المداواة الطبيعية لمرض السكري من النوع الثاني في ميزان العلم المداواة الطبيعية (Naturopathy) مصطلح مشتق من كلمتي طبيعة وأمراض أي أمراض الطبيعة، أو المداواة الطبيعية، أو العلاج بالطبيعة ويختلف عن المصطلح العربي المعروف بالعلاج الطبيعي الذي يشير عادةً إلى العلاج الفيزيائي. وحيث أن الطب البديل هو ممارسة الطب من قبل أشخاص يدعون أنهم يقدمون الرعاية الصحية الأولية خارج عيادة الأطباء. فإن المعالجين بالمداواة الطبيعية (وهي من أصناف الطب البديل) ومؤيديهم يدعون بأن العلاج بالمداواة الطبيعية يقدم علاج لا يقدمه الطب “التقليدي”: ويصف المعالجين بهذا النوع بأنهم يمارسون طباً بديلاً عن الطب الأكاديمي، وذلك باستخدام أساليب غير تقليدية لإقناع الجسم بأن “يشفي نفسه” مع أساليب التي يدعون بأنها أكثر أمانا وفعالية من الأدوية التقليدية والتدخلات الطبية. ففي آخر مقال لي قمت بذكر أن الطب التقليدي أفضل من المداواة الطبيعية، فقد أشرت إلى أن جائزة نوبل في الفسيولوجيا أو الطب هذا العام فشلت في تحقيقها من قبل المداواة الطبيعية أو علاجاتهم. وهنا أحد الأمثلة على إدعاءات المعالجين بالمداواة الطبيعية:

“شخص مصاب بمرض السكري من النوع الثاني، يمكنه أن يزور معالج طبيعي ويقضي على المرض في مهده، فقام المعالج بوصف المداواة الطبيعية والذي يتكون من نظام غذائي بسيط بنسبة دهون عالية وكربوهيدرات قليلة، كما ينعدم في النظام الغذائي السكر المكرر، وربما يضيف بعض المكملات الغذائية وممارسة الرياضة، وبذلك يقضي على السكري من النوع الثاني. ونفس الشخص يمكنه أن يزور طبيب حاصل على شهادة طب، وقبل ان تعرف فإنه يمكن أن يأخذ الأنسولين (insulin) وميتفورمين (Metformin) وغيرها من الأدوية الرهيبة لباقي حياته. مع تحمل تكلفة إضافية في الأنسولين وهي زيادة الوزن. فعند ملاحظة الاعلانات التجارية لمرضى السكري هل دائما ما تكون الشخصية في الإعلان ممتلئة؟ هناك مداواة طبيعية. هل هو جانب لتعزيز الصحة الجيدة، أم أنها واجهة لشركات الأدوية؟”. ويتابع المعالج قوله “سوف تستمر بتناول الأنسولين والميتفورمين لباقي حياتك. وسوف تتمكن من السيطرة على مرض السكري، لكنك حالتك الصحية سوف تتدهور بشكل تدريجي. لكن بالمداواة الطبيعية يمكننا عكس تدهور حالتك بالنظام الغذائي الخاص بجانب ممارسة الرياضة. بالمداواة الطبيعية ستنتصر”.

هذا المعالج يدعي انه يمكن معالجة  السكري بالمداواة الطبيعية (ولكن مثل هذه الشهادة لا تكون مثيرة للدهشة. فلقد كتبت في العديد من المقالات السابقة حول ادعاءات المعالجين بالمداواة الطبيعية، وكيف تخالف تلك الادعاءات كثيراً من الأدلة العلمية. فالمداواة الطبيعية هي مجموعة من العلاجات التي تشمل: معالجة المثلية، الوخز بالإبر الصينية، والأعشاب والتي ترتبط بالمذهب الحيوي)، فهي قائمة على أساس “لدينا قوة الحياة”.

