التفاعُلات النووية، والفرق بينها وبين التفاعُلات الكيميائية.

التفاعُلات النووية تتضمن تغييراً في تركيب أنوية ذرات العناصر المُتفاعلة عند تصادمها مع بعضها أو مع جُسيمات دون ذرية (بروتون – نيوترون) وتكوين أنوية عناصر جديدة كُلياً وتكون مصحوبة بإنطلاق كميات هائلة من الطاقة، كما أن نظائر العُنصر الواحد تُعطي نواتج مُختلفة عند تفاعُلها نووياً، أما إذا افترق الجُسيمان الداخلان في التفاعل من دون اختلاف المكونات الداخلة للتفاعُل عن المكونات الناتجة، فلا يُسمَّي هذا تفاعلاً نووياً بل يُسمَّي تصادُمًا مرنًا. أما التفاعُلات الكيميائية فتتم بين ذرات العناصر المُتفاعلة عن طريق الإرتباط بين إلكترونات مستويات الطاقة الخارجية لها ولا يحدث تغيير في أنوية ذرات المُتفاعلات وتكون مصحوبة بإنطلاق أو امتصاص قدر محدود من الطاقة، كما أن نظائر العُنصر الواحد تُعطِي نفس النواتج عند تفاعُلها كيميائياً.

 

ما هي أنواع التفاعُلات النووية؟

للتفاعُلات النووية أربعة أنواع كالتالي:

أولاً: تفاعُلات التحوُّل الطبيعي للعناصر (النشاط الإشعاعي الطبيعي).

في عام 1896 اكتشف العالِم/ هنري بيكريل ظاهرة انبعاث إشعاعات غير مرئية من أحد مُركبات اليورانيوم، ثُم في عام 1898 أطلقت العالِمة الشهيرة/ ماري كوري على هذه الظاهرة مُصطلح النشاط الإشعاعي بعدما أجريت عدة تجارب على هذه الظاهرة. ومِنْ ثَمَّ انصب اهتمامُ الباحثين على معرفة طبيعة هذه الإشعاعات المُنبَعِثة ومُقارنة خواصها، وقاموا بذلك بطريقتين أساسيتين وهُما: مقارنة مدى إنحراف هذه الاشعاعات بتأثير كُلٍ من المجال المغناطيسي والكهربي، وإختبار مقدرة هذه الاشعاعات على إختراق المواد. وقد دلَّت التجارب على أن هُناك عدة اشعاعات مختفلة، تمت مُناقشتها في الجُزء الثاني (القُوى النووية)

ثانياً: تفاعُلات التحوُّل النووي العُنصري.

هذه التفاعُلات تحدُث اصطناعياً على عكس النشاط الإشعاعي الطبيعي، فهي تفاعُلات يتم فيها قذف نواة عُنصر ما (الهدف) بجُسيم ذي طاقة حركة مُناسبة (القذيفة) فتتحول إلى نواة عنصر جديد. والجُسيم المقذوف يُمكن أن يكون واحد من التالي (دقيقة ألفا، بروتون، ديوتيرون، نيوترون)، وللوصول بطاقة حركة القذيفة إلى المستوى المطلوب فيتم تسريعها بأجهزة المُعجِّلات النووية مثل جهاز السيكلوترون أو جهاز فان دي جراف.

وجديرٌ بالذِكر أنَّ أول تفاعل تحوُّل اصطناعي قام به العالِم/ رذرفورد عام 1919 حيث استخدم جُسيمات ألفا كقذيفة وغاز النيروجين كهدف، وتمت العملية على مرحلتين: المرحلة الأولى وهي مرحلة اصطدام جُسيم ألفا بنواة ذرة النيتروجين فتتكون نواة ذرة نظير الفلور غير المُستقرة عالية الطاقة لذا تُعرف بالنواة المُركَّبة. أما المرحلة الثانية: فـعندما تتخلص نواة الفلور من طاقتها الزائدة عن طريق إنبعاث بروتون ثُم تتحول إلى نواة نظير الأكسجين المُستقر.

ثالثاً: تفاعُلات الإنشطار النووي.

هذه التفاعُلات يتم فيها قذف نواة ثقيلة بقذيفة نووية خفيفة ذات طاقة حركة مُنخفِضَة فتنشطر النواة إلى نواتين متقاربتين في الكُتلة وعدد من النيوترونات وطاقة هائلة. فمثلاً عند قذف نواة اليورانيوم 235 بقذيفة نيوترون بطئية، فإن نواة اليورانيوم 235 تتحول إلى نظير اليورانيوم 236 غير المُستقر ثُم تتحول سريعاً إلى نواتين يُطلق عليهما مُصطلح “شظايا الانشطار النووي” أو “الأنوية الوليدة”، وهاتان النواتان قد تكونان (كريبتون – باريوم) أو (زينيون – سترانشيوم) أو (روبيديوم – سيزيوم)، بالإضافة إلى عدد من النيوترونات بما يُحقق مبدأ بقاء الكُتلة. وهُناك حوالي 90 نواة وليدة يُمكن أن تنتج عن هذا الإنشطار النووي أشهرها (كريبتون – باريوم). لكن الأمر لا يتوقف عند ذلك بل توجد سلسلة تفاعُلات تستمر بعد قذف أول قذيفة؛ إذ أن النيوترونات الناتجة من التفاعُل الإنشطاري تقوم بدور القذائف مرة اُخرى مما يضمن تفاعُلات انشطارية اُخرى واُخرى بتلقائية بحتة، ولهذا يُوصَف بالتفاعُل المُتَسلسِل. كما أنه ينتُج عن التفاعُل المُتسلسل طاقة هائلة لإستمرار عملية شطر الأنوية والتي تتزايذ باستمرار التفاعُل مما يضمن انطلاق طاقة هائلة مع كُل انشطار.

الانشطار النووي

الانشطار النووي

رابعاً: تفاعُلات الإندماج النووي.

هذه التفاعُلات يتم فيها دمج نواتين خفيفتين، لتكوين نواة عُنصر آخر أثقل من أى منهما وكتلتها أقل من مجموع كُتل الأنوية المُندمجة، فعلى سبيل المثال يندمج 2 ديوتيرون معاً لتكوين نواة هيليوم ويتحول الفرق في الكُتلة إلى طاقة تساوي 3.3 مليون إلكترون فولت.

تحدث التفاعُلات النووية الإندماجية بكثرة داخل النجوم بل إنها وقود الحياة للنجوم، لكنها صعبة التحقيق في المُختبرات لأنها تتم عند درجات حرارة عالية جداً تصل إلى عشرات ملايين درجة كلفنية. كما تُعتبَر مصدر الطاقة المُدمِّرة في القٌنبلة الهيدروجينية.

المصادر:

“Federation of American Scientists: Status of World Nuclear Forces”. Fas.org. 2016

 “Nuclear Weapons: Who Has What at a Glance”. Arms Control Association. October 2016.

“Nuclear club”, Oxford English Dictionary: “nuclear club n. the nations that possess nuclear weapons.” The term’s first cited usage is from 1957.

Radioactivity Radionuclides Radiation. ‘‘Magill, Galy’’. ISBN 3-540-‎‎21116-0, Springer.

Meitner L, Frisch OR (1939) Disintegration of uranium by neutrons: a new type of nuclear reaction Nature.

“How nuclear power works”. HowStuffWorks.com.

Chmielewski, A.G. (2011). “Chemistry for the nuclear energy of the future”. Nukleonika.

Radiochemistry and Nuclear Chemistry; “Choppin, Liljenenzin and Rydberg”. ISBN 0-7506-7463-6, Butterworth-Heinemann.