عندما تموت الحيوانات فان أجسادها تفرز رائحة كريهة، وهذه الرائحة تكون عبارة عن مادة تدعى بوتريسين “putrescine”، وهو مركب كيميائي ينتج عن تفسخ الأحماض الدهنية في الأنسجة المتعفنة في الجثث. وقد وجدت بحوث جديدة إن البشر يستجيبون لهذه الرائحة، ويعتبرونها كتهديد.
قوة الرائحة
حيث أظهرت هذه الدراسات ولأول مرة، أن البوتريسين يعتبر مادة محفزة تعتبر إشارة تهديد، حيث أن جميع الأدلة السابقة حول الإشارات الكيميائية كانت تدرس الإشارة التي تفرز عن طريق عرق الإنسان. وذلك لان الباحثين كانوا يعتقدون أن تأثيرات الرائحة على تصرفاتنا محدودة ب(الحب،الكراهية) فقط، ومن الصعب التفكير برائحة تجعلنا نشعر بالخوف.
في مملكة الحيوان تعتبر الرائحة شيء أساسي للبقاء، وقد أظهرت دراسات عديدة أن للبوتريسين تأثير قوي باعتباره إشارة كيميائية تدفع الحيوانات إلى الهروب، أو تجنب منطقة ما. وأوضح الباحثون أن البشر يستجيب للرائحة بشكل مماثل، حيث يعتبرها كتهديد، مما يزيد بشكل عام من يقظتنا وتعزيز ردود الفعل لدينا، كنوع من الإعداد والتحضير للهرب أو القتال. وعلى الرغم من هنالك اعتقاد شائع بان الإنسان يفضل القتال في حالة التهديد، الآن أن الدراسات بينت انه عادة ما يفضل الهرب وفي معظم الحالات. وقد اجرى الباحثون دراسة للتأكد من هذه المعطيات وجدوا من خلالها أن تعريض الناس لخطر من شخص غريب يجعلهم يفضلون الفرار، وإذا كان الفرار غير متوفر فيميلون إلى العدوانية (وهذا يشمل اللفظ وكذلك الاعتداء الجسدي).
وقام الباحثون بأربع تجارب على مجموعة من المشاركين، حيث قاموا بتعريضهم للبوتريسين، بوعي وبغير وعي، ومن ثم مراقبة سلوكهم. ومن ثم قارن الباحثون سلوك المشاركين مع تعرضهم لعطور أخرى. كما حدث في التجربة الرابعة عندما قام الباحثون بتعريض المشاركين لثلاث عطور، وهذه العطور – بوتريسين، والأمونيا، أو المياه (محايد). وبعد ذلك جعلوا المشاركين يقرؤون عن طالب أجنبي انتقد نظام القيم الخاص بهم، وطلبوا من المشاركين تقييم هذا الطالب.
وأكتشف الباحثون بعد تحليل النتائج أن البوتريسين قد أدى إلى زيادة العداء مقارنة مع العطور الأخرى، ومن المثير للاهتمام أن روائح الامونيا جعلت المشاركين أكثر حياد. كما كشفت الدراسات الثلاثة الأخرى أن البوتريسين يزيد من اليقظة، مما يؤدي إلى الاستعداد للهرب أو القتال.
كما أن المشاركين في الدراسة لا يعرفون ما هي تأثيرات البوتريسين على سلوكهم، وهو كذلك لأغلب الأشخاص حيث أنهم لا يربطون الخوف برائحة الموت.
وقال الباحثون أن البوتريسين يشير إلى نوع مختلف من الرسائل التي تشير إليها الفيرمونات. لكن ردود الفعل التي تثار عند الإنسان ليس معاكسة لتك التي تحدث عند شم الفيرمونات الجنسية. فكلتاهما ردود فعل إنسانية، سواء بوتريسين أو فيرومونات.