مثل هذه الفلسفة يمكن أن تخرج ببعض النصائح الصحية المعقولة، ولكن ليس أن نتبع المداواة الطبيعية دائماً. فطالما ارتبط المداواة الطبيعية مع الإيمان بالعلاج، إذ أن الإيحاء أساسي في المداواة الطبيعية. ففي العديد من المقالات السابقة تطرقت لمبادئ المداواة الطبيعية والأمراض الوهمية والعقم والتوحد وفيتامينات ما قبل الولاد واللقاحات والحساسية وحتى الحقائق العلمية.

بريت هيرميس (Britt Hermes) هو معالج سابق كتب كثيرا عن المداواة الطبيعية من وجهة نظر المعالجين به، وكتب نقداً لاذعاً عنه: لا توجد معايير محددة للرعاية بالمداواة الطبيعية، كما أن التدريب على المداواة الطبيعية يختلف كثيرا عن ما يهدف إليه، كما أن اعتماد مدارس خاصة به هو أمر مشكوك فيه. مرض السكري هو مرض مزمن واسع الانتشار ويشكل عبئا ضخماً على المجتمع. الآن لدينا فهم لا بأس به حول أسباب هذا المرض وكيفية التعامل معه، إلا أن هنالك عدد كبير من الأشخاص حول العالم يعانون من مضاعفات هذا المرض. فالسكري يتطلب رعاية من عدة مهنيين طبيين، بما في ذلك الأطباء والممرضات وأخصائيي التغذية والصيادلة. فهل يجب أن ندرج معهم المداواة الطبيعية؟ هل هناك أدلة تثبت أن السكري يمكن إيقافه بالمداواة الطبيعية؟ كيف يمكن أن تختلف مشورة المداواة الطبيعية عن مشورة الطب التقليدي؟

حقائق حول مرض السكري

تراكمت لدينا أدلة جيدة إلى حد ما حول مرض السكري. فكل خلية في الجسم تحتاج للسكر لكي تحصل على الطاقة، والسكر يدخل الخلایا من خلال الأنسولين. عندما لا يدخل السكر إلى الخلايا، فسوف يتراكم في الدم. عادة ما يظهر مرض السكري النوع الأول في مرحلة الطفولة، ويكون بسبب عدم قدرة الجسم على إنتاج الأنسولين. بينما يكون مرض السكري النوع الثاني مختلف. فيكون لحد السببين، أما الخلايا لا تعير اهتماما للأنسولين، أو الجسم لا ينتج الأنسولين بنسبة كافية لخفضه في الدم، وقد يكون مزيج من السببين معا. السكري من النوع الثاني هو مرض كبار السن.

سوف لا أركز على مرض السكري من النوع الأول، لأن اكتشاف الأنسولين وإنتاجه صناعياً حول المرض من قاتل إلى مرض مزمن. وكذلك سوف اترك الأنواع الأخرى من مرض السكري، مثل سكري الحمل. أريد أن أركز على مرض السكري من النوع الثاني، وهو الأكثر شيوعاً بين أنواع هذا المرض (أكثر من 90% من الحالات). وهو النوع الذي يدعي المعالجين بالمداواة الطبيعية إمكانية علاجه.

مرض السكري من النوع الثاني هو مرض مزمن يتم السيطرة عليه لمنع مضاعفاته. فقد يؤدي السكري إلى أمراض القلب والأوعية الدموية مثل النوبات القلبية، وأمراض القلبية الوعائية والسكتات الدماغية، وأمراض العيون المسببة للعمى والكلى والتي تؤدي إلى الفشل الكلوي وغسيل الكلى، وأمراض الأعصاب مما يؤدي إلى مشاكل مثل تقرحات القدم والتي قد تنتهي ببتر الأطراف. يتم درء كل هذه المخاطر عن طريق التحكم بنسبة السكر في الدم.

