لا يتوقف قمر زحل تايتان عن كونِهِ من أكثر الأماكن أثارة للدهشة في المجموعة الشمسية. بنظامه المناخي المشابه لنظام الأرض وأمكانية وجود محيط تحت سطحِه، فإنه المكان الوحيد، عدا الأرض، الذي يمتلك كُتلاً سائلة على سطحِه. وفي أحدِ بحارِه, يوجد نوع من التضاريس الغامضة التي حيرت بالعلماء.

القمر تايتان

مصدر الصورة: الجزيرة تقع في ثاني أكبر بحار تايتان. ناسا/جي بي أل – كالتيك/اي أس آي/كورنيل

تم رصد هذا الشيء الذي وصِف بـِ “الجزيرة السحرية” من صورٍ إلتقطت في عامي 2013 و 2014 بواسطة المسبار كاسيني (Cassini). ظهرت هذه الجزيرة بالقرب من ساحل ثاني أكبر الأجسام السائلة للقمر تايتان, ليجيا مير (Legeia Mare), وتبلغ مساحتُها 260 كيلومتراً مربعاً (100 ميلاً مربعاُ), والتي تقارب مساحة العاصمة الأمريكية واشنطن. بينما تبلغ مساحة البحيرة لوحدِها 130,000 كيلومتراً مربعة (50,000 ميلاً مربعة).

مما يزيد الغموض, فأن هذه الجزيرة لاتظهر في صور الرادار الملتقطة في 2007, ولاتظهر أيظاً في أحدث الصورة الملتقطة التي في الحادي عشر من كانون الثاني (يناير) في 2015 والتي أصدرتها وكالة الفضاء الأمريكية ناسا, في الثاني من آذار (مارس) 2016. هذا يدل على أن بحار القمر تايتان المكونة من الهايدروكابرونات السائلة مثل الميثان, نشِطة.

“يوجد لدينا الأن تأكيد على أن هذه البحار ليست مجرد بِرَكٍ راكِدة في مكانها, بل أنه توجد نشاطية فيها,” هذا ما قاله جايسون هوفكارتنر الذي يعمل في مختبرات الدفع النفاث لناسا (NASA’s JPL – Jet Propulsion Laboratory), والذي نقله موقع نيو ساينتست (New Scientist).

الجزيرة الغامضة في تايتان

الجزيرة واضحة في الصور من 2013 و 2014, وغير موجودة في صور الأعوام الأخرى. ناسا/جي بي ال – كالتيك/اي أس آي/كورنيل

قد يكون أكثر شيءٍ مثيرٍ للحيرة هو أننا لانعرف مالذي يسبب ظهور وأختفاء هذهِ الجزيرة. النظرية المهيمنة حالياً هي أنها في الحقيقة أمواج تتحرك ببطء على سطح تايتان, فقد وضعت نظرياتٌ مسبقاً عن وجود موجاتٍ صغيرة, لايتعدى أرتفاعها المتر الواحد, ومن المحتمل أنها تتحرك على بحار القمر تايتان على وتيرة مترٍ واحدٍ في الثانية. قد يكون ظهور وأختفاء هذه الجزيرة هو أول دليل مباشر على وجود هذه الموجات.

بالرغم من ذلك, توجد نظريات أخرى. قد تكون هذه الظاهرة بسبب فقاعاتٍ صاعدةٍ من أعماق ليجيا مير, والتي يبلغ العمق فيها في بعض الأماكن 170 متراً (560 قدماً). وقد تكون أيظاً مادة صلبة أنفصلت من قعر البحر وصعدت للسطح بشكلً مؤقت وبعدئِذٍ غرِقَت.

تدعم النظرية المعللة لهذهِ الظاهرة بالأمواج, حقيقة أن النصف الشمالي لهذا القمر, حيث يوجد هذا البحر, يدخل في الصيف, حيث تدوم السنة على تايتان 30 سنةً أرضية. من المتوقع أزدياد سرعه الرياح خلال فصل الصيف, والتي قد تزيد من أرتفاع هذهِ الموجات.

في نيسان (أبريل) 2017, سيقوم المسبار كاسيني بأخر عمليات الرصد لهذهِ المنطقة, قبل أن يغوص في الغلاف الجوي لزُحل في نهاية ذلك العام. سينتظر العلماء بفارغ الصبر المزيد من الصور لكي يروا أذ ظهرت هذه الجزيرة مجدداً أم لا.