عندما تحتل الجآن او الاشباح احد البيوت، يطلق على هذا البيت “الممسوس” او “المسكون”. وليس واضحاً لنا سبب تقييد او حصر تلك الجآن او الاشباح لنفسها داخل البيوت المسكونة في الأحياء السكنية، نظراً لكل قواها المزعومة، فإنه بامكانها التواجد في اي مكان وفي كل مكان في اي وقت تشاء. واذا كانت ترغب فعلاً بإرهاب السكان في مكان ما فانه بامكانها الانتقال من بيت الى اخر لإرهابهم الواحد تلو الاخر.

ان أفكار البيوت المسكونة نشأت بشكل كبير في الأفلام مثل رعب اميتيفيل (Amityville Horror) وهو فيلم خيالي استند الى احتيال حقيقي. بينما يكون من الشائع جداً للقس الكاثوليكي ان يبارك البيت او القيام بما يدعى ” الرقية الروتينية”، فانه ليس من الشائع القيام بما يعرف ” طرد الأرواح الشريرة بشكل حقيقي” في البيت، بصرف النظر عما تم تصويره في هذا الفيلم. في حالة هذا الفيلم، ان الشياطين الحقيقيين كانوا جورج وكاثي لوتز الذين لفقوا قصة غير معقولة لمساعدتهم للتخلص من رهن لا يستطيعون دفعه ومن ثم تمكنوا من الزواج على أنغام الروك. لقد قام الاعلام والدعايات بمساعدتهم في قضيتهم تلك (محطة تلفزيون نيويورك قناة الخامسة)، ومن نصبت نفسها أخصائية بعلوم المعتقدات والشياطين أيد، لورين وارين وايضاً جين كامبل، التي أنتجت صورة لولد بالأشعة تحت الحمراء يقف على سفح السلم، اول ظهور لتلك الصورة كان في استعراض ميرڤ گرفين، بعد سنوات قليلة تم عرض تلك الصورة في بيت اميتيفيل للترويج لأول فيلم عن الرعب المزعوم ذلك.

ولكن ليست كل قضايا البيوت المسكونة هي حالات احتيال واضحة. البعض منها عبارة عن خدع اثيرت من قبل مراهقين مضطربين محاولين الحصول على الانتباه بإخافة آبائهم واخوانهم من الشياطين.

من جهة اخرى بعض الحالات تشمل اناساً طبيعيين يسمعون أصوات ضوضاء غريبة او رؤية ناس ميتين او أشياء تتحرك من دون وسيلة نقل مرئيّة. ان الاستماع الى ضوضاء غريبة في الليل وإطلاق العنان للخيال تعتبر ميزة طبيعية للإنسان ولا تمثل بالضرورة إشارة لنشاط شيطاني او خارق للعادة. كذلك، ان تخيل رؤية أشياء والهلوسة تعتبر حالات طبيعية، حتى لو كانت غير معتادة ونادرة الحدوث عند الأشخاص ذوي الخيال الطبيعي او الخيال النشط جداً.

مع ذلك، فان التسويق لـ “صائدي الاشباح” ازدهر. لقد أصبحوا يظهرون في مساكن مسكونة مزعومة في برامج تلفزيونية حتى. كانوا يظهرون وهم يحملون آلة الكترونية تقوم بالتقاط الحقول الكهرومغناطيسية. عندما تتحرك ابرتها، وهم يدعون بأن هذا دليل على وجود نشاط لروح شريرة، حتى وان كان اي شيء اخر يكون السبب في إطلاق مستوى محسوب من الإشعاع الكهرومغناطيسي.

العديد من الناس يتحدثون عن تغيرات فيزيائية في الأماكن المسكونة، خصوصاً الحديث عن الشعور بحضور شيء معهم يترافق هذا مع انخفاض في درجات الحرارة وسماع أصوات لا يمكن تفسيرها. انهم لا يتخيلون تلك الأشياء. الشعور بالأماكن المسكونة يحدث غالباً في البنايات القديمة، والتي تميل لان تكون عرضة للرياح العالية. العلماء الذين حققوا في قضايا الأماكن المسكونة وجدوا ان المسؤول عن التغير في درجات الحرارة والاصوات المسموعة هو وجود مصدر لرياح عالية يتخلل تلك البنايات، مثل فراغ موجود بين الجدران او بسبب التيارات الناشئة من الموجات الصوتية ذات التردد المنخفض (infrasound) والتي تنتج بواسطة أشياء عادية مثل المراوح. البعض يعتقد ان الحقول الكهرومغناطيسية تحث على الشعور بتجربة الأماكن المسكونة.

