هل تسائلت يوماً ما هي ذاكرة الجهاز المناعي ؟ أو كيف يتذكر الجهاز المناعي؟ بَعد التَصدّي لعدوى أو إصابة معينة، يَخطو الجهاز المناعي في الجسمِ البَشريّ خُطوَةً إضافيّة: حيث يَقومُ الجهاز المناعي بِالإبقاءِ على هذا المُعتَدي في الذّاكِرة لِكي يَتَسنّى لَهُ إطلاقَ هَجمَةٍ مُضادّةٍ فعّالة وسَريعة عِندَما يَتِم رَصد مُسبب المَرَضِ هذا نفسِه. لكن هذا فقط هو مِقدارُ ما نَعرِف. بَينَما تبقى تَفاصيل كيفيّة التَحَكّم في هذِهِ الأفعالِ أمراً شَديدَ الغموض.

لَكن يُسَلِّطُ تَقريرٌ نُشِرَ اليَوم على مَجَلّة العلوم (Journal Science)، الضوءَ على هذا الموضوع. ووِفقاً لِلدِراسةِ الجَديدة، يُباشِرُ الجُزيئانِ بيرفورين و إنترفيرون كَاما (Perforin & Interferon gamma) اللَّذَانِ عُرِفَ عَنهُما في السّابِقِ عَلى أنّهُما يُشارِكانِ في المَعارِك ضِدَّ العَدوى، يُباشِرانِ أيضاً في التَحَكُّم في حَجم وطَبيعة الأستِجابة المَناعيّة الأوليّة والذاكِرة المَناعيّة اللاحِقة.

قامَ عالِمُ الأحياءِ المِجهَريّة جون هارتي (John Harty) وَزُمَلاءوه ،مِن جامِعة  آيوا (University of Iowa) بِقياس مُستَوَيات خَلايا الجهاز المناعي المُسَمّاة بِخَلايا  تي (T cells)، خِلالَ المَراحِل المُختَلِفة لِلعَدوى الموجودة في الفِئران، والّتي تَمَّت هَندَسَتُها وِراثيّاً لِكي تَفتَقِرَ إلى الـ بيرفورين أوالـ إنترفيرون كَاما أو كِلا الجُزَيئَين. وَجَدَ هَؤلاءِ أنّ الـ بيرفورين يَتَحَكَّم في عَدَد خَلايا  تي الّتي يَتِم إنتاجُها لِمحاربة العَدوى؛ بَينَما يَقوم إنترفيرون كَاما بِتَوَلّي مُهِمّةِ القَضاءِ عَلى مُعظَمِ تِلكَ الخَلايا بَعدَ أنتِصارِها عَلى المُعتَدي. (يَتِمُّ الإبقاءُ عَلى ما يُناهِز عَشرةً بِالمِئة مِن خَلايا  تي كخَلايا ذاكِرة.) يَلحَظُ هارتي أن مَرحَلة مَوتَ خَلايا  تي هذِه هيَ خاصّة الأهَمية وذلِك لِأنها “تَسمَحُ لِنا بِالأستِجابة لِلكثيرِ مِن مُسَبِّباتِ المَرضِ المُختَلِفة مِن دونِ إرهاقِ الجهاز المناعي خاصتنا.”

 

“إن فَهمَ كيفيَة تَنظيم البيولوجيا الأساسيّةِ لِلنِظامِ يُسهِمُ في تَزويدِنا يِإدراكٍ حَولَ كيفيّة تَلاعُبِنا بِهذا النِّظام،” كما يَقولُ هارتي. “فيما يَخُصُّ تِلكَ الأبحاث، سَوفَ يَكونُ الهَدَفُ النِّهائيُّ هوَ تَعَلُّم كيفيّة التَلاعُب بِمُستَوَيات خَلايا  تي الذاكِرة، والَّتي قَد تَكونُ ثَمَرَتُها الحَصولَ عَلى لُقاحاتٍ أفضَل، وذاتَ تأثيرٍ أكبَر.”

 

المصدر:

Kate Wong, Immune System Memory, scientificamerican.com, November 17, 2000