برنامج الشفق النشط عالي التردد (HAARP) الموجود في أمريكا ولاية ألاسكا، يدعي الكثير ان هذا البرنامج السري الحكومي بامكانه ان يغير حالة الطقس، بامكانه ان يصنع العواصف والاعاصير وحتى الزلازل وايضاً رفع درجة حرارة الغلاف الجوي. ويدعى أيضاً بان هذا البرنامج قادر على تحطيم اي طائرة في اي مكان في العالم وبامكانه السيطرة على عقول ضحاياه حول العالم. على سبيل المثال، لقد ألقي اللوم على هذا المشروع في حدوث الهزة الارضيّة وتسونامي في عام ٢٠١١ في اليابان؛ إعصار أوكلاهوما عام ٢٠١٣؛ الانهيار الأرضي في الفلبين عام ٢٠٠٦.

تمهيد بسيط عن فيزياء الغلاف الجوي

ان الغلاف الجوي يتكون من تروبوسفير، ستراتوسفير، ميزوسفير، ثيرموسفير، اكزوسفير وايونوسفير. يتكون الغلاف الأيوني من الأشعاع المتأين ( متحول الى أيونات). يأتي هذا من الرياح الشمسية وتكون كلها محصورة ضمن الغلاف الأيوني في حالة البلازما القريبة. يمثل الغلاف الأيوني بيت اضواء الشفق وهو أيضاً عاكس ممتاز للموجات الراديوية. لذلك يمكن استعمال هذا الغلاف كوسط للاتصالات البعيدة المدى. ان الهدف من برنامج الشفق النشط عالي التردد HAARP هو تعزيز تكنولوجيا الاتصالات وزيادة كفأة الرادارات. على سبيل المثال، لقد قاموا باختراع طريقة لتتبع مسار غواصة تحت الماء باستعمال موجات ELF ( هي موجات واطئة التردد بشكل كبير جدا لا يمكنها المرور خلال مياه البحر بسهولة).

ممن يتكون هذا البرنامج ؟

يتكون هذا البرنامج من مرصد وحقل بمساحة ٢٨ ايكر يحتوي على ١٨٠ هوائي عالي التردد كل واحد منها يبلغ طوله ٧٢ قدم، بطاقة بث قصوى تصل الى ٣٦٠٠ كيلو واط. رغم ان المرصد يعمل باستمرار الا ان تلك الهوائيات عالية التردد لا يتم تشغيلها الا نادراً في حالة القيام بتجربة معينة وبمعدل مرة واحدة بالشهر. عندما يتم التفعيل، يتم توليد إشارة بواسطة نظام إرسال بعدها يتم إرسالها الى تلك الهوائيات لتبثها باتجاه الأعلى، ليتم امتصاصها بشكل جزئي عند ارتفاع ١٠٠-٣٥٠ كم. ان كثافة تلك الإشارات عالية التردد في الغلاف الأيوني هي اقل من ٣ ماكرووات/ ٢سم، هي اقل بعشرات الآلاف من الإشعاع الكهرومغناطيسي الذي يصل للأرض من الشمس. ان هذا المشروع مفتوح للزيارة وطرح الأسئلة في كل صيف وبإمكان الزائر رؤية كل شيء هناك. اما بقية السنة فالموقع مخصص لإجراء الأبحاث والدراسات ومن الجامعات التي تشارك في الأبحاث هي جامعات ألاسكا، ستانفورد، ولاية بن، كلية بوستون، دارتموث، كورنيل، ماريلاند وغيرها من الجامعات. يوجد أيضاً عدة محطات أبحاث تشبه HAARP حول العالم مثل Sura في روسيا، EISCAT في النرويج وArecibo observatory في بورتريكو.

