تُقَيم الدراسات النفسية الصفات الذكرية والأنثوية أو صفات النساء والرجال بمقاييس معينة سنتناول اثنان منها على سبيل التعريف والنقد.
المؤشر الأشهر الذي يتم من خلاله تحديد الذكورة والأنوثة في الشخصية هو مقياس بيم. وربما لو نظرنا لطرفي هذا المؤشر لاستطعنا مطابقته ربما مع بعض أنماطنا الثقافية عمن هم أكثر ذكورية أو رجولة بالمفهوم العربي بين الأجيال المختلفة أو بين الأشخاص اليوم وكذلك الحال مع الأنوثة غير أن المقياس ومكوناته بعيد عن أن يوصف بأنه علمي. يعرف المقياس بتقييم بيم للأدوار الجنسية. واستخدام هذا المؤشر شائع في الدراسات التي تقارن أمراً مثل الرجولة والأنوثة.
قصة هذا المقياس بدأت مع ساندرا بيم في عام 1974 التي جمعت 400 صفة مختلفة، وجدت أن 200 منها تقترن بالجنس بشكل مباشر من قبل الذين قامت بيم بإجراء الاستبيان عليهم، كما وجدت 200 أخرى نصفها تم ربطه بالرجولة أو الأنوثة والنصف الآخر لم يرتبط بأي صفة. هل سيكون تقييم الناس لهذه الصفات مطابقاً للعينات التي استندت إليها بيم لتحديد ذكورية أو أنثوية الصفات فيما لو اتجهت لمجتمعات أخرى أو لأزمنة أخرى؟
وجدت بيم مثلاً أن صفة “عدائي” و”تحليلي” ترتبط بالذكور في حين ترتبط صفة السعادة وتبدل المزاج بالنساء بحسب من تم سؤالهم. وبناءاً على تلك النتائج يختار الأشخاص صفاتهم ويتم إعطاء درجة للذكورية والأنوثة بشكل منفصل وبحسب فرضية أن الصفات الذكورية والأنثوية قد تتواجد في ذات الشخص بشكل مستقل. عرفت بيم الأشخاص الذين يحملون تركيبة متوازنة من الصفات بأنهم اندروجينيين أو بالترجمة الحرفية العربية التي قد لا تنطبق هنا ثنائي الجنس أو خنثى، وهذا يختلف عن الحالة البيولوجية أو عن الميل الجنسي فالوصف هنا سيكولوجي.
تم نقد مقياس بيم من قبل عديدين لأنه لا يتضمن مثلاً قضية الميل تجاه الجنس الآخر. شخصياً حين جربت الفحص يظهر فيه أن من الصعب ربما ربط تلك الصفات بالجنس سوى أن هناك نظرة معينة أن تلك الصفة يجب أن تضاف لقائمة الصفات الانثوية في حين أن صفة أخرى يجب أن تضاف لقائمة الصفات الذكورية. بأفضل حال يمكن القول أن المقياس يعطي تقييماً للذكر والأنثى بشكل نمطي.
المقياس الآخر يبدو لمن يراه للوهلة الأولى وكأنه لا يختلف كثيراً عن مقياس بيم، وقد صممته إحدى الباحثات اللواتي نقدن مقياس بيم وهي جانيت سبينس (Janet Spence). ويعرف هذا المقياس باستبيان الخصائص الشخصية (Personal Attributes Questionaire) ويتضمن المقياس أيضاً مجموعتين من الصفات الذكورية والأنثوية والصفات المحايدة.
في الحالتين، إن الأخذ بكل من المؤشرين قد يعطي على الأقل فكرة نمطية ثقافية عن موقع الشخص من مفاهيم الذكورية والأنوثة وليس بالضرورة أن يكون هناك مقياس علمي فهذه المفاهيم من حين تكون على مستوى الشخصية فإن الموضوع، وحتى الآن على الأقل، ليس فيه حسم علمي ولا يعد مشابهاً للمفاهيم البيولوجية حول الجنس.
من الأمثلة على الدراسات التي تقوم على هذه المقاييس هي دراسة أقيمت على جميع الدراسات التي أجرت التقييمات المذكورة لمقاييس الذكورية والأنوثة للعشرين سنة الأخيرة من القرن العشرين. وجدت الدراسة قرابة 90 دراسة استخدمت أحد المقياسين السابقين. وبالتالي فقد حصلت الدراسة على عدد كبير من الأشخاص الذين خضعوا لتلك الاستبيانات.
ما وجدته الدراسة أن الدراسات التي اتبعت مؤشر بيم وجدت أن نتائج النسوة المشاركات قد ارتفعت مع 4.5 في بداية السبعينات حتى 5.3 في إحدى الدراسات بنهاية التسعينات وأن جميع الدراسات في التسعينات كانت نتيجة النساء فيها أكثر من 5 في مقياس بيم في التسعينات. أما مؤشر الخصائص الشخصية فلا يبدو حاسماً جداً لكن الدراسة وضعت فيه متجه حين قامت بجمع حصيلة الدراسات ويتجه المتجه قليلاً من 20 إلى 21. من الملاحظ أن تغيراً في هذا الحد قد لا يعني الكثير كما أن التباين كبير جداً في بعض الأحيان حين النظر إلى نتائج الدراسات المختلفة عبر السنوات، وقد يعكس ذلك طبيعة التعامل مع حقائق كهذه من الصعب الحسم فيها حيث تنطلق من آراء الناس لتقييم الناس وفق آرائهم هم حول انتسابهم للصفات المذكورة.
مصادر
Bem Sex-Role Inventory, Britanica
Twenge, Jean M. “Changes in masculine and feminine traits over time: A meta-analysis.” Sex roles 36 (1997): 305-325.