هنالك العديد من الأشياء المريعة التي تملأ مواقع التواصل الاجتماعي في عالمنا اليوم، وعلى الرغم من أن البعض قد أصبح منيعاً بما يكفي، لكن عبارة “قد رأيت شبحاً” ما زالت قادرة على إثارة حالة من الصدمة والصمت في الأجواء، وهي قادرة على أن تغير من نظرتنا للأشخاص الى الابد، فحتى الآن هنالك العديد من الأشخاص المقتنعين برؤيتهم للموتى وهم يعودون للحياة.
هنالك طرفان في مباراة إثبات وجود الأشباح من عدمها، المشككون من جهة، متسلحين بالتفسيرات العلمية، ومن جهة أخرى، المؤمنون بخوارق الطبيعة، المشحونين بجرعات عالية من أدرينالين آخر الليل في الأماكن المسكونة، المقتنعون بأنهم قد رأوا شيئاً لا يمكن للعلم تفسيره. وبين شقوق هذا الصدع يقع نوع من الأشخاص كالذين قابلتهم في برنامجي الإذاعي، ممن لا يعتقدون بوجود الأشباح، لكنهم رأوا شيئاً أثار شكوكهم، وأبقوا تجاربهم تلك لأنفسهم خوفاً من وصمة العار في مجتمعهم.
في معركة إثبات عدم وجود الأشباح، إنه لمن السهل تبسيط الأمر كالتالي: إن معظم الناس يخوضون تجربة ما – كرؤية الأشباح – وبمجرد اتخاذهم خطوة الاعتقاد بذلك، فالأشباح تصبح حقيقية بالنسبة لهم، بمعنى آخر يصبح لها تأثير ملموس على حياتهم، أي باختصار، أصبحوا موجودين.
ويبدو بشكل ملاحظ أن التجارب الخارقة للطبيعة لطالما اتبعت أنماطاً محددة عبر التاريخ، حيث يتخذ المؤمنون من ذلك كدليل على حقيقة وجود الأشباح بينما المشككون يرون ذلك كمرضٍ معدٍ سببه الاعتقاد.
وما يثبت الأمر أكثر من أي شيء هو حاجة البشر لوجود الأشباح، وكم أن ذلك متأصل في أعماق النفس البشرية وصعب تحويله.
فعلى الرغم من جهود المشككين إلا أنه من الصعب تجاوز الخزعبلات التي تصاحب اعتقاداً كهذا، فهنالك العديد ممن لا يؤمنون بوجود إله لكنهم يؤمنون بوجود الأشباح، كما أن هنالك العديد ممن لا يؤمنون بوجود الأشباح لكنهم لا يتجرؤون على قضاء ليلة واحدة في بيت “مسكون” لأنهم في أعماقهم يؤمنون بوجود الأشباح بما يكفي ليجعلهم يخافون ذلك.
من الواضح أن الأمر عاد للظهور مجدداً بعودة ظهور طاردي الأرواح الشريرة في الديانة المسيحية والإسلامية أيضاً، فأفلام الرعب التي تملأ دور السينما وقصص الأشباح ما زالت تلقى تقبلاً واسعاً، وفي برنامج إذاعي آخر كالذي أقدمه، الأشرطة السوداء (The Black Tapes) فإننا لا نقدم للجمهور الرقمي سوى قصصاً مرعبة بما يكفي لأن ترتعش لها الأبدان.
من وجهة نظر مشكك، إنه من السهل رؤية “فقاعة الأشباح” هذه كدليل واضح على لاعقلانية المعتقدات الفاضحة التي تروج للأمر على حساب العلم والمنطق، ولا يسعنا ألا نرى ذلك في عالم فوضوي مليء بنجوم تلفاز الواقع وهم يضعون أصابعهم على أزرار إطلاق القنابل النووية على سبيل المثال، فذلك ليس إلا مجرد رد فعل لبحثنا عن السحر والأمل في عالم كئيب وقاسي.
ففي صميم قضية الأشباح الشائكة تلك تقع المفارقة بأن هنالك شيء ما على رغم تعلقه بالموت إلا أنه يريح أعماقنا.
