حتى حوالي ٣٠٠٠٠ سنة مضت، تشارك النياندرتال والانسان كوكب الارض، الأقرباء المقربون للإنسان والذين تعايشنا وأصبحنا هجينين معهم. في الحقيقة، جزء من النيندرتال يعيش فينا على شكل اجزاء من الدنا DNA حتى يومنا هذا.
لكن مع ذلك، فان أفراد الانسان العاقل Homo sapiens كانوا فاعلين ضمن عملية أخذ مكان النيندرتال على سطح الارض، هذه المهمة بدأت قبل حوالي ٢٠٠٠٠- ٤٠٠٠٠ سنة مضت.
كيف تمكن الانسان من التفوق على أقربائه؟ يبقى هذا السؤال لغز محير، لكن ادلة أحفورية تركت بعض الإشارات التي من الممكن ان تضع سيناريو محتمل لاختفاء النيندرتال.
هنا نقوم باستكشاف بعض تلك العوامل المُحتملة التي ساهمت في اختفائهم.
ربما ان انسان النيندرتال قد اختفى من سطح الارض بسبب خسارته في لعبة العدد ( أعدادهم مقابل إعداد الانسان العاقل).
عندما تحرك الانسان العاقل من افريقيا الى مناطق ضمن جنوب أوربا حيث يوجد النيندرتال، هذا الامر جعل الاثنين يقفون في موقف منافسة مباشرة بينهم.
مع ازدياد إعداد الانسان العاقل بنسبة تصل الى ١٠ مقابل ١، هذا الامر دفع النيندرتال الى العيش في مناطق فقيرة من حيث توفر الغذاء والمأوى، حسب دراسة نشرت في مجلة ساينس Science. فالصراع على مصادر الغذاء وايضاً التهجين قضى على النيندرتال في نهاية الامر.
التحول الى اكل لحوم بعضهم البعض (cannibalisn) ؟
مع دفع النيندرتال للعيش في مناطق هامشية، من الممكن ان هذا الامر ساهم في أجبارهم الى التحول الى اكل لحوم بعضهم البعض.
ادلة أحفورية اشارت الى تلك المسألة. حيث تم اكتشاف عظام في كهف في فرنسا اظهرت ان مجموعة من النيندرتال قاموا بأكل لحوم اخرين من جنسهم لأجل العيش. هم ايضاً قاموا باكل الانسان.
هذه الممارسة المروعة تسببت بانتشار وباء يشبه وباء جنون البقر الذي تسبب بالموت وباعاقات عقلية لآلاف من الذين قاموا باصطياد واكل الآخرين من جنسهم. هذه السلسلة من الأحداث ربما ساهمت في اختفاء النيندرتال من سطح الارض.
في معركة القوى العضلية، بالتاكيد كان النيندرتال يأتي في المقدمة. لكن في مسألة سباق العدو على الأقدام لمسافات طويلة، كانت الافضلية للإنسان.
الانسان مهيأ للجري لمسافات طويلة، وهذا أعطاه الفرصة للصيد في الأجواء الحارة جداً. من جهة اخرى، النيندرتال كان أقوى وأصلب مقارنة مع الانسان. كان قادراً على الجري بشكل أسرع من الانسان، لكن لمسافات قصيرة. كذلك كان النيندرتال معداً للعيش بشكل افضل في المناخ البارد.
الجري لمسافات طويلة والتحمل ربما أعطى للإنسان الحالي الافضلية لاسيما عند الانخراط في المنافسة مع النيندرتال في مناطق اسيا واوربا.
قد يكون اختفاء النيندرتال حدث بسبب حركة مفاجئة عنيفة، حسب دراسة نشرت في مجلة Current Anthropology .
قبل حوالي ٤٠٠٠٠، حدثت ثلاث ثورات بركانية كبيرة بصورة متلاحقة دمرت مواطن سكن النيندرتال في أوربا وآسيا، تلك الأحداث سارعت في زوال تلك الأجناس.
في مقابل ذلك، عاش الـهومو سابين في مناطق بعيدة عن تأثير البراكين وثورانها. بمعنى اخر، حظ جغرافي بسيط أدى الى تغلب الانسان على النيندرتال.
نظرية الانفجار الكبير
لم يختف النياندرتال دون انفجار كبير، بحسب دراسة في نهاية سبتمبر السنة الماضية في مجلة الانثروبولوجي الان (Current Anthropology)، حوالي قبل 40 الف سنة، سلسلة من ثلاث انفجارات بركانية رئيسية دمرت الأراضي الام للنياندرتال في اوربا واسيا، مؤدية الى التسارع في اختفاء هذا النوع.
الانسان العاقل بالمقابل، عاش في سفوح بعيدة عن سحب الرماد البركاني. بعبارة اخرى، القليل من الحظ الجغرافي قاد الانسان الأول للتغلب على النياندرتال.
قوة الدماغ التي لا يملكها النياندرتال
امتلك النيندرتال القوة العضلية، لكن الانسان سبقه بتطور العقل.
عند الولادة، تتشابه عقول الانسان مع النيندرتال. مع ذلك، خلال السنة الاولى من العمر، تكون فعالية الدوائر العصبية اكثر نشاطاً في العقول البشرية.
رغم ان ذلك لا يعني ان النيندرتال لم يكن ذكياً مثل الانسان، الا ان عقل الانسان الحالي تطور ليدعم معالجة الوظائف العليا مثل الإبداع والتواصل.
هنالك ادلة على ابداع النيندرتال، لكن حتى الان لا يوجد دليل على امتلاكهم لغة معقدة خاصة بهم.
مع ذلك، حسب احدى الدراسات المنشورة في مجلة الفرضيات الطبية Medical Hypotheses، ان نقص التعقيد الادراكي هذا ربما يعني ان النيندرتال لم يعاني من نفس الاضطرابات العقلية التي عانى منها الانسان.
لكن، هذا التميز اثبت انه صافي ربح للإنسان ربما ساعده على النجاة والبقاء ضمن عملية الانتخاب الطبيعي، بحسب احدى التقارير.
لم يكن الانسان والنياندرتال في منافسة مباشرة لوقت طويل، والسبب ان النيندرتال اختفى بشكل أسرع مما نعتقد، طبقاً لدراسة نشرت في Proceeding of the National Academy of Science.
حسب هذا السيناريو، اختفى النيندرتال قبل حوالي ٣٩٧٠٠ سنة– بفرق ١٠٠٠٠ سنة عن الاعتقاد السائد.
منذ ان وصل الـهومو سابين الى مناطق شمال القوقاز في وقت سابق من بضع مئات من السنين، لم يكن هناك الكثير من الوقت للجنسين للتواصل والتفاعل فيما بينهم.
هذه النظرية تلغي اي تدخل للإنسان في مسألة انخفاض إعداد النيندرتال، لكنها تبقي الباب مفتوحاً امام الاحتمالات الاخرى المفترضة لانقراض النيندرتال.
المصدر: http://news.discovery.com/human/evolution/humans-vs-neanderthals.htm