كما أن الأدلة تشير إلى أن الذين يعانون من مرض السكري يمكن يتفادوا مضاعفاته أو تقليلها عن طريق إدارة السيطرة على مستوى السكر في الدم بشكل فعال.
هناك ثلاث أساليب عيش يمكن من خلالها السيطرة على مرض السكري قبل التحول إلى الدواء، وهي حجر الزاوية في العلاج:

  • تغير النظام الغذائي
  • التمارين المنتظمة
  • التحكم بالوزن

ماذا تقول الأدلة حول علاج السكري من النوع الثاني؟

لفهم منهج الطب التقليدي لعلاج مرض السكري، بحثت في المصادر الرئيسية التي يمكن تتضمن إجراءات مبسطة وكذلك نظرة عامة، المبادئ التوجيهية للعلاج. ففي حين أن أن المبادئ التوجيهية هي أدنى فهم للواقع من بين كل الأدلة الأولية، فقد توفر إرشادات للعلاج ذات مصداقية وملخصاً لما يسمى في الطب “معيار الرعاية”.

وفقا للمبادئ التوجيهية أنها ليست إلزامية لعلاج المريض، ويمكن أن يكون لها تحيز. ومع ذلك يمكن للمبادئ التوجيهية ذات المصداقية أن توفر مقياسا مفيدا يمكننا من خلالها بناء مقياس يتخذ من قبل المهنيين الصحيين. فقط ركزت على قارة أمريكا الشمالية، حيث يوجد اثنين من المبادئ التوجيهية الرئيسية (الكندية والأمريكية) والتي تلخص ما يمكن فعله للحد من المرض السكري من النوع الثاني.

وبالنظر إلى أحد ادعاءات حول الطب العلمي والذي يقول أنه يعطي الأولوية للعلاج بالعقاقير عكس المداواة الطبيعية. سحبت بعض الاقتباسات التي تصف نمط الحياة والنظام الغذائي التي يتبناها المداواة الطبيعية ويقول أن لها دور فريد في العلاج موجودة في المبادئ التوجيهية:

جمعية مرض السكري الكندية – إرشادات الممارسة السريرية

للحد من خطر الإصابة بمرض السكري:

“تغيير بشكل منظم ومكثف لأسلوب حياتك بشكل يؤدي إلى فقدان ما يقارب 5% من وزن جسم يمكن أن يقلل من خطر تطور اختلال السكر بالدم أو اختلال وضعف امتصاص الجلوكوز مما يقلل مرض السكري النوع الثاني بنسبة 60%”

في ما يخص التمارين:

“القيام بنشاط بدني والحفاظ على اللياقة القلبية التنفسية بمستوى متوسط إلى عالي يمكن ان يقلل الإصابة بالأمراض والوفيات لدى الرجال والنساء من المصابين بالمرض ومن غير المصابين. يجب تنفيذ برنامج منظم لتعديل أسلوب الحياة بشكل يشمل فقدان الوزن بشكل معتدل وممارسة النشاط البدني بانتظام للحد من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني مع ضعف امتصاص الجلوكوز”.

في ما يخص النظام الغذائي:

“خفض السعرات الحرارية للوصول والمحافظة على وزن الجسم الصحي بالنسبة لمرضى السكري ممن يعانون من زيادة الوزن أو السمنة. كما ان توزيع الوجبات الرئيسية بشكل مرن ضمن النطاق الموصى به أو بالاعتماد على الأهداف والتفضيلات الشخصية”.

كما أن المبادئ التوجيهية لا تفرض نظام غذائي معين. فيشير إلى أنه لا يوجد نظام غذائي واحد يعتبر مناسب للجميع:
“كما أن الدليل لا يوجب الالتزام الصارم بنظام غذائي واحد، بل يجب أن يكون العلاج الفردي و التغذية وتنظيم الوجبات مناسب لاستيعاب عمر الفرد، نوع ومدة الإصابة بمرض السكري، والعلاج الطبي المتزامن، أهداف العلاج والقيم والتفضيلات والاحتياجات والثقافة وأسلوب الحياة والوضع الاقتصادي، مستوى النشاط، وقدرة الشخص واستعداده للتغيير”.

