ماذا لو كان الابطال الخارقون حقيقيين ؟ كلنا نشاهد افلام الكارتون والافلام التي تتحدث عن اشخاص لديهم قدرات خارقة ويتمنى الكثيرون لو انهم امتلكوا قدرات خارقة كاللتي تظهر في الاعلام. لكن هل ستكون هذه القدرات مفيدة حقاً؟ هل سيستطيع الخارقون (إن وجدوا) أن يستخدموا قدراتهم الخارقة كما نراها؟ كيف ستكون محاكاة المشاهد التي نراها لو طبقت عليها قوانين الفيزياء؟
(سوبرمان) القوة الخارقة
ما الذي بالإمكان أن يحدث فيما لو أستيقظت صباحاً لتجد نفسك تتمتع بقوى خارقة كتلك التي لسوبرمان؟ سيكون عليك تناول الطعام بأستخدام الملعقة لكن من دون كسرها او مصافحة شخص دون ان تسبب له بكسور وهذا يشبه تماماً إجراء عملية جراحية لدماغ شخص ما. تخيل مثلا بأن هنالك فتاة قد سقطت من طائرة مروحية وأنتفضّت لمساعدتها فاتحاً يديك، هل يمكن لك تخيل ما سيحدث؟ سوف تتسبب بكسور لها وذلك يعود الى صغر المساحة السطحية للقاعدة التي سوف تسقط عليها (يديك) وكلما قلت المساحة السطحية كلما زاد تأثيرها على عظام تلك الفتاة وبالتالي فإن محاولتك مساعدتها سوف تتسبب بموتها. ما بإمكانك فعله حقاً لإنقاذها هو الطيران. حيث يجب عليك الطيران ثم الهبوط بنفس السرعة التي تسقط بها الفتاة متجنباً بذلك التوقف المفاجئ وعند الإمساك بها يجب عليك ان تقلل من سرعة هبوطك وهذا كله يجب ان تقوم به قبل أن تصل الفتاة الى الأرض والنتيجة هي موت الفتاة بكل الأحوال.
السرعة الخارقة (فلاش مثلا)
هل تعلم ما سيحدث لك إن كنت تتمتع بسرعة خارقة تجعلك قادراً على الركض بسرعة تفوق سرعة الصوت؟ لابد وأنك تعرف بأن الهواء يحتوي على جزيئات كثيرة وإن إصطدمت بها بسرعتك الخارقة هذه فإن ذلك سوف يولد حرارة كافية لأن تحولك الى فحم محترق. وإن كانت لديك قدرة معينة لتحمل درجة الحرارة هذه فسوف تعاني من مشكلة أكبر وهي دخول الملايين من جزيئات الأتربة في الوقت نفسه الى عينيك، وربما يمكنك أن تحل هذه المشكلة أيضاً عن طريق إستخدام عوينات مضادة للحرارة العالية. ثم هل فكرت في المباني والأشخاص الذين سوف يعترضون طريقك؟ يحتاج العقل البشري لمدة خمس الثانية لأدراك صور الأشخاص أمامه فإذا كنت تجري بسرعة (2500) ميل في الساعة لن تستطيع أدراك صور الأشخاص أمامك، أي سوف تصطدم بهم وتقضي عليهم قبل أن تراهم اصلاً. لنفترض أن مجرم قام بأطلاق النار على فتاة ثم جريت بسرعة (2500) ميل في الساعة محاولاً إنقاذها قبل أن تصلها الرصاصة. على الأغلب ستموت هذه الفتاة بطريقة أبشع مما لو أطلق النار عليها وذلك لأن الإنتقال من حالة السكون الى الحالة الحركية بسرعه كهذه سوف يتسبب بإرتطام مخها بخلفية جمجمتها وعند توقفك فجأة سيعاود مخ الفتاة الإرتطام بمقدمة الجمجمة هذه المرة وسوف تتسبب بموت الفتاة جراء الصدمة.
تضاعف الكتلة هالك مثلاً
ماذا لو كنت تمتلك القدرة على تغيير حجمك؟ حسب قانون حفظ الكتلة، لا تحدث للكتلة خسارة ولا اكتساب وإنما يمكن تحويلها من شكل إلى آخر وبالتالي فأن كتلتك ستبقى نفسها. وبمعنى اخر كلما إزداد حجمك ستحافظ كتلتك على وزنها وبزيادة حجمك ستبقى الجزيئات محافظة على عددها وكذلك عناصر جسدك لكن ما سيزداد هو المسافات البينية بين الجزيئات وعندها سوف تصبح كالبالون وستحتاج الى ان تبحث عن ملابس يمكنها التمدد والتقلص طبقاً لزيادة حجمك ونقصانه. عند زيادة حجمك لعشرة أضعافه مثلا سوف يزداد تأثير الجاذبية تقريبا مئة ضعف تأثيرها الأصلي وبالتالي كيف ستتحمل عظامك الخفيفة تلك الجاذبية الكبيرة؟ حيث سيكون من السهل جداً تكسر عظام ساقيك لفشلها في تحمل حجمك الكبير هذا. اما فيما يخص الطاقة التي سيحتاجها جسدك، علمياً سوف يستهلك جسدك كمية طاقة كبيرة جداً وذلك لأن كمية السعرات الحرارية التي سوف تحتاجها هي عشرات أضعاف ما يحتاجه الشخص الطبيعي وهذا يعني أن تقضي وقت طويل في شرب الماء وتناول الغذاء لكي تمد جسدك بكمية الطاقة الكبيرة هذه.