ما الغرض من انشاء برنامج الشفق النشط عالي التردد HAARP ؟

اذا لم يكن الهدف من إنشاءه هو التلاعب بالطقس واحداث الزلازل والعواصف، ترى ما الهدف الحقيقي من إنشائه ؟ ان إشارات الاتصالات والملاحة ترسل عبر الغلاف الجوي وتلك الإشارات تستعمل لأغراض متعددة منها العسكري والمدني. توجيه الصواريخ يعتمد على البث والإرسال الرقمي والذي من الممكن ان يتأثر بعدد من المؤثرات الطبيعية او الاصطناعية. نظام تحديد الموقع (GPS) والاتصالات المشفرة كلها تحتاج لان تكون مؤمنة خلال أوقات الحروب بغض النظر عن الظروف الكهرومغناطيسية والجوية. لذلك ان دراسة تلك التأثيرات كانت السبب الرئيسي وراء مساهمة القوة الجوية الامريكية وسلاح البحرية الامريكية في تمويل هذا البرنامج برنامج الشفق النشط عالي التردد (HAARP). بالاضافة الى ذلك، من خلال ترديد الإشارات على ارتفاع ١٠٠كم، اصبح بإمكان برنامج الشفق النشط عالي التردد HAARP توليد موجات ذات تردد وأطيء جداً (ELF) بقدرة ١هرتز، والذي بالإمكان استخدامه في قطاع الاتصالات خصوصا في الغواصات.

تكنولوجيا تعديل او التلاعب بالطقس

ان افضل طريقة معروفة لنا اليوم لتعديل الطقس هي استمطار السحب (cloud seeding)، والتي لم تصل لمرحلة الكمال. هناك الكثير من الشكوك الصادرة من العلماء تجاه تلك التقنية والتي يعتقدون بان لها تأثير بسيط جداً على صناعة الأمطار. تلك التقنية ظهرت منذ مدة طويلة، مع ذلك لم تشهد تقدماً كبيراً رغم ملايين الدولارات التي صرفت على تطويرها خلال الخمسين سنة الاخيرة. ادعت الصين انها استخدمتها بنجاح في أولمبياد ٢٠٠٨، لكن في الحقيقية انه يبدوا انهم استطاعوا ان يمنعوا المطر في يوم الافتتاح فقط.

نظريات المؤامرة تلك عن برنامج HAARP .. لماذا؟

هنالك اسباب عدة لذلك الامر والتي منها، ان هذا المشروع يمول جزئياً من قبل وكالة أبحاث الدفاع المتقدمة للجيش الامريكي (DARPA)، لذلك تتصاعد الأصوات من هنا وهناك ضد ذلك المشروع. على سبيل المثال، في عام ٢٠١١ ادعى رئيس فنزويلا هوگو شافيز ان هذا المشروع هو السبب في حدوث زلزال هاييتي. بينما الحقيقة ان هذا الزلزال حدث بسبب انزلاق صفائح تكتونية على طول حدود الكاريبيان مع شمال أمريكا. كذلك ادعى الرئيس الإيراني محمد احمدي نجاد ان المشروع كان المسؤول عن الفيضان المدمر الذي حدث في باكستان.

انه لمن المحزن لاصحاب نظرية المؤامرة ان يعرفوا بان برنامج الشفق النشط عالي التردد HAARP لا يمتلك اي تأثير على الطقس. ان تردد الطاقة التي يبثها لا يمكن لها ان تمتص من قبل تروبوسفير (الطبقة السفلى للغلاف الجوي) او ستراتوسفير (الطبقة العليا للغلاف الجوي) وهي الطبقات المسؤولة عن انتاج مناخ الارض ، فقط بواسطة الغلاف الأيوني والذي يبعد عدة كيلومترات عن اعلى نظم الطقس في الغلاف الجوي.
كما يمكن لاصحاب نظرية المؤامرة ان ياخذوا نفساً عميقاً لان هذا المشروع أعلن عن توقيفه في صيف عام ٢٠١٤، إذن من الان عليك ان تجد شيء اخر لتلومه على حصول الاعاصير والزلازل وارتفاع درجات الحرارة.

المصادر

http://skepticproject.com/articles/haarp/
https://www.metabunk.org/haarp-debunked-and-explained.t1650/

Brian Dunning. “HAARP Myths.” Skeptoid Podcast. Skeptoid Media, 7 Oct 2008. Web. 7 Apr 2017.

https://www.rt.com/news/161672-haarp-closure-weather-experiments/
http://www.livescience.com/45829-haarp-shutdown.html