انماط السلوك الديني واثارها النفسية… كثيرا ما نصادف اشخاصا يسبون الله او ايا كان مسمى معبودهم او مقدساتهم او يلقون اللوم الكامل بما يواجهونه من مشكلات على الخالق ولا يحركون ساكنا لايجاد حلول لانفسهم. على الطرف الاخر نجد اشخاصا يعملون ويجدون في العمل ويتوكلون على الله في الوقت نفسه ويجمعون اسباب النجاح بين اعتمادهم على عملهم من جهة وبين توكلهم على الله الذي نصرهم ووفقهم من جهة اخرى. ومن جهة ثالثة نرى اشخاصا لا يذكرون دورا لله في نجاحاتهم وهم يرون ان المسؤولية تقع بالكامل عليهم ولا دور الهي في مسار نجاحهم رغم كونهم من المنتمين الى الاديان او من المتدينين. هذا الامر نراه لدى جميع الاديان ويعرفه الجميع ونشهده لدى اشخاص من مختلف الفئات. ان هذه الاصناف الثلاثة ليست حكرا على جماعة دينية او مذهب بل انها تكاد تكون انماطا نفسية ثابتة في الانسان وعلاقته بمعبوده مهما كان دينه وهو ما يعرف بانماط السلوك الديني.
يعرف التعامل الديني او نمط السلوك الديني (Religious coping) بـ: العلاقة بين التدين وقدرة الانسان على تخطي الازمات وتخطي مواقف التوتر بنحو ايجابي. وقد بدأ بدراسته بارجامينت Pargament في عام 1988 بتصنيف الاشخاص الى ثلاثة اصناف وهم التعاوني (Collaborative) والمرجئ (Deferring) والمعتمد (Self directing). الصنف الاول وهو التعاوني يعكس الحلقة الواصلة المسؤولة عن حل المشاكل بين الرب والاشخاص اي ان المشاكل التي يعانيها البشر تحل بعمل من البشر وعمل من الرب في الوقت نفسه. بينما يضع الصنف المرجئ مسؤولية حل المشاكل كاملة على الرب وينتظر الحلول فقط (تسمية المرجئ اخترتها في الترجمة هنا لوجود اثر كبير لها في التراث بالتصنيف العقائدي الاسلامي المعروف بالمرجئة وهم الذين يدعون لايقاف الاحكام الدينية التي يداعي بها الطرف الاخر لعدم وجود شروط كاملة لتنفيذها والشروط يكاد يكون تنفيذها مستحيلا دون تدخل الهي حاد وهنا وجدت علاقة بالترجمة مع كلمة المرجئة). اما والمعتمد على ذاته (Self directing) فهو الذي يجد الحل بنفسه ويمثل المسؤولية الشخصية للفرد عن حل المشاكل ويبقى دور الرب في ذلك مستترا.
وقد اثبت كل من هاثاوي وبارجامينت (Hathaway and Pargament (1990)) في دراسة احصائية اخرى في عام 1990 ان النوعين التعاوني والمعتمد يمتلكان مستوى نفسي افضل على صعيد مؤشرات عدة بينما يمتلك المرجئ معدلات اقل. بينما ربطت دراسات عدة بين المعتمدين على ذواتهم وبين مؤشرات سيئة مثل الاكتئاب والقلق مثل ((Bickle et al. 1998; Schaefer and Gorsuch 1991). Specifically, Bickle et al. (1998)) بينما وجدت معدلات افضل من ناحية الاكتئاب لدى التعاونيين.
دراسة طرق التعامل الديني ركزت عموما على التعامل الديني للاشخاص مع المشكلات او الاحداث المأساوية مثل تفجيرات اوكلاهوما او 11 سبتمبر حيث وجد ان هناك علاقة واضحة بين انماط افعال او اراء الاشخاص حيال المشكلات هذه وبين نمط سلوكهم الديني.
هدف الدراسة
انماط السلوك الديني واثارها النفسية حيث توضيح العلاقة بين الدين والتعامل الديني من جهة وبين جوانب نفسية عديدة. ضمن التقسيم الموضح لنمط السلوك الديني للاشخاص.
العينة
تشمل العينة 189 شخصا من جامعة امريكية من ديانات واعمار وفئات عمرية مختلفة. يغلب على الديانات المسيحية البروتستانتية والكاثوليكية وهناك نسب ضئيلة لديانات اخرى مثلا المسلمين 2.09% والهندوس ما يقارب الـ 7%.
