كتبنا سابقا عن كذبة تجويع السرطان وضررها وخطرها على المصابين بالسرطان الذين يعتقدون أنهم بامتناعهم عن الكاربوهيدرات عامة أو السكريات خاصة فإنهم سيوقفون نمو المرض. لكن للأمر أبعاد أخرى عندما يصدر من طبيبة عربية ً تساهم في تجهيل المجتمع العربي. وكان لزاما ً أن نمحص ما تقوله، غير أنها لم تُضف شيئا سوى دعايات وتصريحات يمكن أن يصدرها أي شخص غير مختص بالطب أو بالعلم، يُمكن أن تكتب أن السكر يسبب السرطان وتتوقف. لكن أين دليلك؟ وأي نوع من السرطان؟ وكيف هي آلية حدوث الأمر؟
الطبيبة “ابتسام الحملاوي” سعيدة بأنها حصلت على 9 ملايين مشاهدة لمنشورها الذي يتضمن محاذير عديدة منها ما هو زائف ومنها ما هو حقيقي حول الإصابة بمرض السرطان. تقول ” مريض السرطان الذي يمتنع عن السكر في نظامه الغذائي يرى أن مرضه تراجع ويمكن أن يعيش طويلا. السكر = العدو القاتل” وتنقل مجموعة من النتائج لتقول أنها نتائج خلاصات لما ظهر في مؤتمر برلين حول الأمراض الخبيثة.
لا نعرف أين هو ذلك المؤتمر ولم تُشر له أي من مواقع الأحداث والمؤتمرات والندوات حول السرطان في العالم. تزعم أنها حضرته وأنه حدث في يناير 2018، هل حدث فعلاً؟ لسنا متأكدون حتى الآن. لكن ما نحن متأكون منه هو عدم وجود أي دليل علمي حول العلاقة بين تناول السكر والسرطان (يُمكنكم البحث في أي من مواقع الأبحاث أو في scholar.google.com لإختصار الوقت). يُمكن مراجعة مقالنا (الحقيقة حول تجويع السرطان عبر حرمان الجسم من السكريات)، وقد ورد فيه:
احدى الحالات النادرة الموثقة حول الأمر هي حالتين لمريضتين تم إخضاعهما للحمية الكيتوجينية في مستشفى كليفلاند في الولايات المتحدة ويُذكر أن إحداهما نالت توقفاً في تقدم المرض طيلة 12 شهراً ليس إلا وكان ذلك في عام 1995 ولا يعرف أحد ما جرى بعد ذلك.
حالة أخرى في عام 2010 كانت المريضة تعاني من ورم أورمي دبقي متعدد الأشكال (multi-form glioblastoma)، وكانت بدأت بالحمية منخفضة الكربوهيدرات وبشكل مشدد جداً (مع أقل من 600 سعرة حرارية في اليوم) ثم تم إجراء عملية جراحية لها أتبعت بعلاج كيمياوي استمر لستة أسابيع ومن الجيد أنها شُفيت وبعد ذلك عادت لنمط أقل تشدداً من الحمية الكيتوجينية. لكن ولسوء الحظ فإن الورم عاد للحدوث بعد 8 أشهر، هنا يعزو سايفريد عودة المرض لترك المريضة للحمية (التي يبدو أنها ليست العامل الوحيد في الشفاء إذ كان هناك علاج كيميائي وعملية جراحية).
وفي دراسة أخرى حول 53 شخص لديهم أورام دماغية كانوا يخضعون للعلاج الكيميائي وتم إخضاعهم للحمية الكيتوجينية أثناء ذلك وتم تقييم تأثير الحمية على تقادم حالات المرض فلم يكن هناك تأثير للحمية على تحسن حالة المرض لدى أي من هؤلاء.
وفي ألمانيا تم تجربة الحمية على 16 مريض استنفذوا كل محاولات الشفاء، لم يكن هناك أعراض جانبية لكن معظم المرضى سوى 5 لم يستمروا بالحمية كما ينبغي – حيث طلب منهم الاستمرار لـ 3 أشهر – لكن هؤلاء الخمسة لم يختبروا إختلافاً عن المرضى الآخرين في تقدم المرض بل توفي اثنان منهم مبكراً، وتخلى إثنان لاحقاً عن الحمية، بينما عانى الآخر من تراجع أدى به إلى الرجوع للعلاج الكيميائي.
تقول الطبيبة إبتسام الحملاوي صاحبة الترويج لتجويع الخلايا السرطانية عن بلدها الجزائر:
“قناعتي أن انتشار السرطان بهذه الطريقة الرهيبة في الجزائر يعود لكمية السكر في كل مأكولاتنا مع سكوت السلطات”
وتقول أيضاً:
“أعترف هدفي أن أجعلكم تكرهون السكر، الملح، الحليب ومشتقاته والبلاستيك”
ليس هناك مكان للأجندات والترويج غير العاقل في العلم، شخص متعصب للحمية الكيتونية لدرجة أن يتبناها كعلاج للسرطان لا يُمكن أن يتم تبنيه كمصدر علمي إلا من قبل الفئة التي تصدق الإشاعات وتحتج بمغالطاتها. الإحتجاج بريموند فرانسيس بطريقة تتضمن المؤامرة والدلائل غير العلمية لن تنفع إلا في التجهيل.
كما ذكرنا تسطر الطبيبة مجموعة من استنتاجاتها الشخصية وما تبتغي الترويج إليه معلنة أن ذلك هو نتائج لمؤتمر حدث في برلين، ونحن من العلوم الحقيقية نتحداها أن تشارك معنا الأوراق البحثية التي نشرت في ذلك المؤتمر المزعوم وحقيقة المؤتمر الذي حدث. كل ما ستجدونه في الأنترنت هو ترجمة لمنشور الطبيبة إلى الانجليزية في موقع للتدوينات.
مقدمة عدد فبراير 2018 لمجلة العلوم الحقيقية
لا شك ان الكثير من الاطباء لا يكتبون كتابة علمية رصينة مدعمة بالدليل والهدف واضح وهو الدعاية الشخصية وجلب الاضواء ولكن هذا الاسلوب اسلوب خداعي للناس يحاسب عليه الطبيب في الدنيا قبل الاخرة .. وهذه امانة يحملها الطبيب ويسأل عنها