ان ادمغتنا مليئة بالذكريات المختلفة التي تتنوع بين الذكريات التي تخص تجاربنا اليومية كالاحداث اليومية والاشياء التي شاهدناها اوالذكريات التي تتعلق بأشخاص آخرين, نحن نتذكر (من أنا وكيف وصلت الى هنا) ونتذكر ايضا اشياء تخص القطعة المعدنية لرقم ترخيص السيارة كما يتذكر الاباء والامهات غالبا ما يبحثون بشكل عشوائي ما يريده الطفل منهم حين يشترون هدية عيد الميلاد له. العشوائية إذا هي طريقة مهمة في الذاكرة لمساعدتنا على تذكر امور عديدة.
الفرق بين نوعي الذاكرة
قبل بضع عقود صنف علماء النفس المعرفيون (cognitive psychologists) نظام الذاكرة في الانسان على نظامين منفصلين, الذاكرة قصيرة الامد او التي تسمى الذاكرة العاملة (a short-term, or “working) والتي تحمل معلومات قليلة عن اشياء محددة نفكر بها حاليا ولفترة قصيرة , ثم الذاكرة طويلة الامد (long-lasting memory) والتي تحمل كميات كبيرة من المعلومات والتجارب والافكار التي تم الحصول عليها خلال فترة الحياة. هذين النوعين من الذاكرة يختلفان في نوعية التفاصيل التي يقدمانها, الذاكرة العاملة او القصيرة الامد توفر تفاصيل حادة مركزة عن اشياء قليلة نفكر بها في الوقت الحاضر بينما توفر الذاكرة طويلة الامد صورة اكثر عشوائية عن الكثير من الاشياء التي رأيناها او جربناها وهي تستطيع ان تستوعب كما كبير من المعلومات, إذا فإن تفاصيل الذاكرة ليست نقية وواضحة دائما كما انها قد لا تحتوي الا على خلاصة للاشياء التي حدثت والتي رأيناها.
دراسة سابقة نشرت بواسطة تيموثي ف برادي (Timothy F. Brady) عالم الاعصاب المعرفي (cognitive neuroscientist) في مؤسسة ماساشوسدس للتكنلوجيا وقد اقترح رفاقه في الدراسة ان الذاكرة طويلة الامد قد لا تكون بالعشوائية التي عرفت عنها, على أي حال فقد تضمن بحثهم محاولة لتذكر 3000 صورة لأشكال متنوعة – تشمل موادا كالحقائب واجهزة التحكم عن بعد واجهزة تحميص الخبز- وقد تم تقديم كل من هذه الصور خلال بضع ثواني. وفي نهاية مرحلة المشاهدة سأل الباحثون المشاركين عن مدى تذكرهم للاجسام التي شاهدوها من خلال عرض بعض الاجسام عليهم وسؤالهم فيما اذا كانوا قد شاهدوها من قبل, وليس مستغربا فقد كانت النتيجة ان اكثر من 90% من الاجوبة كانت صحيحة حتى ولو كانت الاجسام بالالاف. إذا فهذا النجاح الباهر يعد شاهدا على القدرة الهائلة للذاكرة طويلة الامد. الاكثر دهشة هو مدى عمق التفاصيل التي استطاع المشاركون في التجربة الحصول عليها فقد كان المشاركون قادرين على اعطاء مواضع الاختلاف بين الاشكال التي شاهدوها والاشكال التي لم يشاهدوها فمثلا ماكنة تحميص الخبز التي شاهدوها تختلف عن الماكنة التي تم عرضها عليهم بعد فترة المشاهدة بالتفاصيل الفلانية والفلانية!
طالما انه ليس عشوائيا تماما فلماذا ننسى الاشياء؟
إذا فهذا العمل يوفر دليلا قطعيا على ان الكم الهائل من البيانات المخزون في الذاكرة طويلة الامد ليس عشوائيا الى حد كبير. ويبدو اننا نحمل تمثيلا للاشياء التي شاهدناها بشكل واف ومفصل. وبالتأكيد فإن هذه الاكتشافات تثير سؤالا مهما: إذا لم تكن ذاكرتنا عشوائية فلماذا ننسى تفاصيل الاشياء التي نريد ان نتذكرها؟ تفسير واحد لهذا يشير الى ان الدماغ يحتوي على تمثيل للكثير من الاحداث والاشكال والتي قد لا نستطيع ان نحصل على معلومات بخصوصها عندما نريد ذلك. وكما اوضحت الدراسة فإننا إذا ما شاهدنا جسما معينا فإننا نستطيع ان تذكر بوضوح ودقة ما اذا كنا شاهدناه من قبل ام لا. ولكن إذا ما كنا في محل للالعاب نحاول ان نبحث عن لعبة لابننا فإننا نحتاج الى بحث خاص في الذاكرة للحصول على الاجابة دون الاعتماد على الذاكرة البصرية وهنا النقطة الهامة.
روابط تتبع / روابط عائدة