تؤكد المبادئ التوجيهية الكندية على النظام الغذائي وممارسة الرياضة. ويعتبر المريض هو محور هذه التوجيهات، محذرا من أن خطط العلاج يجب أن تكون مصممة باعتبار أن المريض شريك كامل في المحافظة عليها.

جمعية مرض السكري الأمريكية: إرشادات الممارسة السريرية

للحد من خطر الإصابة بمرض السكري:

“قد أظهرت التجارب العشوائية المحكومة أن الأفراد الأكثر عرضة للإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بإمكانهم تقليل من خطر الإصابة عن طريق تدخلات معينة. وتشمل برامج مكثفة لتعديل نمط الحياة التي ثبت أنها تكون فعالة جدا (لخفض خطر الإصابة إلى 58% بعد 3 سنوات)”.

في ما يخص التمارين:

“التمارين جزء مهم من خطة السيطرة على مرض السكري. فقد تبين أن ممارسة التمارين الرياضية بانتظام يحسن السيطرة على نسبة السكر في الدم كما يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب الوعائية، وتساهم بفقدان الوزن، وتحسين الصحة. وبالإضافة إلى ذلك فإن ممارسة التمارين الرياضية قد يقلل من خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني عند الأشخاص المعرضين لخطر هذا النوع من الأمراض”.

بالنسبة للنظام الغذائي:

“موقف الجمعية الأمريكية لمرض السكري (American Diabetes Association) هو أن ليس هنالك نظام غذائي واحد يناسب جميع مرضى السكري. كما تعترف الجمعية أن النظام الغذائي له دور مشترك مع العلاج أو السيطرة على مرض السكري بشكل عام، وتوصي كل شخص مصاب بالمرض أن يشارك بنشاط الإدارة الذاتية، التعليم، التخطيط للعلاج او للرعاية الصحية، والتي تشمل تطوير أنظمة الطعام”.

وكذلك:

“تشير الأدلة إلى أن ليس هنالك نسبة مثالية من السعرات الحرارية والكربوهيدرات والبروتين والدهون مناسبة لجميع الأفراد المصابين بمرض السكري، لذلك ينبغي أن تسند التنظيم الغذائي والوجبات الرئيسية على أهداف الفرد وتفضيلاته”.

حول موعد بدء العلاج بالعقاقير:

“ينبغي أن يبدأ المرضى الذين يعانون من مرض السكري من النوع الثاني بتغيير نمط حياتهم (استشارات حول نمط الحياة والتعليم لانقاص الوزن، والرياضة، الخ.)، وعندما تفشل جهود هذه التغييرات وحدها بتحقيق سيطرة على نسبة السكر في الدم، ينبغي أن يضاف الميتفورمين وحده، بعد فترة وجيزة من التشخيص، ما لم تكن هنالك موانع أو حساسية. فإن الميتفورمين مدعوم بأدلة تثبت فعاليته وهو غير مكلف، ويمكن أن يقلل من خطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية”.

المبادئ التوجيهية الأمريكية والكندية تقدم النصائح نفسها: تغيير أسلوب الحياة ضروري وفعال للغاية. التخطيط الغذائي أمر هام، ولكن لا يوجد نظام غذائي واحد مناسب لجميع. يمكن اللجوء إلى الأدوية إذا لزم الأمر (وغالباً ما يكون كذلك)، لكن ليس من الضروري أن نذهب للدواء بشكل مباشر.

مرض السكري من النوع الثاني و المداواة الطبيعية : أساليب مفيدة، أساليب ضارة، أساليب غير مجدية

دعونا ننتقل إلى إرشادات المداواة الطبيعية، فعلى النقيض من الطب القائم على العلم، ليس هنالك معيار محدد وواضح للرعاية الصحية في المداواة الطبيعية، ونظرا لحقيقة أن المداواة الطبيعية لا تقوم على علم أو أدلة، فهي نظام قائم على الإيمان أو فلسفة، وهذا ما يجعله محيراً.

