منذ أكثر من 10 أعوام تم إطلاق كاسيني وهيجنز بهدف استكشاف نظام كوكب زحل حيث تم الاتفاق على هبوط المسبار “هيجنز ” على سطح قمر تيتان أكبر قمر تابع لكوكب زحل وهو فريد من حيث امتلاكه جواً ضبابياً من النيتروجين والميثان و(مواد اخرى من الهيدروكاربونات) لدراسة غلافه الجوي وسطحه، كما تم الاتفاق على جعل السفينة كاسيني تدور في مجال زحل لأغراض البحث. ومن حينها وكاسيني تستكشف زحل وأقماره وترسل صوراً وقياسات تعد من أفضل ما أتى إلينا عن هذا النظام. حيث أغفلت دراسات هيجنز للتيتان وركزت على دراسة هيكل حلقات زحل، المعروفة بكونها أكثر نظم الحلقات الكوكبية إمتداداً، وهي تتكون من جليد الماء و مواد صخرية، لتكتشف كاسيني مؤخراً أن قمر إنسيلادوس مثير علمياً.
فالقطب الجنوبي لإنسيلادوس يحتوى على ينابيع مياه ساخنة تخرج من محيط تقع تحت قشرته الجليدية وبعض من المياه تهرب للفضاء عن طريق شقوق في الجليد. تحتوى هذه الينابيع على مواد عضوية بدائية ضرورية لنشأة الحياة كما نعرفها على الأرض.
لكن لم يتوفر دليل على مصدر طاقة لإطعام الحياة المحتملة حتى الآن حيث لم يكشف كاسيني عن الهيدروجين الذى يلعب هذا الدور على كوكب الأرض فى رحلاته الأولى. لكنّه أخيراً وجد الهيدروجين الجزيئي الذي كان يبحث عنه، وبكميات كبيرة جداً وهذا يعنى أنه كان يتم إنتاجه بشكل مستمر. ربما عن طريق التفاعلات الحرارية المائية المماثلة التي تحدث بالقرب من الشقوق الساخنة فى الجزء السفلي من محيطات الأرض.
فى البداية، لم يكن هناك طريقة لتحديد ما إذا كان الهيدروجين قد جاء من القمر ام من المركبة ذاتها. فجسيمات الينابيع كانت قد تفاعلت مع جدران المركبة المكونة من التيتانيوم منتجة نفس نوع الهيدروجين الذي تنتجه العمليات الحرارية المائية في محيط إنسيلادوس. كان على فريق البحث أن يضع المطياف فى وضع يمكنه من قياس الجزيئات دون أن يسمح لها بلمس جدرانه.
ولكن هل فقط كون المكان مناسب للحياة فهل يعني ذلك بأن الحياة موجودة فيه؟ لا نستطيع الإجابة لأننا لا نفهم أصل الحياة على الإطلاق. فالبعض يرى أن وجود الحياة أمرٌ ضروريٌ إذا توفرت الظروف المناسبة والبعض الآخر يرى أنه أمر نادر ويحتاج للكثير من الحظ. والمثال الوحيد لدينا للنشأة المؤكدة للحياة هو كوكب الأرض. لكن لا شك أن جمع المعلومات من إنسيلادوس مع كوكبنا يمكن ان يساعد العلماء في معرفة احتمال وجود الحياة في أماكن أخرى في الكون.
من المحزن أن كاسيني يفقد المزيد والمزيد من الوقود وقد يكون تحطم كاسيني سبباً في تدمير أي نظام بيئي حي نشأ هناك. لذا فلحماية الحياة المحتملة على أقمار زحل قد يتطلب الأمر تدمير الأداة الوحيدة للكشف عنها.
وهذا سيجعل المعلومات التي تأتي من هناك تتوقف لفترة طويلة فمن المتوقع أن تتعطل المركبة 15 سبتمبر المقبل ولن تصل أي مركبة من ناسا إلى هناك قبل أواخر عام 2020 على أفضل تقدير.
ترجمة: سارة سمير
المقال الأصلي:
Leah Crane,“Cassini finds final ingredient for alien life in Enceladus’s sea”, newscientist.com,13 April 2017