يساعد الروبوت الإجتماعي جديد من (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا Massachusetts Institute of Technology) الطلاب على التعلم من خلال التفاعلات الشخصية.

ملخص: طور العلماء روبوتا إجتماعيا يُدعى (Tega)، صُمم خصيصاً ليكون بمثابة متعلم من الأقران وجهاً لوجه سواء داخل أو خارج الفصل الدراسى. وأظهر الباحثون في إختبار الإعداد لمرحلة ما قبل المدرسة في منطقة بوسطن (Boston)، أن (Tega) يمكنه أن يتعلم ويتطور استجابةً للخصائص المميزة للطلاب.

القصة كاملة

يريد الآباء الأفضل لتعليم أبنائهم، وغالباً ما يشتكون من كثافة الأعداد داخل الفصول الدراسية وانعدام الاهتمام الفردى. ولا يختلف مع ذلك (جورين جوردون Goren Gordon) الباحث في الذكاء الاصطناعي من (جامعة تل أبيب Tel Aviv University)، والذي يدير مختبر (Curiosity Lab) هناك.

يقول (جوردون Gordon) بأنه وزوجته يقضيان الكثير من الوقت مع أطفالهم كلما أستطاعا فعل ذلك، ولكن لاتزال هناك أوقات يظل فيها الاطفال وحدهم دون رقابة. ويودان في تلك الأوقات لو كان لأطفالهم رفيق للعب والتعلم معه. وهكذا الحال، حتى لو كان ذلك الرفيق روبوت.

وقد كان (جوردون (Gordon جزء من فريق العمل ضمن مجموعة الروبوتات الشخصية- في (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT) بقيادة (سينثيا بريزل  Cynthia Breazeal)- الذي طور الروبوت الإجتماعي (Tega)، والذي صُمم ليكون بمثابة متعلم من الأقران وجهاً لوجه داخل الفصل الدراسي أو خارجه.

إن الروبوتات الإجتماعية من أجل التعلم ليست بجديدة، ولكن ما يجعل (Tega) مميزا هو حقيقة أنه يمكنه أن يفسر الاستجابة العاطفية للطالب الذي يعمل معه؛ وبناءً على تلك الاشارات ينشئ استراتيجية تحفيزية شخصية.

وأظهر الباحثون في إختبارالإعداد في فصول مرحلة ما قبل المدرسة، أن الجهاز يمكن أن يتعلم ويحسن نفسه استجابةً للسمات الفريدة للطلاب الذين يعمل معهم. كما أثبتوا أن تلك المساعدة الشخصية أكثر فعالية في زيادة موقف الطلاب الإيجابي تجاه الروبوت والأنشطة من المساعدة غير الشخصية.

وقد أعلن الفريق نتائجه في مؤتمر جمعية (the 30th Association for the Advancement of Artificial Intelligence (AAAI) Conference ) في (فينكس Phoenix)،(اريزونا Arizona)، في شهر فبراير الماضي.

إن (Tega) هو الأحدث من بين الروبوتات الاجتماعية القائمة على خطوط الهواتف الذكية، التي طُورت في مختبر (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا Massachusetts Institute of Technology) للإعلام. وقد دعمت ( مؤسسة العلوم الوطنية الامريكية  National Science Foundation (NSF))- التي تدعم البحوث المؤسسية المتعددة طويلة الامد في المنطقة مع إمكانية حدوث تأثير تخريبي- هذا العمل قبل خمس سنوات بمبلغ 10 ملايين دولار كجائزة في بعثات علوم الحاسب.

الفصول الدراسية التجريبية

قد اختبر الباحثون العام الماضي هذا الروبوت على 38 طالباً- في مدرسة بمنطقة بوسطن- تتراوح أعمارهم بين ثلاث وخمس سنوات، فعمل كل طالب بشكل فردي مع (Tega) لمدة 15 دقيقة في الجلسة الواحدة على مدار ثمانية أسابيع.

لقد صُمم (Tega)- الروبوت ذو الالوان الزاهية المغطى بالفراء- خصيصاً للتمكن من إجراء التفاعلات طويلة الأمد مع الاطفال. وهو يستخدم جهاز روبوت (الاندرويد  Android ) لمعالجة عمليات التنقل، الإدراك، والتفكير، كما يمكنه الاستجابة بشكل ملائم مع سلوكيات الاطفال.

وبخلاف ما سبق، فإن (Tega) مزود بجهاز روبوت أندرويدAndroid  ثانٍ يحتوي على برامج مخصصة طورتها شركة (Affectiva Inc)- التي تدعمها مؤسسة العلوم الوطنية الامريكية (NSF)من قِبل (روزاليند بيكارد Rosalind Picard) من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT- والتي يمكن أن تفسر المحتوى العاطفي لتعابير الوجه، فيما يعرف باسم “الحوسبة العاطفية “.

في محاولة تعلم الطلاب المفردات الإسبانية من جهاز كمبيوتر لوحى tablet ، فإنها تكون محملة من لعبة تعليمية مخصصة لهذا. وكذلك فإن (Tega) ليس فقط بمثابة مدرس، ولكن أيضا هو متعلم من الأقران، ويقدم التشجيع للطلاب وكذلك النصيحة، بل ويشارك الطلاب في الشعور بالضجر والملل عند الضرورة.

