الطعام يوفر لجسم الانسان نوعين من المغذيات: المغذيات الكبيرة (macronutrients) كالنشويات والبروتين والدهون، والمغذيات الصغرى (micronutrients) و يبلغ عددها نحو 30 مغذي أساسي (essential) كالفيتامينات و المعادن و سميت اساسية (كلمة مهمة جدا) لان نقصها يسبب المرض. مثلا نقص الحديد يسبب فقر الدم ونقص فيتامين دي3 يسبب هشاشة العظام. وكلا نوعي المغذيات الكبيرة والصغيرة يمكن تكميله عند الضرورة. فبالإمكان حقن الدهون والبروتينات وريديا لمرضى الغيبوبة الراقدين لفترات طويله بالمستشفيات ومنها ما يتناوله لاعبي كمال الاجسام وهذا النوع لا يتم استغلاله تجاريا بشكل كبير بالمقارنة مع المكملات للمغذيات الصغيرة.

نحن لا نحتاج المكملات الغذائية إذا كان الغذاء متنوعا ومتوازنا ولا يوجد حالة طبية تتطلب استخدام المكمل الغذائي كما هو الحال مع الحوامل او كبار السن او من يعاني التهابات تقرحية في الأمعاء تقلل من امتصاص الغذاء بشكل طبيعي. فتكميل الغذاء بغير ما نحتاجه من المغذيات الثلاثين الاساسية يعني ارهاق الجسم بجرعات مضاعفة لا يحتاجها الجسم وبالإمكان ان تسبب المشاكل الصحية والتسمم بها. او قد نعرض الجسم لمعادن ومركبات لا يحتاجها الجسم اساسا.

اغلب المكملات الغذائية التي يروج لها او تلك التي يتم شراؤها من خلال موقع الامازون ووسائل التسوق الالكتروني الأخرى لا تستند في مكوناتها (من فيتامينات و معادن و مستخلصات عشبية) الى دليل علمي قوي و لم يتم تجريبها سريريا على عدد كبير من الناس و يقتصر أغلبها على التجريب على الحيوانات فقط و بدراسات ضعيفة و بالرغم من كل هذا فإنها تباع بأسعار غالية جدا مستغلين جهل الناس و القوانين حول بيع هذه المنتجات تحت عنوان المكملات الغذائية و هي في الحقيقة مجرد مواد كيميائية غير مدروسة. و كمثال على الاستغلال التجاري والعلم الزائف الترويج لاستخدام الكلوروفيل.

الكلوروفيل هو الصبغة الخضراء للنبات. كل النباتات على سطح الارض تمتلك هذه الصبغة من أجل عملية البناء الضوئي. فالشركة التي تنوي استخلاص هذه المادة من النبات لن تحتاج الى نبات في سفوح الهملايا او في غابات الامازون. أي نبات سيفي بالغرض وهذا يعني ان المواد الاولية رخيصه جدا لان الكلوروفيل متوفر بكل مكان و طريقة الاستخلاص بسيطة وغير معقدة و لكن معدل سعر ما يباع من منتجات 15 دولار فاكثر لا يتناسب مع قيمتها للصحة او رخص المواد الاولية.

الكلوروفيل ليس من المغذيات الصغيرة الاساسية الثلاثين لذلك فنقصه لا يسبب أي اختلال او مرض و لا يوجد مبرر طبي او دليل علمي يثبت فوائده التي يروج لها.

الترويج للكلوروفيل كعلاج ليس جديداً، إذ يذكر الدكتور جيمس لوويل (James A. Lowell) ورود إحدى مريضاته قائلة إن طبيباً قد وصف لها الكلوروفيل لأمراض اللثة وذلك في الثمانينات في الولايات المتحدة. ويذكر أيضاً أنه وجد مريضاً آخر يقول إن الكلوروفيل قد وصف له لمعالجة النزيف في القضيب. وعند التحقق وجد الدكتور لوويل أن الكلوروفيل يروج له عند من يبيعونه على أنه علاج للكثير من الحالات الأخرى، بدءاً من تنظيف القولون (هذا إن ثبت جدوى ذلك) وانتهاءاً بشحذ القدرات الدماغية.

الأساس الزائف لذلك وبحسب جيمس لوويل، يعود الى الدكتور تي ام رودولف (T.M. Rudolph, D.C., Ph.D.) الذي لا يرتبط بأي أسس علمية ويتكلم عن دور الكلوروفيل في بث الطاقة في الجو وغيرها من العبارات الرنانة ولأنه “يكسر ثنائي اوكسيد الكاربون السام ويصنع الأوكسجين” (ألا تقوم النباتات بما هو عكس ذلك أيضاً؟) ويوضح لوويل عدم دقة الأوصاف الرنانة التي يقدمها رودولف لدور الكلوروفيل من الأساس.

أما حول دور الكلوروفيل كمضاد بكتيري فيصف لوويل بعض البحوث التي أجريت في مطلع القرن العشرين والتي اتضح عدم صوابها، ثم يسأل جون كيفارت (John C. Kephart) الباحث حول الكلوروفيل لعشرين عاماً فينفي كيفارت المزاعم حول ذلك والتي يربطها البعض بأمراض اللثة ورائحة القدم والفم. مهما تناولنا من الكلوروفيل فهو لن يكون مفيداً لذلك.