حول قراءة ستيفانو بيلياردي في كتاب حمزة تزورتزس “الحقيقة الإلهية”.

حمزة تزورتزس هو داعية إسلامي بريطاني ناشط في الحوار بين الإلحاد والدين، وبالأخص الدين الإسلامي وقد أصدر كتاباً أسماه “الحقيقة الإلهية: الله، الإسلام وسراب الالحاد”. وحيث أننا في العلوم الحقيقية لسنا مهتمين بالحوار بين الأديان او الأيديولوجيات كالالحاد والدين فإننا سنتطرق الى ما لفت بيلياردي الانتباه له من قضايا ذات صلة بالعلم مما طرحه تزورتزس في كتابه. ركز بيلياردي على الجوانب العلمية في الكتاب تحديداً.

في البداية ما يجعل الحديث عن هذا الكتاب صعباً جداً من منظور علمي هو تحدي الكاتب للعلم بأن العلم لا يشرح الميتافيزيقا. وبالإضافة الى ذلك كون الكاتب يعتد بمصدر آخر لا يمكن للعلم أن يعترف به وهو الوحي الإلهي. وبذلك فإن الكتاب بشكل عام يواجه تحدياً كبيراً بصفته محاولة للنقاش بين طرفين مختلفين. يقترح تزورتزس على اتباعه أن يروا الحقائق العلمية والنظريات كنماذج معينة تعمل حالياً لكن عليهم أن يرفضوها في نفس الوقت.

يلفت بيلياردي النظر الى حجة حمزة تزورتزس المكررة وهي أن العلم يتغير مستشهداً بنماذج من فيزياء نيوتن بالمقابل من فيزياء آينشتاين على سبيل المثال. العلم بالنسبة لتزورتزس هو محدود، متغير، وغير يقيني. غير أن بيلياردي يواجه ذلك ملفتاً النظر الى مغالطة حمزة تزورتزس لنفسه حين يستشهد بالحقائق العلمية للدفاع عن الدين. كيف ترى العلم محدوداً متغيراً وغير يقيني ثم تستشهد به للدفاع عن الدين؟ مغالطة كبيرة يواجهها فكر الاعجاز العلمي دائماً. يذكر تزورتزس مثلاً كيف أن القرآن يطابق العلم في نظرية الانفجار الكبير. وهكذا يستخدم تزورتزس العلم بشكل انتقائي حيثما أراد في مواضع أخرى يشير لها بيلياردي.

يعود تزورتزس ليسمي العلوم بـ “علم اليوم” مشبهاً العلوم بصيحات الموظة في الوقت الذي ينتقي ويستخدم تلك العلوم لاثبات صحة النص الديني في مواضع أخرى. يصف العلم أيضاً بالتقلب. كل ذلك يؤطر العلاقة بين تزورتزس، ومن يتبعه، مع العلم في إطار متوتر يجعل نيل أي فائدة من العلم أمراً غير ممكن. 

يتطرق تزورتزس الى ما يسميه قبول الحقائق العلمية دون تصديقها ويقصد بذلك أن على المؤمنين أن يقبلوا ببعض الحقائق العلمية مثل نظرية التطور في سياق التطبيق والتدريس دون قبولها في حال تعارضها مع عقيدتهم ونصوصهم. ويشير بيلياردي هنا الى صعوبة وعدم واقعية طرح كهذا لاسيما حين يأتي الأمر الى أشخاص يدرسون علم الأحياء مثلاً أو الفيزياء في حالات أخرى. إن أمراً كهذا لن يقود الى ما يزيد عن الازدواجية في الطرح فضلاً عن القبول السطحي للعلم دون الانخراط به وفهمه بجدية. ما الفائدة من العلم إذن؟ كما يشير بيلياردي الى أن ذلك قد يخلق المزيد من الممانعة بوجه العلم. 

يتجلى اضطراب علاقة تزورتزس مع العلم في حديثه عن التطور ففي الوقت الذي يدعو الى قبوله بصفته نظرية علمية كنموذج عملي، فهو يتطرق الى الكثير من الحجج الضعيفة ضد التطور. يستشهد مثلاً بشكل مغلوط من الكثير من ناقدي التطور والذين قاموا بتصفية وتطوير بعض الأفكار في التطور بدلاً من رفضه كما يصور تزورتزس.

قد يمثل خطاب تزورتزس مرحلة جديدة في العلاقة بين الدين والعلم لكن تلك المرحلة لا تمثل أي شكل جديد نافع لكل شخص يقف في جانب الدين ويرغب بالانخراط في الساحة العلمية قراءةً وبحثاً. يمكن وصف المحاولة الجديدة بأنها فاشلة وربما أكثر رداءة من الأنماط الأخرى من علاقة العلم بالدين كالقطيعة والرفض. الازدواجية ليست حلاً. 

عنوان الورقة البحثية:

Bigliardi, Stefano. “The Half-Baked Loaf: Reflections on Hamza Andreas Tzortzis’ Discussion of Science in The Divine Reality.” Zygon: Journal of Religion and Science (2024).