“مجرد نظرية”: 7 مصطلحات علميّة يساء فهمها واستعمالها.
هناك مصطلحات تقنية علمية قد يصعب فهمها من قبل العامة الغير مختصين في العلم.
من أبرزها:
1- الفرضيّة (Hypothesis)
يتم إساءة استخدام مصطلحات مثل فرضيّة، نظريّة وقانون على نطاق واسع من قبل العامة، لدرجة أنّ بعض العلماء يدعون إلى التوقف عن استعمالها. منهم عالم الفيزياء ريت آلان من جامعة لويزيانا في منشور له بمجلة وايرد ساينس (Wired Science) الذي أخبر مجلة لايف ساينس (LiveScience) أنّ الأوان قد فات لمحاولة إنقاذ هذه الكلمات.
الفرضيّة هو شرح أو تفسير مقترح لفكرة يمكن اختبارها، لكنها لم تخضع للاختبار بعد.
2- مجرّد نظرية (Theory)
الخلقيّون و منكرو تغيّر المناخ نشروا استعمالا خاطئا لكلمة “نظرية” لزرع الشكوك حول التطور والتغيّر المناخي.
يقول آلان: “وكأنّ الأمر يصبح غير صحيح لأنّها مجرد نظرية.” هذا رغم وجود كمية هائلة من الأدلة التي تؤكّد التغيّر المناخي الذي تسبب فيه الإنسان و نظرية داروين للتطور.”
سبب سوء التّفاهم هو أنّ المفهوم العاميّ لكلمة نظرية يختلف عن المفهوم العلميّ لها: فالنظرية العلمية هي تفسير ظاهرة من الظواهر في العالم الطبيعيّ وقد تمّ إثباتها من خلال اختبارات متكرّرة. عند الشخص العادي، فإنّ كلمة نظرية هي مجرد فكرة تعيش في رأس شخص ما وليس تفسيرا علميّا قائما على تجارب و فحوصات.
3- نموذج (Model)
حتّى كلمة “نموذج” -وهي المصطلح الذي يراه آلان قادرا على تعويض مصطلحات فرضية، نظرية وقانون- لها مشاكلها. لهذه الكلمة عديد المعاني حسب المجال العلمي. فالنموذج المناخيّ مثلا يختلف كثيرا عن النموذج الرياضيّ.
يقول جون هوكس، عالم الانثروبولوجيا من جامعة ويسكونسن-ماديسون: “كل العلماء من مختلف الميادين العلمية يستعملون مصطلحات تختلف عن غيرهم. ولا أظن أنّ كلمة نموذج تحسّن الأمور رغم كونها حاليّا تبدو كلمة متينة في مجال الفيزياء، بسبب نظرية النموذج المعياري (Standard Model) وهي حاليّا النظرية السائدة التي تصف فيزياء الجسيمات. بينما النماذج في علم الجينات والتطور هي أمر مختلف تماما.”
النموذج العلمي هو عبارة عن تركيب نظري يمثل عملية فيزيائية أو حيوية أو اجتماعية، مع مجموعة متغيرات ومجموعة علاقات منطقية أو كمية بين المتغيرات.
4- الشكوكية (Skeptic)
عندما لا يقبل أشخاص فكرة التغيير المناخي الذي تسبب فيه البشر، تصفهم وسائل الإعلام عادة بالمشككين (skeptic). لكن نعتهم بذلك الوصف قد يعطيهم بعضا من الميثاقية، حسب ما كتبه عالم المناخ مايكل مان من جامعة بنيسلفينا الحكومية في رسالة الكترونية لمجلة لايف ساينس (LiveScience): “مجرد رفض للعلوم بالاستناد على انتقادات واهية، غير صحيحة وذات أجندة معيّنة ليس مدعاة للشكوك أبدا. بل هي مجرد معاداة.” في الواقع، فإنّ المشككين الحقيقيين يكون لهم أدلة علمية ويكونون قادرين على التقييم بحياد.
ويضيف: “على كل العلماء أن يكونوا مشكّكين. فالتشكيك الحقيقيّ هو –حسب وصف كارل ساجان- آلية للعلم ليصحّح نفسه بنفسه.”
