العرافة هي المعرفة الميتافيزيقية المزعومة للحدث قبل وقوعه، إمكانية رؤية المستقبل، وتُعرف بالاستبصار أو الإدراك الحاد (clairvoyance) إذا كانت أن تستند إلى المخدرات أو أي طريقة صناعية.

من المستحيل التمييز بين مفاهيم الخرافة المزعومة كالتخاطر، العرافة، الاستبصار، تلقي المعرفة عبر الالهام الإلهي، أو تلقي المعرفة من البعد الحادي عشر أو أياً كانت الطريقة فكلها تصب في نفس المبدأ غير القابل للتحقق وغير القابل للكشف والمفتقد لأي دليل.

باستطاعتنا التكهن بالمستقبل، بإمكان أي شخص أن يفعل هذا وبشكل روتيني، ولكن بالاستناد عادة إلى الخبرة، المعرفة، المحيط، صحيح أن بعض العرافين قد جعلوا التنبؤات تتحقق ولكن باستطاعة أي إنسان عادي فعل أمر مماثل بلا أدنى شك بالاعتماد على جزء لابأس به من إحساسنا بالحدس الذي يوقظ اللاشعور في ثانية طبيعية، لكن هذا يعتمد على قدرات طبيعية تماما وعادية لا على قدرة غامضة أو خارقة للطبيعة.

إن الشخص القادر على الوصف الدقيق والمفصل للأحداث المستقبلية وبشكل منتظم يمكن فعلا إعتباره شخص متنبئ، لكننا لم نستطع العثور على أي مخلوق من هذا النوع في التاريخ، كل ما ذُكر في التاريخ عن النبؤات والمتنبئين هو محض مبالغات اسطورية.

في عام 1994 نشر البيولوجي روبرت شيلدريك بحثا حول (جايتي) وهو كلب موهوب يمتلك قدرات خارقة مزعومة  (يفترض أن له قدرة بحيث يشعر بعودة مالكه إلى المنزل مع قوى أخرى غير مفهومة للحيوانات). ولكن إعادة الفحص الذي قام به شيلدريك من قبل عالمي النفس ريتشارد وايزمان وماثيو سميث مع الكلب جايتي عاد بالفشل في إشارة الى الخلل في التجربة الأصلية التي قام بها روبرت شيلدريك (المعتقدات بخصوص الكلاب شائعة بين مؤيدي الخوارق).

العرافة والهاجس وتجارب دين رادين

إحدى آخر المحاولات لإثبات واقعية العرافة استند على الحس الباطني واعتمدت على ما يُعرف بـ (الاستجابة الجلدية الجلفانية) وهذه الاستجابة تمثل التباين في كهربائية الجلد نتيجة لعوامل معينة كالقلق، غير أن القياسات التي كانت تجري وتُعزى لعمليات تنبؤ وخضوع لما يسمى الهاجس لم تكن معروفة السبب وكان ممكن عزو أي إشارة أخرى من الجسم كإشارات الدماغ أو ما يتم رصده عبر الرنين المغناطيسي الوظيفي إلى الهاجس المزعوم الذي يجعل الناس يتنبؤون بالأحداث.

في عام 1993 كان لدين رادين فكرة تتضمن ربط توصيلة لقياس كهربائية الجلد للشخص الخاضع للاختبار قبل وأثناء وبعد مشاهدة صور مثيرة أو غير مثيرة للعواطف ثم نرى ما إذا استجاب الجهاز العصبي اللاإرادي بشكل مناسب قبل ظهور الصورة في إشارة إلى حدوث تنبؤ. أكمل رادين أربعة اختبارات وبنتائج مختلفة ولكن لحسن حظه فإن كفة التحليل الاحصائي كانت تنقذ الموقف.

كانت التجربة الأولى متواضعة (24 شخص)، رأى رادين  رد الفعل  2 ـ 3  ثانية بعد عرض الصورة، لكن ما أراده ووجده كان بأنه وجد رد الفعل يحدث قبل الصورة بثانية واحدة وذلك بإحتمالية 1 من كل 500 حالة.

التجربة الثانية شملت 50 شخصاً ولم يقل عنها شيئاً سوى: “التوقعات مضت بالإتجاه الصحيح” أما التجربة الثالثة فقد قال أنه حصل على نسبة تنبؤ في عدد من الحالات يبلغ 1 من كل 2500 حالة وفي الثالثة كان قد غير الصور وبرنامج الحاسوب وبعض الأشياء، أما الرابعة فلم يحصل على أي دليل.

يقول رادين إثر تجاربه تلك أن الشخص يتنبأ بالصورة ذات المعنى العاطفي قبل أن يراها.

لاحقاً وثق رادين هذه التجربة ونشرها وكما ذكرنا فقد أنقذ التحليل الإحصائي الموقف، مع إعادة التحليل الإحصائي يتضح لنا أن رادين حصل على ما يبلغ حالة واحدة من كل 125 الف، تلك هي النسبة التي حصل عليها.

الدليل الأكثر صلابة حول العرافة بالنسبة لرادين، هو التحليل التلوي (meta analysis) لكل التقارير المنشورة باللغة الانجليزية عن تجارب الاختيار القسري للعرافة في الأعوام ما بين 1935 و 1987 والتي أجراها تشارلز هونورتون وديانا فيراري. اتبع كلا المؤلفين 309 دراسة في 113 مقال من 62 باحث، ما يقارب مليوني محاولة فيها أكثر من 50 ألف عينة اختبار وكانت هذه الاختبارات ذات اتساق قليل. وتمت بأنواع مختلفة من المحاولات ومن الألغاز (استخدمت البطاقات، النرد، والرموز… الخ) للتوصل إلى طرق عشوائية مختلفة، وأحجام متنوعة من العينات وفترات مختلفة بين الاستجابة. فقط 23 من 62 باحث (37 %) حققوا نتائج إيجابية. ومع هذا اعلن رادين عن احتمالية ان تكون النتائج وعن طريق الصدفة حوالي 10 مرفوعة للقوة 25 الى 1 وقال بفخر ان هذا الرقم يلغي الفرصة للتفسيرات الطبيعية.

المصدر:

Ted Carroll, “Precognition”, Skeptic’s Dictionary,  18-Apr-2016