وإلا كيف يمكن أن تتعارض مع الممارسات العلمية، والأمر كذلك في طرق المداواة الطبيعية الأخرى مثل علاج المثلية والوخز بالإبر والأعشاب الطبية، والتي تعتبر كلها من أصناف الطب البديل. ولا توجد طريقة لتنظيم الطب البديل بواسطة مصطلحات علمية، فكل شئ مباح إلى حد كبير. وسوف أذكر أقتباس قد استخدمته من قبل، يظهر الطريقة التي يقيم بها المداواة الطبيعية الأدلة، وعلى أساسها يقرر ما يعتبر “طب بديل” وما لا يعتبر كذلك:

أحب أن أكون قادر على النظر في المناهج الجديدة التي تأتي جانباً وأسأل نفسي: هل هذا يعتبر من ضمن فلسفة ما، لكي أقبله؟ وإذا لم يكن كذلك اتركه“.

قمت بمحاولات للمقارنة بين المبادئ التوجيهية والمداواة الطبيعية في حالة مرض السكري و الجمعية الأمريكية لمرض السكري فقط. وبمراجعة الرسم البياني للعلاج البديل في عيادات المداواة الطبيعية خلصت إلى ما يأتي:

“كان متوسط مستوى التدقيق 55.5/90. وكانت التدخلات الأكثر شيوعاً هي اتباع نظام غذائي وممارسة التمارين الرياضية الهوائية، ثم تليها المكملات الغذائية، مثل أحماض أوميغا 3 الدهنية (omega-3 fatty acids)، والنباتات. وتشير هذه البيانات إلى أن معايير الرعاية مرضى السكري من النوع الثاني في الجمعية الأمريكية لمرضى السكري لا يتبع بشكل صارم. فالتعليم وإنتاج مستوى معين من الرعاية الطبية في المداواة الطبيعية قد يحسن أداء التدقيق ونتائج المرضى”.

وفي رسالة نشرت قبل عدة سنوات تكلمت عن الحساسية والربو والمناعة السريرية، في محاولة لفهم التوافق بين المداواة الطبيعية والمعايير العلمية. وجدت تيموثي كولفيلد (Timothy Caulfield) وكريستن ريتشيل (Christen Rachul) أن أكثر الممارسات التي أعلن عنها في ألبرتا وكولومبيا البريطانية تفتقر إلى قواعد سليمة، وخلصوا إلى:

“عند عرض العلاجات التي تم الإعلان عنها في مواقع العيادات التي تقدم العلاج بالمداواة الطبيعية، فإن تلك العلاجات لا تدعم الافتراض القائل أن المداواة الطبيعية هي علم وممارسة مبنية على أدلة”.

فمن بين التدخلات الطبية الموجودة للمداواة الطبيعية كان هناك علاج المثلية والوخز بالإبر والعلاج بالماء. التحدي الكبير الآخر هو حجم هذه مواقع المداواة الطبيعية الهائل، حيث أنها قد تجاوزت الـ 30 موقعاً. عدم القدرة على مراجعة ممارسات المداواة الطبيعية، نظراً لما يعتبره البعض توجيهات “موثوقة” للمداواة الطبيعية بشأن كيفية السيطرة على مرض السكري من وجهة المداواة الطبيعية.

موقع ويكي الخاص بالمداواة الطبيعية (NDhealthfacts.org)

في العام الماضي كتبت عن موقع ويكي للمداواة الطبيعية، فهو عبارة عن قاعدة بيانات تشبه ويكيبيديا ينشر فيها ويحررها معالجي بالمداواة الطبيعية، وهو محاولة لدحض أي موقف مناهض للمداواة الطبيعية. فالموقع لديه صفحة مخصصة لمرض السكري من النوع الثاني من وجهة نظر المداواة الطبيعية. بعضها يتفق مع المبادئ التوجيهية للعلاج: مثل المحافظة على الوزن الصحي للجسم، عدم التدخين، الالتزام بالتمارين. ولكن من حيث العلاج فهو يقدم قائمة طويلة من النصائح المشكوك فيها وغير الضرورية (نصائح غذائية) وكذلك نصائح غير مثبت فعاليتها (فيتامينات ومكملات غذائية) ونصائح غير مجدية:

