الكرياتين هو حمض عضوي نيتروجيني يتكون طبيعياً في الجسم من ثلاثة أحماض أمينية وهي الغلايسين والميثونين والارجنين بمساعدة ثلاثة إنزيمات. يعد الكرياتين مادة أساسية تسهم في فعاليات عديدة في الجسم منها الأداء العضلي. يتحول الكرياتين تلقائياً إلى كرياتنين (Creatinine) والذي يُطرح بالبول ويُعتبر الكرياتنين من المؤشرات المهمة على صحة وسلامة الكليتين. يعتمد تكوين الكرياتين طبيعياً في الجسم على تناول اللحوم والأسماك، وتكون عمليات تخليق الكرياتين بالدرجة الأساس هي العمليات الأيضية للأحماض الأمينية الثلاثة آنفة الذكر([1]).
إن الدور الأساسي للكرياتين هو كونه منظماً طبيعياً لتوازن الطاقة في الجسم. بالإضافة إلى إنتاجه في الجسم ووجوده في الطعام، يعد مكمل الكرياتين آمن وفعال. ويعتبر عاملاً مساعداً في الاضطرابات الدماغية مثل مرض هنتنغتون ومرض باركنسون([2]).
يحتوي البنكرياس في الثدييات على إنزيمين داخلين في أيض الكرياتين وهي الإنزيمات المسؤولة عن تحويل الارجنين والغلايسين والادينوسيل- ميثونين إلى كرياتين، أما الانزيم الثالث فموجود بمستوى عالي في الكلى، لذلك فإن الكرياتين يتكون في ثلاث أعضاء بالجسم، الكبد والكلى والبنكرياس([3]).
كيف يعمل الكرياتين في جسم الانسان؟
يعتبر الكرياتين عامل مهم في عملية تزود العضلات بالطاقة. وهو المركب الأصلي الذي يُشتق منه الفوسفوكرياتين (Phosphocreatine) والكرياتنين، ويقوم الفوسفوكرياتين بنقل الطاقة إلى العضلات حيث يتأيض إلى كرياتنين ويخرج الأخير عن طريق الجهاز البولي. وأصل كلمة الكرياتين مشتقة من الكلمة اليونانية كرياس (κϱέας) بمعنى “لحم”.
تتعدد المهام للفوسفوكرياتين والكرياتين كاينيز، حيث أن النقص في إنزيم الكرياتين كاينيز لدى عضلة القلب والعضلات الهيكلية يؤدي إلى اعتلال وظيفة الانقباض في تلك العضلات، لذلك فإن من المفيد إعطاء كبار السن مكملات الكرياتين والمرضى المصابين بالضمور العضلي، ومن الجدير بالذكر أن أقل وظيفة لنظام الفوسفوكرياتين بإعتباره الناقل الأساسي للطاقة في العضلات. من ناحية أخرى فإن هناك جانب بحثي يتعارض مع هذا الدور الأساسي للكرياتين، حيث تم استخدام نموذج جيني غذائي يعاني من نقص الكرياتين بالفئران، حيث لم يُلحظ تدهور في أداء التمرين العضلي الاقصى. ولم تلحظ تغيرات في الاستجابة إلى فشل عضلة القلب المزمن ولا دليل على التكيف العضلي؛ وهنا يُثار السؤال المهم: هل أن للكرياتين دور أساسي في دعم التمارين عالية الحمل، ودعم الاستجابة ضد التوتر العضلي المزمن في عضلات القلب والعضلات الهيكلية؟ بصيغة أخرى هل يمكن الاستغناء عن الكرياتين كما من الممكن الاستغناء عن بعض الأحماض الأمينية الجواب: قطعاً لا([4]).
للكرياتين القدرة على زيادة الكتلة العضلية، وتحسين الأداء العضلي، ومنع الأمراض التي تؤدي إلى ضمور العضلات، وتعزز الطاقة على المستوى الخلوي في العضلات، حيث أجريت دراسة على سمك من نوع (largemouth bass)، حيث تم إطعام هذه الأسماك بمكملات الكرياتين بسبعة تراكيز مختلفة (منها التركيز الصفري) بكمية (4.5-5.1 غم) لمدة 8 أسابيع، حيث لوحظ زيادة في وزن وطول السمكة، كما لوحظ ازدياد مستوى الكرياتين والفوسفوكرياتين بنسب 19.94% و 16.54% في عضلات السمكة، ثم بالملاحظة الفَسلجية وُجد أن الكرياتين يزيد بشكل كبير من المجموع العددي للألياف العضلية ويقلل من قُطر الليف العضلي.
