لابدّ وأننا صادفنا مرةً في حياتنا على الأقل الصورة الشائعة التي تصور اللسان بأنّه مقسم إلى أربعة مناطق، يختص كلّ منها في الإحساس بطعم معين من النكهات الأساسية ( الحلو- المر- المالح والحامض). لابدّ أن تعلم بأنّها خرافة لا أساس لها من الصحة.

حيث قام العلماء باكتشاف بروتين يقوم برصد الطعم المر في الطعام، الأمر الذي يكسبه أهميته هو أنّه هام لنا ولباقي الثدييات كي نتمكن من تمييز الطعام الفاسد. وتم اعتبار هذا الاكتشاف قفزة صغيرة باتجاه معرفة الآليات التي تؤدي إلى شعورنا بحاسة التذوق والاستمتاع بالأطعمة حيث تجرى التجارب على الفئران المعدلة وراثياً على مدار سنوات للوصول لهذا الهدف.

حيث أنّه وبشكل غريب للغاية فإنّ آلية كلِّ من الإبصار والسمع الأشد تعقيداً من التذوق معروفة بشكل أكبر .

حيث تم اكتشاف مستقبلات التذوق في السنين الأخيرة فقط. وفي عام 1974 كانت واحدة من أوائل القفزات في هذا الاتجاه حيث تم التأكد من أن خارطة الشعور بالأطعمة هي سوء فهم بعمر قرن لم يتحداه أحد.

قد تعرف هذه الخريطة التي يقع فيها الإحساس بالطعم الحلو في رأس اللسان، الطعم المالح على الجانبين والحامض إلى الخلف منه، أمّا المر فيقع إلى الخلف أكثر بالقرب من جذر اللسان.

في الحقيقة، إثبات هذا الخطأ ليس بالأمر الصعب أبداً لا وبل يمكنك أن تثبت ذلك بمشي بضعة خطوات باتجاه المطبخ ووضع القليل من الملح على رأس لسانك وستشعر به، ربما لهذا السبب لم يهتم أيّ من العلماء في إثبات بطلانها.

في الواقع هناك المزيد من النكهات غير الحامض – الحلو – المر و المالح.

غالب العلماء يوافقون بأن هنالك نكهة تدعى الأومامي (Umami)، تم اكتشافها والتعرف عليها من قبل عالم ياباني يدعى كيكوان ايكيدا في أوائل القرن التاسع عشر.

نكهة الأومامي هي عندما نقوم بتذوق الغلوتامات الشائع في الأطعمة اليابانية وبخاصة الكومبو وهو نوع من خضار البحر الشبيه بالطحالب وفي لحم الخنزير المقدد حيث يتواجد أحادي فوسفات الغلوتامات الذي قام ايكيدا بعزله واكتشافه. ولا يزال الجدل موجوداً حول وجود طعم سادس من عدمه بالنسبة للجسم.

بالعودة لموضوع المقال الرئيس فإنّ أصل خارطة اللسان يعود لبحث علمي قام به عالم ألماني يدعى هانينغ (D.P Haning)  نشر في عام 1901 حيث اعتمد على قياس حساسية اللسان للطعوم الأربعة الرئيسية وذلك بناءً على أهواء المتطوعين وأقوالهم، فتوصل إلى نتيجة أدت به إلى خلق خارطة للسان تبين بطلانها فيما بعد.

وفي عام 1942 قام عالم نفس من هارفارد يدعى ادوارد بورينغ (Edwin (Boring  بأخذ البيانات الخام من بحث هانينغ وقام بحساب الأرقام الحقيقية للحساسية.

هذه الأرقام بكل بساطة أظهرت الإحساسات النسبية وتم وضعها على رسم بياني بنفس الطريقة التي اعتقد بها بعض العلماء بأن المناطق قليلة الحساسية للنكهة هي مناطق عديمة الحساسية، فولدت خريطة التذوق الجديدة.

وفي عام 1974، قامت فرجينا كولينغ  (Virginia Collings)  بإعادة النظر في ماقام به العالم هانينغ ووافقه في نقطته الرئيسة: حيث كان هناك اختلافات في الحساسية تجاه النكهات الأربع الرئيسية في مناطق اللسان. إلّا أنّ الإختلافات كانت ضئيلة وغير مؤثرة، حيث وجدت كولينغ أنّنا نستطيع تذوق جميع الأطعمة والنكهات أينما وجدت مستقبلات التذوق (الحليمات) سواءً في مختلف مناطق اللسان، والحنك الرخو في مؤخرة سقف الفم وحتى على لسان المزمار! وهو المسؤول عن إغلاق المجرى الطعامي أثناء التنفس وإغلاق المجرى الهوائي أثناء البلع.

وفي الأبحاث اللاحقة تم اكتشاف بأن الحليمات الذوقية تحتوي على 50-100 مستقبل لكل طعم. ودرجة الاختلاف لاتزال محط نقاش.

لماذا تستمر الكتب بطباعة الخريطة الخرافية للنكهات هو أمرٌ غامض وغريب حيث أنّ الخريطة الحقيقية هي غاية في البساطة.

أمّا بنسبة لموضوع أنّ اللسان هو أقوى عضلة في جسم الإنسان، فهذا لا يبدو صحيحاً في جميع التعاريف المحتملة لكلمة “قوة”، فالعضلة الماضغة هي الأقوى بالنظر للتقدم الميكانيكي الخاص بها حيث تقوم برفع الفك السفلي نحو الأعلى، أما العضلتين مربعة الرؤوس الفخذية التي تقع على الوجه الأمامي للفخذ والعضلة الإليوية الكبرى التي تقع في أسفل الظهر فهاتين العضلتين تملكان أقوى قوة تقلص بالنسبة للعضلات المخططة الإرادية، أما إذا كان المقصود بالقوة هو القدرة على التحمل والعمل دون توقف فسيكون القلب هو العضلة الأقوى حيث يعمل باستمرار ودون شعور بالتعب.

المصدر:

Wanjek, Christopher. “The Tongue Map: Tasteless Myth Debunked.” LiveScience. Purch, 29 Aug. 2006. Web. 07 Apr. 2017