أصوات الطيور تتضمن عنصراً أساسياً في لغة البشر :إن ترتيل أصوات غير مفهومة مع بعضها البعض لخلق إشارات لها معنى كان في السابق حكرا على البشر وحدهم، لكن دراسة جديدة أظهرت أن العصافير الثرثارة قادرة على أن تتواصل بهذه الطريقة أيضا.
اكتشف الباحثون في جامعتي إكستر (Exeter) وزيوريخ ( Zurich) أن طائر الكستناء المتوج الثرثار chestnut-crowned babbler -طائر اجتماعي بامتياز وُجد في المناطق الاسترالية النائية- لديه القدرة على نقل معنى جديد من خلال إعادة ترتيب الأصوات الغير مفهومة في نداءاته. هذا التواصل ما هو إلا تذكير بالطريقة التي يصوغ فيها البشر كلماتهم المفهومة. وتكشف نتائج الأبحاث التي نشرت في صحيفة بلوس (PLOS) لعلم الأحياء خطوة أولية ممكنة في ظهور أنظمة لغوية واضحة كتلك التي نستخدمها اليوم.
تقول رائدة الدراسة سابرين إنغيسر (Sabrina Engesser) من جامعة زيوريخ: “رغم أن الدراسات السابقة تشير إلى أن الحيوانات -وتحديدا العصافير- قادرة على ترتيل أصوات مختلفة مع بعضها كجزء من شدو معقد، فإن هذه التغريدات تفتقر بشكل عام إلى معنى محدد. وإن تغيير ترتيب الأصوات ضمن تغريدة ما لا يبدو أنه سيبدل رسالتها الكاملة”.
وتضيف قائلة: “على نقيض معظم الطيور المغردة، فإن عصافير الكستناء المتوجة الثرثارة لا تغرد. عوضا عن ذلك، فإن مجموعتها الصوتية الواسعة تتميز بنداءات منفصلة تتكون من أصوات فردية وسماعية أصغر”.
يقول الكاتب المشارك البروفسور آندي راسل(Andy Russell) من جامعة إكستر (University of Exeter) والذي يدرس العصافير الثرثارة منذ 2004: “نعتقد أن العصافير الثرثارة قد تختار أن تعيد ترتيب صوتين لتنظم معنى جديد، لأن القيام بذلك من خلال الجمع بين صوتين موجودين مسبقا هو أسرع من إنشاء صوت جديد”.
ولاحظ الباحثون أن عصافير الكستناء المتوجة الثرثارة قد أعادت استخدام صوتين -لنفترض أنهما A و -B بترتيبات مختلفة أثناء ممارسة سلوكات معينة. فمثلا، عند التحليق، تولد العصافير نداء طيران (AB)، لكن عند إطعام الأفراخ في العش فإنها ترسل نداءات (BAB) السريعة.
وعندما أعاد الباحثون تشغيل الأصوات، أظهرت العصافير المصغية لها أنها قادرة على التمييز بين أنواع النداءات المختلفة من خلال النظر إلى الأعشاش عندما تسمع نداء الإطعام السريع، ونحو العصافير القادمة عندما تسمع نداء الطيران. لم يتغير الأمر عندما بدل الباحثون العناصر بين النداءين بجعل نداءات الطيران (AB) مكونة من عناصر سريعة (BAB) والنداءات السريعة (BAB) مكونة من عناصر الطيران (AB)، مشيرين إلى أن النداءين قد تم توليدهما في الحقيقة من إعادة ترتيب الأصوات ذاتها.
يقول الكاتب المشارك دكتور سايمون تاونسيند (Dr Simon Townsend) من جامعة زيوريخ: “إنها المرة الأولى التي تظهر فيها القدرة على توليد معنى جديد من خلال إعادة ترتيب العناصر غير المفهومة خارج عالم البشر”.
ويتابع: “رغم أن ندائيْ العصفور الثرثار متشابهين جدا من حيث التركيب، فإنهما ينتجان بسياقات سلوكية مختلفة تماما بحيث أن العصافير المصغية لها تكون قادرة على التقاطها”.
وذكر الباحثون أن عنصر الصوت الأول (B) عند طائر الكستناء المتوج الثرثار هو ما يميز بين كل من أصوات الطيران والأصوات السريعة. قد يكون الأمر قريبا لكلمتي (cat) و (at) في اللغة الإنكليزية، حيث (c) يمثل المعنى الذي يميز الصوت.
ويضيف الدكتور سايمون قائلا: “رغم أن ما يسمى بالتركيب الصوتي هو من نوع بسيط، فإنه قد يساعدنا حتى نفهم أن القدرة على توليد معنى جديد قد تطورت في البداية لدى البشر. من الممكن أن يكون هذا التركيب الصوتي قد ظهر أولا منذ أيام أسلافنا أشباه البشر وأنه كان بهذا الشكل في البداية”.
مراجعة: رمزي الحكمي
المصدر: https://www.sciencedaily.com/releases/2015/06/150629152230.htm