الكثير منا سمع عن الكتاب الشهير “why evolution is true” لجيري كوين واخيرا ظهرت الترجمة العربية له عبر لؤي عشري والتي اهداها الى المثقفين والمفكرين والعلماء العرب والتي قال في مقدمتها:

حينما وضع تشارلز دارون البريطاني عالم التاريخ الطبيعي والحيوان نظريته في النشوء والتطور عبر الانتخاب الطبيعي للصفات في أواخر القرن التاسع عشر في كتابه (أصل الأنواع ) كانت الكثير من العلوم ما زالت في مهدها كعلم الأجنة والتشريح والحيوا ن وسلوك الحيوان والمتحجرات، وأخرى لم تكن قد نشأت وعرِفت بعد كعلم الوراثة والجينات والحمض النووي والطفرات الوراثية . لقد أدت كل هذه الاكتشافات والعلوم والملاحظات إلى نشوء ما يسمى اليوم ب “نظرية التطور الحديثة ” أو “الدارونية الحديثة ” على أساس من علم الجينات أو الوراثة الذي لم يكن يعرف دارون ومعاصروه شيئاً عنه حيث لم يكن قد تم اكتشاف قوانين الوراثة وذيوعها والجينات والحمض النووي بتسلسلاته . وحين يطالع المرء مقالات وبحوث الدوريات العلمية ومواقع الإنترنت الجامعية في مجال علم الحياء وفرعه علم الأحياء التطوري يشعر أن النشر الجماهيري العلمي قد صار في أمس الحاجة إلى “أصل الأنواع ” جديد ومعاصر، بمعنى كتاب موسوعي ككتاب دارون، يعالج الأسس العلمية وآخر الاكتشافات والحقائق طبقاً لأحدث المعطيات العلمية . لقد كان جهد دارون في تأليف أصل الأنواع أو غيرها من عشرات الكتب له رغم بدائية العلوم في عصره ضخماً للغاية وخارقاً موسوعياً حيث تعمق سواء في قراآت ومراجع عصره أو دراساته الحقلية خلال رحلاته العلمية حول العالم كعالِم للتاريخ الطبيعي واستغرق عشرين سنة يجمع الملاحظات لعمل كتابه الشهير . وقد تفضل المجلس الأعلى للثقافة بقسم المشروع القومي للترجمة بنشر أشهر كتابين لدارون وهما (أصل الأنواع ) و(نشأة الإنسان والانتخاب الجنسي ) إلا أن كتباً كهذه مع تقدم العلوم اليوم تعتبر بدائية وتراثية للغاية ومليئة بالغموض والأمور المجهولة والتي في عصرنا الحالي لم تعد مجهولة ولا من الغوامض المطلسمة بل عرِفت وتُوسِع فيها ككيفية انتقال الصفات الوراثية وقوانينها وظاهرة الطفرات الوراثية والجينات الزائفة وعلم المتحجرات والحلقات الانتقالية وغيرها.

ولعل هذا الكتاب لاستاذ الاحياء Jerry A. Coyne بجامعة شيكاجو بأمريكا، هو سعي مجتهد فاضل على طريق كتب من هذا النوع، ولعله قد أدرك الكمال في التأليف في هذا العمل الموسوعي الموجز . وأحد أهم فصوله هو الفصل الثالث ويتحدث عن علم الجينات وعلم وظائف الأعضاء وعلم الأجنة في علاقتهم بالتطور.

يتوجب الإشارة إلى أنه حيث ما ترد في الترجمة كلمة (جيني) فهي تعني كذلك (وراثي)، ونادراً ما بدلت كلمة Genetic جيني بكلمة وراثي، كما في عبارة التباين الوراثي والانجراف الوراثي والدراسات الوراثية، وكثيراً ما ترجمت كلمة (بيولوجي) بكلمة (حيوي)، وكلمة (كروموسوم) أو (كروموسومي) بكلمة (صبغي)، وقد راعيت الترجمة بدقة دون تغيير للمادة كما وردت وحرفياً، وإن استبدلت كلمة (الدارونية) التي استعملها الكاتب أحياناً بكلمة (نظرية التطور )، كما زودت كمترجم إلى العربية الكتاب ببضع صور إضافية كصور لبعض المتحجرات الانتقالية الهامة ونماذج لثنائية الشكل الجنسية وغيرها لإضفاء المزيد من الحيوية والمشاهدة البصرية على الكتاب كأداوت توضيحية وأدلة، وهذه الصور بلا أرقام.