المقاييس
تم اعتماد مقاييس عدة لتحديد مستوى التدين للشخص الاول هو مقياس التدين الشخصي المعروف (Personal Religiosity Inventory (PRI)). والثاني هو مقياس حل المشاكل الدينية (The Religious Problem Solving Scales (RPSS)) يتكون الاول من 45 عنصرا للتقييم و9 درجات تبدأ من الصلاة الشخصية (PRP), حضور الطقوس (RA), الانشطة غير الكنسية (او غير المؤسساتية) (NRA), الايمان بالله (BLFGOD), الايمان بالاخرة (AFTLIFE), تأثير الدين على حياة الشخص الاجتماعية والاخلاقية (RSM), وتأثير الدين على تفكير الشخص (IDEO), ثم التجربة الشخصية للقرب من الله (CLOSEGOD), واخيرا الاعتقاد بالتأثير المباشر لله على معرفية الشخص ومعلوماته واخلاقه (INT). (Lipsmeyer 1984).
اما الثالث فهو The RCOPE Scale ويتكون من 12 عنصرا ولا علاقة له بالدين فهو مقياس متعدد الابعاد لقياس استجابة البشر للضغوط. المقياس الاخر المستخدم في تحديد الطرف الاخر من الدراسة وهي ما سيتم قياسه على ضوء انماط التدين والتعامل الديني ويسمى بمؤشر الرضا عن الحياة (The Satisfaction with Life Scale (SWLS)) وهو يتكون من خمسة درجات وتستخلص نتيجته من استبيان تتراوح الدرجات المستحصلة فيه 5-35 درجة (Diener et al. 1985) . اما المقياس الخامس فهو The Langner Symptom Survey (LSS) وهو يحدد اذا ما كان الشخص مصابا بمرض نفسي ام لا ويتكون من 22 عنصرا تتم الاجابة عنها بنعم او لا او يوجد ولا يوجد ودقة هذا الاختبار هي 84% والحد الفاصل به هو 4 نقاط فمن يحصل به على ما يزيد عن اربعة نقاط يعني انه يعاني من اضطراب نفسي معين.
تحليل البيانات
خلاصة
زيادة التدين تعني زيادة في الرضا عن الحياة لنوعين من المتدينين وهما النوع التعاوني الذي يرى ان حل المشكلات يتم بخطوة منه وخطوة من الله والنوع المرجئ الذي ينتظر حلول مشكلات حياته من الله. الرضا عن الحياة يزداد ايضا بازدياد التدين وفق مقياس الاستجابة للضغوط فالاشخاص الذي يستجيبون للضغوط يكونون اكثر رضا عن حياتهم من الاشخاص الاقل استجابة. غير ان النوع المعتمد ذاتيا يقل رضاه عن الحياة بزيادة تدينه وفي الحالتين التي يكون فيهما معتمدا بشكل كبير او بشكل قليل.
اما عوارض المشكلات النفسية فالنوع التعاوني والمرجئ والذان يلقيان جزءا من حلول مشكلاتهما على الرب فهما ينالان مؤشرات منخفضة على المنحني لا تدل على وجود عوارض نفسية وتزداد نسبة السلامة من العوارض النفسية بازدياد مستوى التدين. بينما يعاني المعتمد على ذاته من مؤشرات مرتفعة لوجود اضطرابات نفسية تقل هذه المؤشرات لدى الاشخاص الاكثر اعتمادية على ذواتهم وتزداد في الحالتين بازدياد التدين.
المصدر:
The Relationship Between Religion and Religious Coping: Religious Coping as a Moderator Between Religion and Adjustment
Keisha Ross, Paul J. Handal, Eddie M. Clark ,Jillon S. Vander Wal
Published online: 2 October 2008
Blanton-Peale Institute 2008
الجانب الروحاني او الديني اثر مهم في مسيرة الحياة بشكل طبيعي او هو مقوم من مقومات الحياة المتوازنة
فنجاح الانسان يعتمد على عدة جوانب روحاني وعائلي ومهني وصحي فلو ترك احداهم تسبب في اختلال التوازن
ومثال على ذلك المغني الشهير الفيس برسلي كان يتمتع بكل المقومات الشخصية من الوسامة والغنى والثراء ولديه عائلة جميلة
وحالته الصحية جيدة ولكن انتحر كما هو معروف بجرعة هيروين زائدة.