ماذا عن الأشخاص الذين يحلمون بجسد رملي؟ الرمال تتكون بصورة أساسية من أوكسيد السيليكون ونسبة هذه المادة في اجسادنا هي فقط (0.002%) وما يحتاجه جسدك من هذه المادة ليصبح ذو بنية رملية هو أضعاف هذه النسبة. يمكن أن تحل هذه المشكلة عن طريق تحويل جسدك الى مفاعل إندماج نووي لكي تستطيع ان تتلاعب بأعداد البروتونات وتّكون ذرات سيليكون جديدة وهذا يعني انبعاث كميات حرارة وإشعاعات هائلة مرافقة لكل ذرة متكونة جديداً وبالتالي سوف يتسبب جسدك بدمار البشرية بدل إنقاذها.
الاختفاء
ماذا لو كان يمكنك الإختفاء عن طريق وضع مادة معينة على جسدك مثلا؟ ما يترتب على ذلك هو، أولاً أن تتخلى عن إرتداء ملابسك دوماً بغض النظر عن كونك تشعر بالبرد او بالحر لأنها سوف تكشف تخفيك وعليك أن تتخلى أيضاً عن حمل أي شيء لأنه سيبدو كما لو كان طافياً في الهواء. أضف الى ذلك عدم خروجك في جو ممطر والإمتناع عن إستخدام العطور أو حتى التنفس والكلام لعدم لفت النظر إليك. بالإضافة الى ذلك كله فإن ذرات الغبار الناعمة جداً والشعر الناعم المتطاير والذين يصعب إزالتهم سوف يتسببون بكشف جسدك المختفي وستبدو كظل شخص أمام الآخرين. ما هو أهم من ذلك كله هو الضوء الذي عليه أن يمر أو ينحني من خلالك ليكمل طريقه دون ان يصطدم بك أو ينعكس للشخص الذي يقف أمامك، ثم إن الرؤية تعتمد على الإنعكاس فإن تسببت بإزاحة الضوء أو تمريره من خلال جسدك دون الوصول الى عينيك والإنعكاس فسوف تفقد أنت أيضاً القدرة على رؤية من حولك.
الطيران
إستناداً الى قانون نيوتن فإن لكل فعل ردة فعل، وهذا تماماً ما يحدث عندما تجري وتضرب بقدميك الأرض فهي بدورها تدفعك للأمام كرد فعل للضربة. العداء الجامايكي يُوسَين بولت هو أسرع من يجري على كوكب الأرض حيث سجل رقم قياسي يبلغ (27) ميل في الساعة. أما مايكل فيلبس فهو أسرع سباح في العالم حيث سجل رقم قياسي تقريباً بخمسة أميال في الساعة وهذا يعني أن أي طفل يجري على الأرض سوف يسبق فيلبس وهو يسبح. ما يثير التساؤل هنا هو ما سبب الفرق بين السرعتين على الأرض وفي الماء؟
يعلل سبب ذلك الى المسافات البينية شبه المعدومة بين جزيئات الأرض والتي تجعلها متراصفة مما يؤدي الى دفعك بإتجاه الأمام من دون أن تتسبب بإزاحة الجزئيات. بينما المسافات البينية بين جزيئات الماء ستجعل أغلبها ينزاح عن ضربتك بدل القيام بردة فعل لضربك لها. فما بالك بتلك المسافات البينية بين جزئيات الهواء؟ رد فعل الهواء لن يكون له أي تأثير يذكر والبطل ذو السرعة الخارقة فيزيائياً سيعاني من مصاعب كثيرة فهو هنا يمتلك القدرة على الطيران دون أن يمتلك قوة تدفعه نحو الامام. وسيبقى طافياً في الهواء بسبب عدم وجود قوة تدفعه. أما العقبة الأكبر للشخص القادر على الطيران هي التناسب الطردي بين الضغط الجوي ودرجة الحرارة، فالضغط الجوي يقل في المناطق المرتفعة ذات درجات الحرارة المنخفضة فهو لن يستطيع ان يحلق في الأماكن العالية والاختلاف بين ضغط الهواء داخل الرئتين عن الضغط الخارجي سوف يتسبب له بالألم والإغماء حتى.
الخلود
المشكلة في الخلود هو في أن يحدث لك فقط، أي موت كل من حولك وما يترتب على ذلك من شعورك بالوحدة والحزن. أما في حال أصبح البشر جميعهم خالدين فالمشكلة ستصبح أعظم حيث ستزدحم الكرة الأرضية بالناس. لكن ماذا عن الذكريات؟ لنفترض أنك بقيت على قيد الحياة لمليون سنة تقريباً، ربما ستقع في حب فتاة واحدة كل مائة سنة وهذا يعني أنك سوف تتعرف على عشرة آلاف فتاة خلال فترة حياتك هذه فقط، فكم فتاة سوف تتذكر منهن برأيك؟
ماذا عن الطبيعة؟ لو فضلت الطبيعة صفة معينة في البشر وواصلت هذه الصفة التطور في الأجيال الأخرى مع بقاء جيلنا الحالي خالد، فالأجيال القادمة بعد فترة المليون سنة هذه سوف تعيش مع أسلافها المختلفين عنها اختلافا جذريا. وهذا يشبه تماما حياتنا مع جيل (الهوموأيريكتوس) مثلاً. العقبة الأخيرة التي من الممكن أن نواجها هي الجروح وأثارها، هل يمكننك ان تتخيل كمية الجروح التي سوف تتعرض لها لو بقيت على قيد الحياة لمليون سنة؟ هل يمكنك ان تتخيل كم عضو او طرف او سن سوف تخسر في جسدك؟ ربما سوف ينتهي بك الامر وأنت (سايبورغ) أي عبارة عن شخص نصف جسده بأطراف وأعضاء صناعية.
تدقيق لغوي: نورس حسن