تعتبر مضادات الأكسدة من أبرز الأمور التي شقت طريقها في مجال التسويق والدعاية ولاقت رواجاً بشكل جيد دون أن تكون مبينة على أسس علمية واضحة.

إحدى نتائج الاستقلاب (حرق الطعام للحصول على الطاقة) التي لا يمكن تجنبها هو اصطناع جذور الأكسجين الحرة أو أنواع الأكسجين التفاعلية -ROS-.  وهذه الجزيئات شديدة التفاعل. لأنها تحتوي بشكل أساسي على الأوكسجين بالإضافة لألكترون إضافي يقوم بالتفاعل مع جزيء آخر عن طريق تحطيم الروابط. وكما هو متوقع فالجسم لديه مضادات أكسدة طبيعية تتفاعل مع الجذور الحرة لتشكل جزيئات معتدلة.

في التسعينات أصبح دور الأكسدة في تخريب الخلايا واضحاً بشكل متزايد، و أحياناً دوره في تحريض موت الخلايا المبرمج. فالعديد من الأمراض الخطيرة كالزهايمر مثلاً أظهرت وجود دور للأكسدة في سير المرض بالإضافة لدور الجذور الحرة في الشيخوخة.

إذاً آثار هذه العملية أصبحت واضحة – إذا كان التأكسد يسبب الشيخوخة و المرض فمضادات الأكسدة يفترض أن تقوم بإبطاء عملية الشيخوخة و تقدم المرض أو حتى إيقافها. كانت هذه الفرضية منطقية في التسعينات و لكن بعد ربع قرن لوحظ كون هذه القصة أكثر تعقيداً مما ظننا.

استغلت صناعة المكملات مفهوم مضادات الأكسدة  قبل أن يعتمد العلماء على فرضية محددة حول الأمر حتى، فاحتمال إبطاء الشيخوخة كان مثالياً لإثارة الضجة في الترويج للمكملات و ساعد هذا الأمر بذلك الدعم العلمي بحسب الفرضية – على الرغم من عدم وجود أية نتائج سريرية أولية لذلك.

و حتى الآن يتم التسويق لفوائد مضادات الأكسدة على هذا الأساس مما أدى لإعطاء هذا الأمر أهمية قوية دون أن يكون معتمداً على دراسة علمية محددة.

في الواقع، بينما كانت صناعة المكملات راضية بشكل تام منذ التسعينات بحسب تلك الفرضية فإن العلماء لم يتوقفوا عن تحري الأمر. و سرعان ما تم اكتشاف فوائد عديدة و دور هام للجذور الحرة في الجسم. فالجهاز المناعي مثلاً يستخدم الجذور الحرة ليهاجم و يحطم البكتيريا أو الخلايا السرطانية. كما أن لها دوراً هاماً في توجيه الجزيئات لتعزيز دورها في الحماية.

وإضافة لذلك، فالكائنات الحية تملك مضادات أكسدة قوية خاصة بها (أقوى من أي مكمل) تحافظ على توازن الجذور الحرة. فهنالك توزان بين مضادات الأكسدة و الجذور الحرة، أي إن لاحظت العضوية وجود أهمية لمضادات أكسدة إضافية لكانت صنعت المزيد منها ببساطة.

ولكننا بحاجة لبعض مضادات الأكسدة – كالفيتامين C و الفيتامين E -. فهم جزء من تحقيق ذلك التوازن بعملهم مع مضادات الأكسدة الذاتية. فالغرض من المكملات هو تعويض النقص في حال وجوده. ليس هنالك سبب لأخذ جرعات زائدة أو الظن بأن المزيد يعني الأفضل دوماً.

سابقاً كان من السذاجة الاعتقاد بأن تناول المزيد من مضادات الأكسدة الخارجية سيؤدي لإبطاء الشيخوخة على سبيل المثال. بل كان من المنطقي الاعتقاد أن بعض الأمراض تسبب خللاً في التوازن بين مضادات الأكسدة والجذور الحرة و ذلك يمكن إصلاحه بمضادات الأكسدة الخارجية.

هنالك بعض الأمراض في هذه الحالة كالتصلب الجانبي الضموري العائلي Familial ALS، حيث تسببه طفرة وراثية في ديسموتاز الفائق (superoxide dismutase) – أنزيم مضاد أكسدة هام – و لكن الأمر أكثر تعقيداً فالمشكلة مع البروتين الطافر ليست أنه لا يقوم بوظيفته وحسب بل بالإضافة لذلك فهو يؤثر بشكل سام على باقي البروتينات.

جاء في مراجعة مؤخراً عن مضادات الأكسدة :

التوازن بين مضادات الأكسدة و المؤكسدات أمر هام جدأ للحفاظ على صحة النظام البيولوجي. وفي حالة الأكسدة الخلوية فالتأثير ذو الحدين لا يشمل فقط الجذور الحرة  بل مضادات الأكسدة أيضاً. الجرعات الفيزيولوجية من مضادات الأكسدة الخارجية مطلوبة للحفاظ على التوازن و لكن الجرعات الزائدة منها تسبب خلل في هذا التوازن.

بمعنى آخر – تناول الفواكه و الخضراوات، و لا حاجة لتناول أية مكملات غذائية.

المصدر:

Novella, S. (2016, November 23). More Trouble for Antioxidants. Retrieved February 18, 2017