وعندما تُعرضُّنا قصص الأشباح لبهجة الذعر تلك ضمنياً فإنها تعزز أمان وجودنا، كما أن رؤية الأشباح قد تجلب الراحة أيضاً.
ولعل أبرز الحلقات التي قدمتها في برنامجي كانت للثكالى اليائسين ممن شعروا أن أرواح أحبائهم تكلمهم حقاً، لم يكن هؤلاء مستغلين من الدجالين ممن يدعون أنهم وسطاء روحانيين، بل إنهم بكل بساطة وجدوا سعادتهم من فكرة وجود اتصال مع من يحبون.
وكأنهم يستحضرون وجود أحبائهم تحت غطاء الحزن، حيث لا داعي لوجود أي دليل، فتلك ليست إلا أشباحاً تعالج آلام الفراق، من وجهة نظر المشكك والمؤمن أيضاً، وبغض النظر عن حقيقتها، إلا أنها جلبت الراحة لهم (إقرأ عن هلوسات ظهور الموتى، عصام منير، العلوم الحقيقية).
إن أسقطنا الأمر على شريحة أكبر من المجتمع، فبإمكاننا إيجاد العديد من الحالات التي تقف فيها الأشباح دفاعاً في وجه أعظم أعداء البشرية؛ الموت.
إنها طريقتنا في معالجة الأحداث المأساوية، ومواجهة حقيقة أننا ومن نحب، سنختفي من الوجود يوماً، عندها لن تكون الأشباح مجرد خرافة مزعجة، إنما حاجة ثقافية واجتماعية.
المشككة والمحققة في الخوارق هايلي ستيفن (Hayley Stevens) ممن شارك في الموسم الأول من إحدى حلقاتنا كتبت تدوينة رائعة: كيف أن وفاة والدتها قد غيرت من موقفها تجاه الأشباح، فكانت تظن أن وميض المصباح في منزلها حينها ليس إلا إشارة لوجود والدتها، مما أثار صراعاً بين عقلها المشكك وقلبها المحطم المفجوع بفقدان من تحب.
لربما يحتاج المشككون لأن يكونوا حذرين أكثر في سعيهم للقضاء على المعتقدات اللاعقلانية وحل ظلال الأشباح تلك بأضواء المنطق القوية. فهنالك الكثير مما ينبغي علينا القيام به لتقديم التفسيرات العلمية والعقلانية لتلك التجارب الشبحية.
لأن تلك التفسيرات هي التي ستساعدنا في مجابهة الخوف- إن كان منزلاً مسكوناً أو أن الشخص نفسه مريضاً عقلياً، لكننا أحياناً نكون بحاجة الأشباح، فوجودهم ضروري ليخفف عنا ما بين الحياة والموت، وعالم بدونهم، ليس إلا عالم مشكوك بأمره في كل زاوية وركن مضيء، حيث لا مكان للموتى ليختبئوا أو لا مكان لنا لنختبئ من الموت – تلك هي الفكرة المخيفة حقاً.
وسأختم بسؤال مختلف، لن أسأل إن كان الأشباح حقاً موجودين، بل هل يمكننا أن نتواجد بدونهم ؟
(منقول بتصرف، من مقال لداني روبنز “Danny Robins” كاتب وصحفي وإذاعي، لديه برنامجه الإذاعي – مسكون (Haunted)، حيث يقوم بإجراء مقابلات مع الأشخاص الذين عاشوا تجربة تتضمن رؤيتهم لشبح ما، ثم يشرح لهم الأسباب الكامنة وراء ذلك بمساعدة الخبراء).
المقال الأصلي:
Danny Robins, “Do ghosts exist? If not, why do we see them?“, skeptic.org.uk
مراجعة لغوية: محمد عبدالزهرة
هل يجد اشباح في وقتنا هذا
كل ما لا خصائص له أو لا طبيعة له هو عدم و إستحالة حسب هذا التعريف أو حسب هذة الخصيصة أو الصفة أو الطبيعة .. لأن إنعدام التعريف أو إنعدام الوصف هو وصف في حد ذاته, وصف يعني إستحالة الوجود
انا شخصيا رأيتهم اعلم ان لا احد يصدقني ولكن ما رأت عيني لن اتجاهله
انا حاربت شبح وفزت اطلقت ريح قتلته
?
ما هو دليلك