استطاع ستيفن هوكينغ الفيزيائي الشهير إبهار السكان في هذا الكوكب بالعديد من النظريات في الفيزياء النظرية، وخصوصا أفكاره حول الثقوب السوداء والثقالة الكمومية. على الرغم من انه يطل على جمهوره مع كرسي متحرك في الكثير من الأحيان، وذلك لأنه مصاب بمرض (ALS) وهو شكل من أشكال الأمراض الحركية العصبية. ومنذ عام 1985 وهو يتكلم بواسطة كمبيوتر خاص به، حتى أصبح شبه علامة تجارية خاصة به. وقد قضى هوكينغ 30 عام يعمل بروفيسور في الرياضيات في جامعة كامبيردج “University of Cambridge” وحاليا يشغل منصب مدير الأبحاث في مركز مدرسة علم الكونيات النظرية”school’s Center for Theoretical Cosmology”.
ويبدو أن هوكينغ حالة فريدة من نوعها، ليس فقط بالنسبة لعقله، لكن أيضا كأحد الأشخاص المصابين بمرض (ALS)، فان معظم المصابين بهذا المرض لا يستمرون سوى 5 سنوات بعد تشخيصهم، كما هو الحال بلاعب البيسبول الشهير لو جيهريج والذي سمي المرض على اسمه في الأوساط الشعبية في الولايات المتحدة الأمريكية، فقد توفي ليو بعد خمس سنوات من تشخيصه بالمرض. وتم تشخيص هوكينغ للمرة الأولى وهو في عمر 21 سنة، ولم يكن من المتوقع أن يرى عيد ميلاده ال25.
لماذا عاش هوكينغ كل هذه المدة مع هذا المرض بينما هنالك الكثير من الأشخاص لم يستطيعوا؟
هنا يتحدث أستاذ مشارك في علم الأعصاب ليو مكلوسكي وهو يشغل أيضا مدير المركز الطبي الخاص بمرض (ALS) في جامعة ولاية بنسلفانيا، لمعرفة المزيد عن هذا المرض والسبب الذي مكن هوكينغ من العيش كل هذه المدة.
ما هو (ALS)، وهل هنالك نوع واحد من هذا المرض؟
(ALS)، والذي يعرف أيضا باسم “motor-neuron disease” وكذلك يعرف بصورة شعبية في الولايات المتحدة باسم مرض لو جيهريج ” Lou Gehrig’s disease”، هو مرض يصيب الأعصاب. حيث يتم التحكم في عضلات الجسم بواسطة الخلايا العصبية الحركية الموجودة في الفص الجبهي في الدماغ. ويتم التحكم في هذا بواسطة تشابكات كهربائية الموجودة في الخلايا العصبية الحركية الموجودة في الجانب الأسفل من الدماغ، وكذلك تنقل الإشارات عن طريق الخلايا العصبية الحركية الموجودة في الحبل الشوكي. ويطلق على الخلايا الحركية الموجودة في الدماغ “الخلايا العصبية الحركية العليا”، بينما يطلق على الخلايا الموجودة في الحبل الشوكي “الخلايا العصبية الحركية السفلى”. ويسبب هذا المرض ضعف في الخلايا العصبية الحركية العليا أو السفلى أو كليهما.
فقد كان من المعروف لبعض الوقت أن هنالك أنواع من مرض (ALS). واحد هذه الأنواع هو أن يصاب المريض بضمور في العضلات بشكل تدريجي (PMA)، مما يعني أن المرض قد أصاب الخلايا العصبية الحركية العليا، ولم يصل إلى الخلايا العصبية السفلى.
وهنالك نوع أخر يسم التصلب الجانبي الابتدائي (PLS) ويبدو هذا النوع سريريا وكأنه اضطراب في الخلايا العصبية الحركية العليا.
وهنالك متلازمة كلاسيكية تسمى “progressive baldor palsy” أو الشلل التدريجي، والتي تضعف العضلات في الجمجمة، مثل اللسان والوجه وعضلات البلع، ومن ثم ينتشر إلى العضلات في الأطراف.
هنالك أربع أنواع من الاضطرابات في الخلايا العصبية الحركية، فقد كان يعتقد لفترة من الزمن أن هذه الاضطرابات تقتصر على الخلايا العصبية الحركية فقط، لكن من الواضح انه غير صحيح، فقد وجد أن 10% من المرضى يمكن أن يتطور المرض لديهم ليصيب أجزاء أخرى من الدماغ، مثل الفص الجبهي والذي لا يحتوي على خلايا عصبية حركية أو الفص الصدغي. وحتى بعض المرضى يمكن أن يتطور المرض لديهم حتى يصيبهم بالخرف، ويسمى حينها خرف الفص الصدغي الأمامي “frontal-temporal lobe dementia”.
