قامت لجنة مؤلفة من ٧٧ عالم من متخصصي علوم الغلاف الجوي والجيوكيمياء بإدلاء رأيهم بشأن الخطوط المثيرة للجدل في السماء
نرى هذه الأيام مشهداً مألوفاً يَتمثَّل في: خطوط ضبابية متقاطعة في السماء خلفتها الطَّائرات المارَّة. ومع ذلك، فيعتقد الكثير من الناس أنَّ هناك شيئاً آخر يحدث. يَدَّعي مؤيدي نظرية المؤامرة، والذين أطلقوا على مسارات التَّكثف التي تُخلِّفها الطَّائرات مصطلح الكيمتريل، بأنَّ هذه المسارات من بخار الماء المتكثِّف ما هى إلَّا جزء من برنامج سري للتحكم بالطقس، أو تغيير المناخ، بل وحتى التحكم بعقولنا.
وقد جمع أصحاب نظرية المؤامرة ملفات ضخمة من الأدلة التي تَدَّعي أنَّ الكيمتريل أطول، أفتح، ولا يتبدد سريعاً بالمقارنة بمسارات التَّكثف العادية التي تتركها الطائرات. بل ويمتلكون صوراً، وحكاياتٍ، وعيناتٍ، جمعوها من الهواء والماء. على الرغم من أنَّ العلماء ناضلوا منذ فترة طويلة ضد هذه الادعاءات التي لا أساس لها من الصحة، فلم يُحرزوا الكثير من التقدم. ولكنْ يأمل الباحثون بمعهد كارنيجي للعلوم في وضع حدٍ لتلك الشائعات بهذه الدراسة الحديثة.
قدَّم الباحثون الأدلة المتاحة على الكيمتريل إلى ٧٧ من علماء الغلاف الجوي والجيوكيميائيين لتقيمها. يقول كين كالديرا، عالم متخصص بعلوم الغلاف الجوي وأحد المؤلفين المشاركين في الدراسة، في بيان صحفي: لقد شعرت أنَّه من المهم أنْ أُظهِر بشكل قاطع ما يعتقده الخبراء الحقيقيون المتخصصون في مسارات التَّكثف والهباء الجوي. ويضيف، قد لا نتمكن من إقناع المؤمنين المتعصبين بأنَّ برنامج الرش السِّري المحبوب لديهم ما هو إلَّا إحدى خيالات جنون الارتياب، ولكن نأمل في أنْ يتقبل أصدقاؤهم الحقائق.
سُئل العلماء في الدراسة، التي نُشِرت في دورية Environmental Research Letters، عما إذا كانوا قد اكتشفوا سابقاً في أبحاثهم دليلاً محتملاً على وجود برنامج حكومي للكيمتريل. وقد أجاب ٧٦ عالماً من أصل ٧٧ بالنفي.
وقد أشارت سارة إيمرسون في Motherboard، أنه عُرِضَت عليهم صوراً يُفتَرض أنها تحتوي على الكيمتريل. وبعد الفحص، لم يرَ أحد من الباحثين أيُّ دليل على أنَّ مسارات التَّكثف الموجودة بالصور كانت مختلفة عن تلك المسارات العادية.
أخيراً، عُرِضت عليهم تحاليل لعينات من رواسب البرك والثلوج والهواء التي يَدَّعي جامعوها أنها ملوثة ببقايا من الباريوم، الألمنيوم، النحاس، والسترونشيوم من الكيمتريل. وقد قال الباحثون أنَّ ٨٠ إلى ٨٩ في المائة من العينات يُمكِن تفسيرها بظواهر أبسط كثيراً من الكيمتريل.
من المحتمل أنْ يكون نشأ جنون الكيمتريل مع تقرير نشرته القوات الجوية عام ١٩٩٦ تحت عنوان الطَّقس كمضاعف للقوة، والذي يتكهن كيف يُمكِن للجيش أنْ يُطوِّر تقنية لتعديل الطقس بحلول عام ٢٠٢٥، طبقاً لتقرير آنالي نيويتز وآدم شتاينر بموقع i09. وقد أثارت أيضاً براءة اختراع تم تسجيلها عام ١٩٩١، لتقنية تتعلق بنشر جسيمات في الغلاف الجوي العلوي قادرة على أنْ تعكس ضوء الشمس وبالتالي إبطاء ظاهرة الاحتباس الحراري، فضول المنظرين. وقد انبثقت نظرية مؤامرة الكيمتريل إلى الوجود على الانترنت في أواخر التسعينات بعد أنْ انتشرت حكاياتٍ قصصية عن نباتات تموت وأشخاصٍ يمرضون بعد أنْ خلَّفت الطَّائرات مسارات تكثُّف فوق منازلهم.
ومنذ ذلك الحين، تنبثق هذه القضية بشكل دوري في وسائل الإعلام. طبقاً لاستطلاعات السياسة العامة، يعتقد حوالي خمسة بالمائة من الأمريكيين بالكيمتريل. وبالطبع، فهذا أكثر من الأربعة بالمائة الذين يؤمنون بنظرية مؤامرة الأشخاص السحالي الذين يسيطرون على سياستنا، ولكنه أقل بكثير من عدد الذين يؤمنون بذي القدم الكبيرة (المعروف بساسكواتش) أو أنَّ الاحتباس الحراري خدعة.
بالتالي، إذا لم يكن ذلك برنامجاً حكومياً، فلماذا يَدَّعي المزيد من الناس أنهم يرون المزيد والمزيد من مسارات التَّكثف؟ يقول إيمرسون أنَّ مسارات تكثف الطائرات أصبحت تدوم فترة أطول مما كانت عليه من قبل بسبب التَّغيرات في تكنولوجيا المحركات النَّفاثة. بالإضافة إلى ذلك، فقد تُغذِّي أيضاً الزيادة الحادثة في السفر الجوي خلال العقدين الماضيين، كما يقول كالديرا، الاعتقاد في الكيمتريل، ويضيف أنَّ التَّغيرات الجوية الناجمة عن الاحتباس الحراري قد تؤدي إلى بقاء السحب الاصطناعية لفترة أطول مما اعتادت عليه.
راجعته لغوياً: ريام عيسى
المقال الأصلي:
Jason Daley, “Science Officially Debunks Chemtrails, But the Conspiracy Will Likely Live On“, smithsonianmag.com, August 22, 2016, link: www.smithsonianmag.com/smart-news/science-officially-debunks-chemtrails-conspiracy-live-180960139/