“وتتضمن الأطعمة:

  • الفواكه مثل الجوافة والليمون والبرقوق والتفاح.
  • الخضروات وجذور والجوز والبطيخ والكرنب والبطاطا الحلوة وكستناء الماء.
  • البقوليات مثل الفاصوليا الحمراء والفول.
  • اللحوم مثل لحم الخنزير ولحم البقر.

المكملات الغذائية وتشمل:

– الفيتامينات مثل فيتامين سي (Vitamin C)، فيتامين ي (Vitamin E)، فيتامين بي 12 (Vitamin B12).
– المعادن مثل المغنيسيوم، الكروم، الزنك.
– الأحماض الأمينية مثل التورين (taurine)، إل-كارنيتين (L-Carnitine)، ألانين (Alanine)، هيستيدين (Histidine).
– المكملات الأخرى مثل الأحماض، حامض ألفا ليبوبك الدهنية الأساسية (Alpha lipoic acid)، ن-أستيل سيستين (N-acetyl-cysteine). ومضادات الأكسدة، بيوفلافونويدس (bioflavonoids)، الإنزيم المشاعد كيو-10 (Coenzyme Q10)، البيتين (Betaine HCL)، الخميرة، زيت بذور الكتان، الليكوبين (Lycopene)، سيلليوم (Psyllium)، كيرسيتين (Quercetin)، سبيرولينا (Spirulina).
– الأعشاب مثل التوت (Vaccinium myrtillus) و(Vaccinium myrtillus)، ثوم (Allium sativum)، الجينسنغ (Panax ginseng)، غولدنسال (Hydrastis canadensis)، البطيخ المر (Momordica charantia)، العرياء (Gymnema sylvestra)، الحلبة (Trigonella foenum-graecum)، حليب الشوك (Silymarin marianum)، رغل (Atriplex halimus)، شجرة الشرق الهندية كينو (Pterocarpus marsupium)، الجنكة (Ginkgo biloba)، الأرقطيون (Arctium lappa)، القرفة (Cinnamomum)، وكواستريو (Galega officinalis)، عرق السوس (Glycyrrhiza glabra)، فليفلة شجيرية (Capsicum frutescens)، الزيتون (Olea europaea).
– العلاج ببراعم النباتات (Gemmotherapies) مثل القيقب الحقلي (Acer campestre)، الجوز شائع (Juglans regia)، عرعر شائع (Juniperus communis)، أوليا الأوربية (Olea europaea)، فاكسينيوم ميرتلاس (Vaccinium myrtillus).

علاجات المثلية

– ومنها علاجات كلاسيكية: الفسفور واليورانيوم والفضة والكوديوم والصوديوم وسيليكا الكبريت والكاربوهيدرات.

الطب الصيني التقليدي مثل الوخز بالإبر ـ ويتم تشخيص المرض على أساس أنماط الأعراض. وبالطبيعي لا يكون مرض السكري ناجم عن نفس العملية عند جميع الأشخاص، ولكن هنالك حالات يجب التعامل معها بشكل فردي:

– ارتفاع درجة حرارة الرئة والمعدة وأضرار السوائل، ارتفاع درجة حرارة المعدة، عمل الكلى المتذبذب، الطحال، عمل المعدة المتذبذب.

الجمعية الأمريكية للمداواة الطبيعية

تقدم الجمعية الأمريكية للمداواة الطبيعية (American Association of Naturopathic Physicians) مجموعة من النصائح بشأن مرض السكري. ويرجع سببه إلى عدة عوامل:

“وتشمل مجموعة من العوامل من الممكن السيطرة عليها: سوء التغذية، الإفراط بتناول الطعام، نقص التغذية، الحبوب، استهلاك السكر المكرر بنسبة عالية، استهلاك الدهون المشبعة، عدم ممارسة الرياضة، زيادة الوزن، كما أن السموم البيئية والاختلالات الهرمونية يمكن أن تسبب بمقاومة الأنسولين”.