فيعتقد البعض أن مرض (ALS) يصيب فقط الخلايا العصبية الحركية، وهذا المفهوم خاطئ.
ما أظهرته حالة ستيفن هوكينغ المرضية؟
ما حصل في حالة هوكينغ المرضية هو انه اضطراب متغير في نواحي عديدة. فالعديد من الأشخاص يعيشون 2-3 سنوات بعد التشخيص، وبعض الأشخاص يعيشون لفترة أطول، وهنالك أشخاص يعيشون لفترة طويلة جدا.
ويعتمد متوسط عمر الأشخاص على أمرين: الأول هو استمرارية عمل الخلايا العصبية الحركية المسؤولة عن الحجاب الحاجز وعضلات التنفس، فقد يموت الناس بسبب فشل في الجهاز التنفسي. والأمر الثاني هو تدهور عضلات البلع، والتي يمكن أن تؤدي إلى سوء التغذية والجفاف. أذا لم يحدث للمريض هاذين الأمرين فمن المحتمل أن يعيش طويلا، وحتى أن ازدادت حالته سوءا. وما حدث لستيفن هوكينغ امرأ غريبا.
هل عاش هوكينغ كل هذه المدة لأنه تعرض للمرض وهو في سن صغيرة؟
عادة ما يتم تشخيص المرض في سن المراهقة، ولكن من المحتمل أن يكون اكتشاف الصغر في السن له دور في ذلك، فهو نوع الذي يتطور فيه المرض بشكل بطيء جدا. فهنالك بعض المرضى تم تشخيصهم في سن لمراهقة وما زالوا على قيد الحياة وهم في السن 40 و 50 و60 من عمرهم. فلازال الأمر قي الدراسة.
فانه مثال جيد جدا لعزل الأجزاء الغير حركية في الدماغ من الإصابة بالمرض.
ما هو معدل تكرار حالات التقدم البطيء للمرض؟
هي نسبة منخفضة جدا.
هل تعتقد أن طول عمر ستيفن هوكينغ جاء بسبب الرعاية الممتازة التي يتلقاها أم بسبب أن المرض الذي لديه مختلف من الناحية البيولوجية؟
ربما قليلا من الاثنين، فلا نعرف ستيفن هوكينغ إلا عن طريق التلفزيون، وبذلك لا نعرف التدخلات الطبية التي حصل عليها. لكنه لم يكن على جهاز التنفس الصناعي، فبذلك هو اختلاف بيولوجي للمرض أو الأعصاب التي تتحكم بالجهاز التنفسي، أما صعوبة البلع فمن الممكن أن يعتمد على أنبوب تغذية لمنع إصابته بالجفاف أو بيولوجية المرض.
من الواضح أن لدى هوكينغ عقل منتج، ومن التصريحات السابقة له يبدو أن لديه نظرة ايجابية للحياة، على الرغم من حالته الصحية، هل هنالك دليل على أن نمط الحياة الايجابي له دور في مساعدة المرضى؟
لا يعتقد انه يضيف شيء إلى طول العمر.
إلى الآن لم نجد علاج لمرض (ALS)، فهل ما تعلمناه في الفترة الأخيرة قد يساعدنا على إيجاد علاج للمرض؟
ابتداء من عام 2006 أصبح من لواضح أن مرض (ALS) حاله حال الكثير من الأمراض العصبية الأخرى، فهو يحدث نتيجة لتراكم غير طبيعي للبروتينات في الدماغ. 10% من هذا المرض هو وراثي ويعتمد على الطفرات الجينية. ومن الأكيد أن هنالك جينات مسببة للمرض، ولكن هنالك العديد من الجينات التي من المحتمل أن تسبب المرض، وكل جين مثير للاهتمام لأنه يؤدي إلى تراكم نوع مختلف من البروتينات في الدماغ. وان معرفة الجينات يعطينا نظرة حول آليات معينة في الدماغ من الممكن أن تكون الأساس لإيجاد العلاج. ولكن هذا لم يحدث إلى الآن.
ماذا تعني حالة ستيفن هوكينغ للأشخاص المصابين بهذا المرض؟
أنها حالة فريدة، فريدة بحيث تبين التفاوت الشاسع في هذا المرض مما يعطي الأمل للمرضى بأنهم من الممكن أن يعيشوا حياة طويلة. ولكن لسوء الحظ، أنها تحدث لنسبة ضئيلة من الأشخاص.
المصدر: http://www.scientificamerican.com/article/stephen-hawking-als/