اخيراً، كما سجلت في مداخلتي عن الروح الشريرة:

حتى لو قدمت مليون تفسير فيزيائي معقول لمليون حالة عن الأرواح الشريرة في أماكن مختلفة في مليون زمن مختلف، تبقى دائماً احتمالية ان الحالة القادمة التي ستظهر ستكون حقيقية. لذلك، أولئك الذين يؤمنون بالأرواح الشريرة، الاشباح والبيوت المسكونة بامكانهم دائما اللجوء الى حقيقة انه لا احد أبداً يمتلك المعلومات الكافية لكشف زيف كل قصة شبح، حتى وان فعلوا ذلك، فان الحالة القادمة ربما تثبت ان أولئك (كاشفي الزيف) كانوا على خطأ!

كشكوكي، كل ما يمكنني قوله وبكل ثقة انه عندما ينظر المرء الى متطلبات قصة شبح لتكون صحيحة، فان الموقف الأكثر منطقية هو ان هنالك تفسير واقعي لكل تلك القصص التي نسمعها، لكننا لا نمتلك التفاصيل الضرورية لإعطاء ذلك التفسير. يجب علينا ان نعول على الأدلة القولية والتي تكون دائماً غير كاملة وانتقائية والتي عادة ما يتم تمريرها بواسطة المهتمين والراغبين بهذا الامر وهم مجاميع تتصف بأنها  قليلة الخبرة تؤمن بالخرافة والتي تتجاهل قوانين الفيزياء الاساسية. وهكذا، سيكون دائما هنالك قصص على تلك الشاكلة مثل “Bell Witch” والتي جذبت الكثير من الاهتمام، خصوصاً عندما تم تحويلها الى أفلام، مما أدى  بالناس الى الاعتقاد بان هنالك ربما شيء حقيقي بخصوص تلك القصة، حتى وان كانت كل قصص الاشباح الاخرى مزيفة. ان قصة “Bell Witch” المزعومة تضمنت وجود كائن شرير قام بتعذيب عائلة على حدود تينيسي بين عامي ١٨١٧-١٨٢١. من المرجح اننا هنا لا نمتلك الدليل على تلك القضية الذي يتناسب مع عدد السنين التي مرت منذ حدوث تلك القصة المزعومة.

من جهة اخرى، يمكن القول بكل قوة ان هنالك أسباب وجيهة لجعل الاشباح تظهر فقط عند الظلام في أماكن تكون فيها الظروف الطبيعية غامضة مشوشة بطريقة ما وبذلك يصعب رؤيتهم او سماعهم بشكل واضح. نظراً لان الاشباح انفسهم لا يمتلكون حواس، سيكون من غير العادل لهم ان يظهروا نهاراً جهاراً حيث يستطيع كل شخص ان يراهم على حقيقتهم. الاشباح محتالون عنيدون وسيكون من السهل عليهم خداع الانسان في مواقف يسهل فيها التلاعب بحواس  ذلك الانسان. الاشباح ايضاً تستمتع برؤية الناس يخدعون انفسهم، خصوصا الناس الذين يستعملون معدات علمية بطريقة توحي بأنهم لا يمتلكون فكرة عما هم فاعلين. علاوة على ذلك، وجدت الاشباح ان العديد من الناس يخافون من الظلام وهذا الخوف يجعل عمل الاشباح اسهل.

بعض الاشباح وجدت طرق استثنائية لخداع الناس. على سبيل المثال، المحقق في القضايا الخارقة للطبيعة بن رادفورد حقق في قضية شبح سانتا في، نيومكسيكو، كورتهاوس والذي اظهر نفسه في تصوير لإحدى كاميرات المراقبة على شكل بقع تتوهج امام سيارة الدورية والتي كانت مركونة تحت الأشجار.

جاء رادفورد متسلحاً بعقله ومعرفته فقط. لم تكن لديه صدرية مختبر او معدات علمية. لقد أتى بفرضية وقام باختبارها من خلال وضع خنفساء صغيرة على عدسة الكاميرا. متاكد بما فيه الكفاية بانه قام بإعادة صناعة ذلك الشبح في هذا الفيلم. “في النهاية، لقد كانت حقيقة الامر وجود حشرة من نوعا ما على عدسة كاميرا المراقبة” رادفورد الشكوكي المعروف ومدير التحرير في مجلة Skeptical Inquirer. هو يعرف بان الاشباح في احيان كثيرة تظهر على شكل خنافس صغيرة. محاولة رائعة، بن! هو لم يقرأ بوضوح Secret Writings of Descartes: Ghosts on the Machine. ستظهر قريباً على History Channel.

http://skepdic.com/haunted.html