كما أن الجمعية توصي بالمكملات الغذائية:

“سوف يتم إعطاء المرضى مكملات مختلفة، والتي لا تقدر بثمن. حيث تقوم هذه المكملات بالإضافة إلى محضر الجلسات الشاملة لتحل محل المواد الغذائية الناقصة. كما أنها تساعد على خفض مستوى السكر في الدم وتقلل من مقاومة الانسولين وتخفيف الالتهابات و الدهون وتقلل ضغط الدم عند المرضى. كما أنها تحميهم من التلف الناجم عن مرض السكري”.
لكن ليس هنالك أي دليل يبين أن المكملات الغذائية فيها هذه الفوائد.

وتؤمن الجمعية الأمريكية للمداواة الطبيعية أن المداواة الطبيعية يمكنه عكس تلف الأعصاب والكلى:

“يمكننا رؤية الأعصاب التالفة والكلى المتضرر أن تستعيد نشاطها من جديد، في بعض الحالات، ويمنع تطور هذه الأضرار. العلاج مرض السكري بالمداواة الطبيعية فعال بشكل لا يصدق، وينبغي على المريض بالسكري اللجوء الى المعالج بالمداواة الطبيعية دون باقي الأطباء، وتوكيله برعايته على المدى الطويل”.

الكلية الكندية للمداواة الطبيعية

تنصح الكلية الكندية للمداواة الطبيعية مرضى السكري على أهمية اتباع نظام غذائي وممارسة التمارين الرياضية، ولكن توصي أيضاً بالعلاج والمكملات الغذائية والتي تكون ذات فائدة غير مثبتة، أو عديمة الفائدة:

“أطباء المداواة الطبيعية مدربون جيداً وقادرون على توفير خيارات علاجية ممتازة للمرضى الذين يعانون من مرض السكري،. وهم يستخدمون أساليب مثل التغذية، تقديم نصائح حول أساليب الحياة، العلاجات النباتية، الطب الصيني التقليدي، والطب المثلي. وقامت العديد من الدراسات بإثبات أن العلاج بالمداواة الطبيعية يساعد مرضى السكري على تحقيق صحة أفضل. مثل عن المكملات الغذائية وهو مكمل عنصر الكروم.

“فقد تبين أن الكروم يحسن مستويات السكر في الدم لدى مرضى السكري. وقد أظهرت الدراسات أن الكروم آمن وفعال، وهو بشكل عام خالي من الآثار الجانبية. ومثال آخر عن العلاجات التي تستخدم في المداواة الطبيعية، وهي عشبة تسمى العارياء سيلفستر. أظهرت الدراسات أن العارياء لها القدرة على خفض نسبة السكر في الدم، مثل الكروم. والدراسات أجريت على العارياء لم تظهر خلالها أي آثار جانبية عند استخدامها”.

بينما الطب التقليدي يقول أن هنالك “أدلة غير كافية” لدعم استخدام الكروم والمكملات العشبية. أنا أيضاً بحث في قاعدة البيانات العلاجات الطبيعية (Medicines database) والتي تصف الكروم “قد يكون فعال” في خفض بعض علامات مرض السكري، مشيرا إلى أن البيانات بخصوصه ذات نوعية رديئة ونتائج التجارب متضاربة. وتقول قاعدة البيانات ذاتها أن هنالك “أدلة غير كافية” لتقييم فعالية العارياء لعلاج مرض السكري.

موقع المداواة الطبيعية (The Naturopathy)

يوصي هذا الموقع بمجموعة من العلاجات، والتي تكون إما غريبة أو خطرة. مثل الصيام، الحقن الشرجية (وهو نوع من النظام الغذائي القلوي)، حمامات الطين، اليوغا، حمامات الشمس، والعلاج الصبغي (حيث يعتقد أن الألوان مثل الأصفر والأخضر لها قوة علاجية).

