الكائنات الحية ليست فقط تحت رحمة حظ انجراف الطفرة (انتشار الطفرة المفيدة في سائر مجموعة النوع )، بل هم أيضاً مقيدون بتاريخهم النشوئي والتطوري . الطفرات الوراثية هي تغيرات في الصفات الموجودة فعليا .الطفرات لا تخلق أبداً تقريباً صفات جديدة تماماً كالعلامة التجارية . هذا يعني أن التطور يجب أن يبني أنواعاً جديدة انطلاقاً من تصميم أسلافها .
التطور هو كمعماري لا يمكنه تصميم بناية بالرسم، بل يجب أن يبني كل منشا أ جديد بالتكيف مع بناء أسبق وجوداً، مبقياً المنشأ صالحاً للسكن طوال الوقت . هذا يؤدي إلى بعض الحلول الوسطى .
فنحن البشر _كمثال_ سنكون أفضل حالاً لو تكونت خصانا مباشرة خارج الجسد، حيث درجة الحرارة الأخفض أفضل للحيوانات المنوية . رغم ذلك، فإن الخصيتين تبدآن نشوءهما في البطن .عندما يكون عمر الجنين المتعضي ستة أو سبعة شهور، تهاجران نازليتين إلى كيس الصفن من خلال قناتين تدعيان القناتين الأُربيتين أو المغبنيتين، مبعداً إياهما عن حرارة باقي الجسد المدمرة . تترك هاتان القناتان نقاطاً ضعيفة في بنيان الجسد مما يجعل الرجال عرضة لحالات الفتق الأربي . حالات الفتق تلك سيئة : إذ يمكن أن تسد المعى، وفي بعض الأحيان تسبب الوفاة في سنوات ما قبل الجراحة . لا مصمم ذكي كان ليعطينا هذه الرحلة المتعرجة للخصيتين، إننا ملتصقون بها لأننا ورثنا برنامجنا النشوئي من أسلاف شبيهة بالسمك، الذين تتطورت غددهم التناسلية، وظلت على نحو كامل في البطن . نحن بدأنا النشوء ذوي خصى باطنية لشبه سمك، ثم تطور متحدرونا لاحقاً إلى الخصى الخارجية، كإضافة خرقاء
من كتاب لماذا التطور حقيقة