ومن ناحية أخرى؛ وُجد أن استهلاك الكرياتين يؤدي إلى زيادة في المستوى البروتيني لمُميز المايوجين1 (MyoD1)، وهو بروتين يُنظم تمايز الخلايا العضلية بتحفيز دورة الخلايا، وكذلك يحفز إعادة تولد الخلايا العضلية، وهذا يؤدي إلى زيادة في تنسج (hyperplasia) الألياف العضلية مما يؤدي إلى تضخم العضلة، بالمحصلة من هذه الدراسة؛ فإن مكمل الكرياتين يؤدي إلى زيادة محتوى الكرياتين والفوسفوكرياتين، لذلك فإن هذا يؤدي إلى ارتفاع المخزون البروتيني والتنسج لألياف المايو (myofiber)، وكل هذا يصب إلى زيادة حركة النمو وزيادة القدرة على الاستهلاك الغذائي وبالتالي فإن هذا يؤدي إلى زيادة الوزن([5]).
تأثير مكملات الكرياتين في العضلات
منذ 1990 أجريت العديد من الأبحاث حول تأثير مكملات الكرياتين في الأداء والتراكم العضلي وكذلك بُنية العظام ووظيفة الدماغ. تتلخص تلك الأبحاث بأن الجرعة المثالية لتحقيق الأهداف المرجوة من مكمل الكرياتين غير معلومة، ولكن بالعموم فإن جرعة الكرياتين في طور التحميل هي 20غم على مدى لا يزيد عن 7 أيام، ثم تكون الجرعة المستمرة هي 3-5 غم/ باليوم، والاستمرار على هذه الجرعة لعدة شهور يؤدي إلى زيادة تركيز الكرياتين في الدماغ، أبحاث أخرى تبين التأثير الإيجابي لمكمل الكرياتين على عظام الخاضعين للبحث سواء كانوا أصحاء أم مرضى([6]).
في دراسة أجريت على فار بُترت ساقه بشكل كامل أو فأر بترت ساقه بشكل جزئي وأُعطي جرعات من الكرياتين، ولم يلاحظ تأثير مباشر للكرياتين على العضلات الهيكلية بل يحفز قدرة الفأر على الاستمرار بالتمارين الحركية ([7])
وفي دراسة أخرى أجريت حول شيخوخة العضلات وُجد أن لا تأثير للكرياتين في تحسين وظيفة العضلات في طور الشيخوخة([8]).
هل ينفع مزج مكمل الكرياتين مع الكافيين؟
من الممارسات الشائعة استخدام الكافيين مع الكرياتين من قبل الرياضيين، حيث ثبت أن للكافيين القدرة على زيادة تحمل أداء التمارين العضلية، إلا أن هناك تضارب في نتائج الدراسات حول مدى فعالية الكافيين مع الكرياتين في تمارين العَدو والقوة، حيث أثبتت دراسة آلية مستقلة للكرياتين والكافيين والتي بموجبها تحسن أداء تمارين العدو والقوة وأدت هذه الدراسة إلى إنتاج مكمل غذائي متعدد المكونات يحتوي على كلا من الكرياتين والكافيين. من ناحية أخرى؛ فإن هناك عدد قليل من الأبحاث التي تقول بأن الكافيين يقلل من قدرة الكرياتين على توليد الطاقة في الخلايا العضلية([9]).
تنويه: تجدر الإشارة إلى أن الحقائق العلمية الواردة في الدراسات التي أُجريت على الحيوانات لا يشترط أن تنطبق بذات الشكل على البشر، لكن المقال يشرح بشكل عام أن أثر الكرياتين ليس منحصراً بالبشر.
المراجع
[1]() Brosnan, J.T., da Silva, R.P. & Brosnan, M.E. The metabolic burden of creatine synthesis. Amino Acids 40, 2011.
[2]() Patricia J. Allen, Creatine metabolism and psychiatric disorders: Does creatine supplementation have therapeutic value?, Neuroscience & Biobehavioral Reviews, Volume 36, Issue 5, 2012.
[3]() James B. Walker, Advances in Enzymology and Related Areas of Molecular Biology Volume 50, 1979
[4]() Heinrich Taegtmeyer, DPhil1 and Joanne S. Ingwall, Creatine – A Dispensable Metabolite?
[5]() Haodong Yu, Ya He, Mu Qin, Li Wang, Keming Rong, Xuezhen Zhang, Dietary creatine promotes creatine reserves, protein deposition, and myofiber hyperplasia in muscle of juvenile largemouth bass (Micropterus salmoides), Aquaculture, Volume 583, 2024.
[6]() Darren G. Candow, Sergej M. Ostojic, Scott C. Forbes, Jose Antonio, Does one dose of creatine supplementation fit all?, Advanced Exercise and Health Science,
Volume 1, Issue 2, 2024, Pages 99-107.
[7]() Robert E. Young, John C. Young, The effect of creatine supplementation on mass and performance of rat skeletal muscle, Life Sciences, Volume 81, Issue 9, 2007, Pages 710-716.
[8]() J. Chami, Darren G. Candow, Effect of Creatine Supplementation Dosing Strategies on Aging Muscle Performance, The Journal of nutrition, health and aging, Volume 23, Issue 3, 2019, Pages 281-285.
[9]() Trexler ET, Smith-Ryan AE. Creatine and Caffeine: Considerations for Concurrent Supplementation. Int J Sport Nutr Exerc Metab. 2015