتاب الخيال العلمي ومنتجي الأفلام. ولكن العلماء مهتمون بذلك أيضا. حيث تشير البحوث الجديدة إلى أنه يمكن تعزيز ذكاء الحيوانات عن طريق التعديات الوراثية والعصبية.

الغالبية منا تابع سلسلة أفلام كوكب القردة (the Planet of the Apes)، والذي فيه يتسابق الإنسان مع القردة الذكية للسيطرة على كوكب الأرض. ففي هذه السلسلة يمكن للقردة التكلم باللغة الإنكليزية وركوب الخيل واستخدام الأسلحة النارية. فالحيوانات المعززة، أو الحيوانات المعدلة بيولوجيا والتي تمتلك ذكاء الإنسان، عادة ما تظهر في أفلام الخيال العلمي الشعبي، مثل القردة والكلاب والدببة والفئران. بعيدا عن الخيال العلمي ومع تطور تكنولوجيا تعزيز الذكاء الحديثة لم نتمكن من تعزيز أي من هذه الحيوانات إلى الآن على أرض الواقع.

كما أن الدراسات الحديثة تشير إلى أنه يمكن تعزيز ذكاء الحيوانات من خلال إجراء تعديلات عصبية على الدماغ. وهذه الدراسات تأتي مع بعض القيود. فمنح أي حيوان ذكاء بشري لا يتطلب فقط التعديلات العصبية، بل يجب أن يقوم العلماء بالعديد من التغيرات وعلى جميع الجوانب البيولوجية في الكائن وكذلك علم وظائف الأعضاء على حد سواء. وما تقوم به الأبحاث في مجال علم الوراثة والأمراض العصبية هو تمهيد الطريق لتعزيز ذكاء الحيوانات. وفي أضعف الأحوال يمكن لهذه الدراسات ان تثير تساؤلات هامة في مجال الأخلاقيات البيولوجية، والأسئلة التي تكون ذات فائدة للمختصين والأشخاص الآخرون على حد سواء.

ففي العام الماضي اكتشف الباحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الجين البشري (FOXP2)، والذي يبدو أنه مهم في امتلاك الإنسان اللغة، من حيث قدرتنا على إنتاج الكلام وفهمه. واقترح الباحثون أن (FOXP2) يحول الخبرات الجديدة إلى إجراءات روتينية، وهذا يعتبر عنصر أساسي في اكتساب مهارات لغوية. وعندما قام الباحثون بتعديل الفئران وراثيا بإضافة جين (FOXP2) أصبحت الفئران تحل المتاهات بشكل أسرع من الفئران العادية. وتشير هذه النتائج إلى أن هذه الجينات ساعدت الفئران على تحويل الخبرات إلى ذكريات. والفأر الذي يعرف تغيرات والتقلبات يستطيع أن يحل المتاهة بشكل أسرع. ويعتقد العلماء أن التعديلات الجينية على الحيوانات يمكن أن تساعد أدمغتهم بشكل أساسي على تكوين الكلام واكتساب اللغة.

وفي دراسة أخرى أجريت من قبل جامعة ويك فورست في عام 2012، استخدم الباحثون القردة لدراسة الأمراض الانتكاسية، مثل مرض الزهايمر. قام الباحثون بإعطاء القردة أدوية تحاكي مرض الزهايمر، وتمت إخضاع القدرة لاختبارات الذكاء، ووجد أن القردة التي أعطيت الأدوية كانت أسوء في اختبارات الذكاء من القردة التي تم تعطى الأدوية. وبعد ذلك قام الباحثون بزرع أجهزة صناعية عصبية في القردة المريضة، وتزرع هذه الأجهزة في الدماغ لتعزيز نشاط الخلايا العصبية، حيث استعادة القردة وظيفة الدماغ الطبيعية بشكل سريع. وثم قام الباحثون بزراعة نفس الأجهزة في القردة العادية، وسجلت هذه القردة مستويات أعلى في اختبارات الذكاء. وخلص فريق ويك فورست إلى أن الأجهزة العصبية لا تستعيد ذكاء القردة التي فقدت قدرتها بسبب المرض، ولكن ترفع القدرات العقلية للقردة العادية أيضا.