مواقع أخرى

بحثت أيضاً في بعض المواقع المختصة بالمداواة الطبيعية في شبكة الانترنت والتي نعرض علاج مرض السكري. بعض هذه المواقع حذرة بشكل مناسب، حيث تشير إلى أن الأعشاب قد تكون غير مفيدة، ولكن لا يمكن أن تحل محل الدواء.

بينما يدعي آخرون بجرأة إلى استخدام علاجات غير مثبتة وغير فعالة مثل العلاج المائي والعلاج بالطين إلى إزالة السموم من الجسد.

ويقول مركز تورنتو للعلاج الطبيعي أنه سوف يتعامل مع عوامل نمط الحياة مسببة لمرض السكري ويعرض كذلك بعض المكملات الغذائية والوخز بالإبر ومعالجة المثلية. بينما يعرض الاستخلاب (Chelation) على الكثير من مرضى السكري، وهو أحد العلاجات التي ليس له إثبات في علاج مرض السكري.

بينما يوصي مركز كولومبيا البريطاني للمداواة الطبيعية بالاستخلاب والعلاج بالأوزون، ويضيف إليها المكملات الغذائية كعلاج لمرضى السكري. يبدو أنه ليس هنالك أي حد طبيعي للعلاجات التي تقترح من قبل المعالجين بالمداواة الطبيعية لمرضى السكري.

هل هنالك أي دليل نشر؟

بعد الاطلاع على المنهج المعلن من قبل المداواة الطبيعية، والبحث في المراجع: هل يوجد أي دليل على فائدة المداواة الطبيعية؟ هنالك بعض الأدلة التي نشرت، ولكنها مخيبة للآمال. بعض الدراسات في محاولة لتقييم نصائح “المعالجة الطبيعية”، غالبا ما تكون غير واضحة في ما إذا كان هنالك أي شيء فريد في مداواة طبيعية. وتؤكد المبادئ التوجيهية لعلاج السكري أن الرعاية يجب أن تشمل مهنيين متعددين ويكون المريض هو محورها. وعلاوة على ذلك فإن النصائح بشأن النظام الغذائي لعلاج مرض السكري تعتبر في المداواة الطبيعية نصيحة أساسية. ليس هنالك أي شيء واضح في ما إذا كان المداواة الطبيعية له أي آثار مفيدة للسيطرة على مرض السكري.

الجيد ليس فريداً من نوعه، والفريد من نوعه ليس جيد

المداواة الطبيعية يقدم مجموعة متنوعة من الخدمات للمصابين بمرض السكري، تتراوح بين ما يبدو معقول ومسند إلى أدلة، وبين ماهو ضار وغير مثبت. وليس هنالك أي دليل يثبت أن ما تقدمه المداواة الطبيعية فريد من نوعه في أ دور في علاج مرض السكري: فما هو جيد ليس فريد من نوعه، وما هو فريد من نوعه ليس جيد. ومع عدم وجود معايير ممارسة واضحة، يمكن ان يقدم للأشخاص المصابين بالسكري نصيحة جيدة، وكذلك يمكن أن يقدم لهم نصيحة سيئة، والخ

مات والمنتجات في المداواة الطبيعية لا يمكن تأكيد أهميتها. وفي ضوء عدم موثوقية الطريقة المستخدمة من قبل المداواة الطبيعية للسيطرة على مرض السكري وتضاربها، يبدو من الحكمة مناقشة أي نصيحة تقدم من قبل المعالجين بالمداواة الطبيعية مع شخص مختص بمرض السكري، وذلك قبل اتخاذ أي قرار بشأن تلك النصيحة.

المصدر:

Scott Gavura, “Naturopathy vs. Science: Diabetes Edition“, sciencebasedmedicine.org, October 22, 2015