بدأ الجهاز بنسخ الاستجابة العاطفية للطلاب- إظهار الحماسة عندما كان الطلاب كذلك، والتشتت عندما يفقدون تركيزهم- والتى أشارت النظرية التعليمية بأنها نهج ناجح. بيد أنه ذهب لأبعد من ذلك وتتبع تأثير كل من هذه الإشارات على الطالب.

وبمرور الوقت، تعلم- الروبوت- كيف أثرت هذه الاشارات على مشاركة الطلاب، شعورهم بالسعادة، ونجاحاتهم في التعلم. وفيما يتعلق بمواصلة الجلسات، فإنها لم تعد تعكس الحالة المزاجية للطفل ببساطة، بل بدأت بإضفاء طابع شخصي على ردودها بطريقة من شأنها أن تحسن تجربة وتحصيل الطالب.

وصرح (جوردون Gordon) في ذلك الشأن قائلاً:” لقد بدأنا باتباع نهج ذا جودة عالية جداً، والمدهش أننا كنا قادريين على إظهار أنه يمكننا فعل ما هو أفضل.”

واستمرت عملية التخصيص(أخذ الطابع الشخصي) بالتزايدعلى مدى الثمانية أسابيع. وقد وجد الباحثون أن الطلاب الذين قاموا باستجابة شخصية كانوا أكثر مشاركة بالأنشطة مقارنةً بجموعة المراقبة التي لم تتلقى سوى رد الفعل المنعكس.

وبالإضافة إلى تعقب التأثيرات طويلة الأمد لعملية التخصيص، درسوا أيضاً التغيرات الفورية التي يحدثها رد الفعل من (Tega) على الطالب. وقد علموا من ردود الفعل هذه- قبل وبعد التخصيص- أن بعض الأفعال مثل التثاؤب أو الوجه الحزين، كان لها أثر في تقليل مشاركة الطالب أو شعوره بالسعادة- كانوا يظنون بشيء ما، ولكن ذلك لم يتم دراسته.

كما صرحت (بريزل Breazeal )- أستاذة مشاركة في الفنون الاعلامية، ومديرة مجموعة الروبوتات الشخصية في مختبر وسائل الاعلام بمعهد (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT)- قائلة:” نحن نعرف أن التعلم من الأقران وسيلة هامة لتعلم الاطفال ليس فقط المهارات والمعارف، ولكن أيضا السلوكيات ونهج التعلم مثل الفضول والقدرة على مواجهة التحدي. وما هو رائع في ذلك أن الاطفال يظهرون تفاعلاً مع (Tega) كرفيق للتعلم بطريقة تفتح آفاقا جديدة لتطوير الجيل التالي من تكنولوجيا التعلم، والتي لا تعالج فقط الجوانب المعرفية لعملية التعلم مثل تعلم المفردات، ولكن أيضاً، الجوانب العاطفية و الاجتماعية كذلك.

إن تلك التجربة بمثابة دليل لفكرة الروبوتات المساعدة في عملية التعلم الشخصي، وأيضاً بالنسبة لجدوى استخدام الروبوتات في فصول دراسية حقيقية. وقد تسبب الجهاز- الذي يعتمد بشكل كامل تقريباً على الشبكة اللاسلكية، يسهل انشاؤه، ويعمل خلف جدار فاصل في الفصول الدراسية النشطة- في ارتباك قليل جداً، طُوق تماماً من قِبل المدرسين والطلاب المشاركين.

وقال (جوردون Gordon) أيضاً:” من الرائع أن نرى بعد فترة من الوقت، أن الطلاب بدأوا بمعانقة (Tega)، لمسه، تقليد تعبيراته، واللعب معه بشكل مستقل بدون أي تدخل أو تشجيع من أحد تقريباً.

رغم أن مدة التجربة كانت شاملة، إلا أن الدراسة أظهرت أن عملية التخصيص استمرت في التقدم حتى أثناء الثمانية أسابيع؛ مما يشير إلى أن التوصل لأسلوب تفاعل أمثل يتطلب مزيدأ من الوقت.

يخطط الباحثون لتحسين بناء و اختبار الجهاز بمجموعة متنوعة من الإعدادات، تشمل: الطلاب الذين يعانون صعوبات في التعلم، ومن يتفاعل وجهاً لوجه؛ لتقديم المساعدة لاسيما الضرورية والتي يصعب الحصول عليها.

كما تقول (بريزل  Breazeal) أيضاً:” إن الطفل الذي لديه فضول أكثر، يكون قادرا على المثابرة أثناء الإحباط، ويمكنه التعلم مع الآخرين كما أنه سيكون متعلما أكثر نجاحاً مدى الحياة. وإن تطوير الجيل التالي من تكنولوجيا التعلم يمكنه أن يدعم الجوانب المعرفية، والاجتماعية، والعاطفية للتعلم بطريقة شخصية جداً و جذابة”.

المصدر: https://www.sciencedaily.com/releases/2016/03/160314101708.htm

ترجمة: إسراء بدوي