في ضوء النتائج الأولية لهذه الدراسات، يمكن أن يسبب تعزيز ذكاء الحيوانات في المستقبل الكثير من التوقعات والجدل. فمفهوم الحيوانات المعززة يغير وبشكل جذري الرؤى المستقبلية، ربما تجد شمبانزي يتكلم مع البشر، والأبقار تحتج على المجازر، والببغاوات تأخذ حصص الرياضيات. ونحن لن نتمكن من الحصول على التكنولوجيا اللازمة لتحقيق هذه التوقعات في الماضي. ومع ذلك، فقد أثارت هذه الخيالات جدال حول أخلاقيات الحيوانات المعززة.

وقد قام بعض الفلاسفة وعلماء المستقبل بوضع القضية لصالح تعزيز الحيوانات. فعالم الأخلاقيات البيولوجية جورج دفورسكي (George Dvorsky) يفترض أنه من الضروري تعزيز ذكاء الحيوانات، حيث يقول أنه من أمر ملزم للبشر تعزيز معرفة الحيوانات عند إتاحة التكنولوجيا اللازمة لذلك. ويقول دفورسكي إنه سيكون من الإهمال وغير الأخلاقي أن يحجب البشر عمدا تكنولوجيا تعزيز ذكاء الحيوانات. ويقول كاتب الخيال العلمي ديفيد برين (David Brin) بناءا على حجة دفورسكي أنه واجب أخلاقي على الإنسان كسر “سقف الذكاء الزجاجي” لمساعدة الأنواع الأخرى.

وعلى العكس من ذلك، فإن العديد من علماء الأخلاق البيولوجية يتساءلون عما إذا كان تعزيز الحيوانات ممكن علميا أو حتى مرغوب فيه. في حين أن الكثير من الحيوانات لا تتناسب فسلجيا لتعزيز نشاطها العصبي أو تكون طرق تواصلها غير مفهومة. ففي الممارسة العملية تتطلب زيادة ذكاء الحيوانات العديد من التعديلات وبشكل غاية في الصعوبة، حيث تتطلب تعديلات على أدمغتهم وأجسادهم جنبا إلى جنب. وبالإضافة إلى ذلك يقول الباحث من بول رافين (Paul Raven) من جامعة شيفيلد، إن حجة دفورسكي لتعزيز الذكاء تشوبها عيوب: في هذه الفلسفة يجب أن نفترض أن الذكاء البشري هو الهدف النهائي للتطور، وهذا غير صحيح بالضرورة. كما يثير رافين مسألة موافقة الحيوانات، والحيوانات لا يمكنها التعبير عن موافقتها على إجراء تعزيزات عصبية.

تعزيز ذكاء الحيوانات لتصبح قريبة من ذكاء الإنسان قد يكون سيناريو خيالي، كما أن إمكانيته من الناحية العلمية يثير تساؤلات معقدة. والبحوث التي أجريت مؤخرا في معهد ماساتشوستس وويك فورست، تكشف لنا أن التعديلات العصبية يمكن أن تعزز ذكاء الحيوانات. ومع ذلك، فالعلم لديه طريق طويل ليقطعه قبل أن تصل التكنولوجيا إلى مستوى تكون قادرة على القيام بتغيير جذري في أجسام وعقول الحيوانات. وفي هذه الأثناء تثير احتمالية تعزيز ذكاء الحيوانات الكثير من المسائل الأخلاقية، خصوصا في إعادة علاقتنا الحالية مع الحيوانات الأخرى. القدرة على تعزيز ذكاء الحيوانات ليست سوى خيال علمي في الوقت الحالي، كما أنه فكرة ترتكز على حقائق علمية وثقافية. ففي بعض الأحيان يكون التفكير في هذه الحقائق أكثر صعوبة من الخيال.

المصدر:

Xu, C. (2015, May 08). Science or Science Fiction? Uplifting Animals. Retrieved February 24, 2017