المخاطرة سلوك معدي بحسب دراسة حديثة . هناك عدد لا يحصى من الآباء الذين سألوا ابنائهم هذا السؤال، “ماذا لو رأيت أصدقائك يقفزون من الجسر، هل ستقفز انت أيضاً؟”.
بالرغم مم ان تاريخ الانسانية لم يسجل بالضبط اول حالة لطفل جال بعينه وتجنب الرد على هذا السؤال، فقد تبين ان من حق الآباء ان يقلقوا بهذا الخصوص. وذلك لان الناس الآخرين الذين يحيطون بِنَا قد يؤثرون على قرارنا عند التفكير بالمخاطرة، طبقاً لدراسة جديدة.
في تلك الدراسة، قام الباحثون بدراسة سلوك الأفراد عند مخاطرتهم بالمال فوجدوا ان المشاركين يكونون اكثرا ميلاً للمخاطرة بعد مراقبتهم لسلوك اخرين قاموا بالمخاطرة بالمال أمامهم.

المخاطرة سلوك معدي
يستخدم علماء الاجتماع مصطلح “العدوى السلوكية” عند تفسيرهم لظاهرة معينة يقوم فيها الناس بتغيير معتقداتهم، اراهم او حالتهم العاطفية لتتطابق مع الآخرين الذين يحيطون بهم. صرح بذلك شنسوك سوزوكي احد المشاركين في هذه الدراسة وهو باحث دكتوراه في علم الاعصاب من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا.
كما ان تلك الدراسة أظهرت ان الناس يميلون لسلوك المخاطرة طمعا في الاقتراب من الآخرين الذين يُعرفون بأنهم مخاطرين، صرح بذلك سوزوكي للايف ساينس Live Science.
لكن تضمنت تلك الدراسة، ان الناس يميلون لاجتناب المخاطرة اذا وجدوا ان الآخرين يجتنبون ذلك أيضاً، أضاف سوزوكي.

اعمال خطرة

كما تضمنت هذه الدراسة مشاركة ٢٤ شخص يشاركون بأعمال مقامرة. حيث أعطي كل مشارك اربع ثوان لاتخاذ قرار اذا ما كان سيقول نعم، وبذلك يضمنوا الفوز بـ ١٠$ او يستمر بالمقامرة للحصول على مبلغ اكبر.
وفي بعض الأحيان طلب منهم ان يشاهدوا اخرين غيرهم يقومون باتخاذ نفس الخيار، او طلب منهم ان يتنبؤوا بردود الآخرين (اذا ما كانوا سيخاطرون بالمقامرة او لا)، بدون ان تكون لهم القدرة على رؤية النتائج المترتبة عن تلك الخيارات -اذا ما كانت مربحة او لا.
وجد العلماء انه عندما لا تكون هنالك فرصة للمشارك بمشاهدة خيارات الآخرين، فان أغلبية المشاركين تصرفوا بحذر، وكانوا ميالين لاختيار الرهان الأكثر ضماناً.
لكن عندما كانت هنالك فرصة للمشاركين لمشاهدة الآخرين الذين قاموا بالمخاطرة في رهاناتهم، فانهم كانوا ميالين أيضاً لاتباع الرهان الاخطر، حتى مع عدم علمهم اذا ما كانت تلك المراهنات الخطرة قد أتت أكلها لولئك المخاطرين ام لا.
“ان النتائج الحالية اشارت الى ان الفرد الذي يجد الفرصة لمشاهدة احد اخر يقوم بالمخاطرة أمامه، فان عامل تفضيل المخاطرة عند ذلك الفرد يتاثر بصورة مباشرة”. خلص الى ذلك العلماء.
ايضا قام العلماء في هذه التجربة بمراقبة نشاط دماغ المشترك، لتحديد ماذا يحصل عند المستوى العصبي للمشترك عند مشاهدته لمستويات متفاوتة من المخاطرة يقوم بها الآخرون، بالاضافة الى مراقبة نشاط الدماغ عند قيامهم بخياراتهم الخاصة.
ان مسح الدماغ كشف عن الآتي: كان هنالك نشاط عصبي في منطقة الدماغ المرتبطة بأعمال المراقبة والتعلم عند مراقبتهم للآخرين. لكن مسح الدماغ اظهر ايضا نشاط في منطقة اخرى من الدماغ- تدعى caudate nucleus والتي ترتبط عند الانسان مع سلوك تقييم المخاطر- والذي تغير بعد مشاهدة المشارك لآخرين يجتنبون المخاطرة.
ان تلك النتائج وفرت خارطة عصبية توضح كيف ان مشاهدة المخاطرين يودي الى “العدوى” لدى المشاهد وبالتالي تشجيعه على القيام بنفس السلوك الخطر، حسب المشاركون بتلك الدراسة.

السلوك المعدي

هنالك دراسات اخرى بينت ان الأشخاص يقومون حقاً باتباع تصرفات معينة لآخرين. الضحك عادة يوصف بانه سلوك معدي، ذلك ما أظهرته دراسة قام بها باحثون من إنكلترا عام ٢٠٠٦، ابتداءً من إشارات الدماغ الى حركة عضلات الوجه الى الابتسامة، فإنها تكون استجابة الى ضحك الآخرين. دراسات اخرى بينت ان التثاؤب سلوك معدي ايضا- خصوصا عند الأصدقاء- وهذا شيء حقيقي بالنسبة للشمبانزي وللذئاب أيضاً.
دراسة اخرى في عام ٢٠١٣ في مجلة Royal Society Interface أظهرت ايضا التصفيق كمثال على السلوك المعدي، وقد وصف احد الباحثين ذلك بانه تعبير عن الاستحسان لأداء ما ينتقل من شخص لآخر حتى يصيب اغلب المشاهدين للعرض.
هذه الدراسة قد توفر طروحات لفهم أنماط المخاطرة الموجودة في الاسواق المالية، اقترح سوزوكي ذلك بإظهار فهم المخاطرة الذي من الممكن ان يتغير بمجرد الاطلاع على خيارات الآخرين عند المخاطرة.

هذه النتائج نشرت في مجلة Proceeding of the National Academy of Science بتاريخ ٢١ آذار ٢٠١٦.
http://www.livescience.com/54113-contagious-risk-taking.html