5- الطبيعة ضد التنشئة (Nature Vs Nurture)
مصطلح “الطبيعة ضد التنشئة” يتسبب للعلماء في صداع لأنّه يقوم بتلخيص عملية في غاية التعقيد بطريقة جذرية. حسب رأي دان كروغر، مختص بالبيولوجيا التطورية في جامعة ميشيغان، فهو أمر مزعج لعلماء التطور المعاصرين. الجينات قد تؤثر في البشر، لكن هناك عوامل مافوق جينية أيضا (epigenetic).
هذه التغييرات تقرر أي جين يتم اشتغاله، وهي موروثة لكنها أيضا تتأثّر بسهولة بالبيئة التي يتشكّل فيها السلوك البشري. يمكن لهذه البيئة أن تكون الكيمياويات التي تعرّض إليها الجنين في الرحم، أو الحي السكني التي ترعرع فيه الشخص أو حتّى نوع الطعام التي تناوله في طفولته. كلّ هذه العوامل تتفاعل معا بطريقة فوضوية لا يمكن التنبؤ بها. فلا يمكن تلخيصها بسهولة في جملة واحدة: “الطبيعة ضد التنشئة”.
6- ذو أهمية (significant)
إنّها كلمة شديدة المراوغة. فهل تعني أنّ الأمر له دلالة احصائية (statistically significant) أو أنّه هام وحسب؟
في الاحصائيات، هناك ما يسمّى القيمة الاحتمالية (P) وهو عبارة عن عدد يستخدم لتقييم المقاييس الاحصائية. وهي تخبرنا عن حجم الاحتمال بأنّ الاختلاف الذي تمّ قياسه يوافق الصدفة، فالقيمة الاحتمالية الأصغر من 0.05 مثلا تعني بأن الاحتمال أصغر من %5 بأن يكون الاختلاف المقاس بين مجموعتين يقوم على مجرد الصدفة. وفي حالة حدوث ذلك، نقول أنّ هناك فرقا ذو دلالة إحصائية (statistically significant). لكن الدلالة الاحصائية قد لا يمكن ترجمتها ليكون الفرق ذو معنى، عند احصاء عوارض الصداع مثلا، أو معدلات الذكاء.
7- طبيعيّ (natural)
أصبحت تستعمل كلمة “طبيعيّ” كمرادف لكلمات خيّر، جيد و صحيّ. لكن ليس كل شيء اصطناعيّ سيئا للصحة، والعكس بالعكس فليس كلّ أمر طبيعيّ هو بالضرورة صحيّ. الأورانيوم مثلا طبيعيّ، لكن لو قمت بضخّ كميات منه إلى جسمك، فسوف يقتلك.
كلمة “عضويّ” (organic) تطرح نفس المشكلة. فهي لا تعني للعلماء سوى أنّ شيئا ما متكّون من الكربون، لكن الكلمة يتم استعمالها حاليّا لوصف غلال و خضروات تمّت زراعتها من دون المبيدات الحشرية، أو أغطية قطنية من جودة عالية.
تعليم سيئ:

ربما تتم إساءة فهم هذه الكلمات بشكل دوريّ، لكن المشكل الحقيقيّ يكمن في أنّ الأشخاص لا يتحصلون على تربية علميّة دقيقة في المدارس الإعدادية و الثانوية. ونتيجة لذلك، يفشل العامة في فهم كيفية صياغة وتجربة وقبول التفسيرات العلمية.
فضلا عن ذلك، قد يكون الدماغ البشري لم يطوّر القدرة على فهم الكلمات العلمية الهامة مثل فرضيات أو نظريات حسب ما يقوله كروغر. إذ أنّ معظم الأشخاص يميلون لاستخدام اختصارات ذهنية لتسهيل فهمهم وتذكّرهم للمعلومات التي يستمعون إليها بشكل يوميّ.
كما يميلون أيضا إلى وضع علامة فارقة بين أمر صحيح وأمر كاذب أو خاطئ. بينما في العلوم، الأمر أشبه بتواصل، حيث نواصل دائما بناء فهمنا.
المصدر: http://goo.gl/H7bBoZ
لفهم المنهج العلمي، هذا رابط المقال:https://goo.gl/36VvVg

 

ترجمة: أميرة كرايمية                        تصميم: أيمن القربي