التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (FMRI) هو تقنية موسعة وآمنة لقياس ورسم خرائط نشاط الدماغ. ويجري استخدامها في العديد من الدراسات لفهم أفضل لكيفية عمل الدماغ الصحي، ويُطبق في عدد متزايد من الدراسات لغرض فهم كيف أن وظيفة طبيعية تعطل بالمرض. يتقلب في دماغك نشاط الخلايا العصبية باستمرار اثناء قيامك بأنشطة مختلفة، ابتداءً من مهام بسيطة كالتحكم بيدك لوصول فنجان من القهوة والتقاطه، وصولاً للأنشطة المعرفية المعقدة مثل فهم اللغة خلال المحادثة. للمخ أيضا العديد من الأجزاء المتخصصة، حيث تملك الأنشطة التي تنطوي على الرؤية والسمع واللمس واللغة والذاكرة وما إلى ذلك من أنماط مختلفة من النشاط. حتى عندما ترتاح بهدوء بعينين مغلقتين، يبقى المخ نشطاً للغاية، ويعتقد أن أنماط النشاط في حالة الراحة هذه تكشف شبكات خاصة لمناطق غالباً ما تعمل معا. اصبح التصوير بالرنين المغناطيسي أداة قياسية في الطب الاشعاعي؛ لأنه يوفر صور عالية الدقة مع تباين جيد بين الأنسجة المختلفة.
التصوير بالرنين المغناطيسي
ويعمل عن طريق توظيف حقيقة أن نواة ذرة الهيدروجين تتصرف مثل مغناطيس صغير. باستخدام ظاهرة الرنين المغناطيسي النووي (NMR)، يمكن التلاعب بنوى (نويات) الهيدروجين بحيث تولد إشارة يمكن تخطيطها وتحويلها إلى صورة. عندما تتمدد في مجال مغناطيسي مكون من نظام التصوير بالرنين المغناطيسي، كل نوى الهيدروجين في جسمك، ومعظمها في جزيئات الماء، تميل إلى محاذاة هذا الحقل المغناطيسي. عند تطبيق نبضة مغناطيسية بتردد الراديو (RF) بالتردد الصحيح، فإن نوَّى الهيدروجين تمتص الطاقة ثم تنشئ إشارة مقتضبة وخافتة (إشارة MR) يتم الكشف عنها بواسطة لفائف الترددات اللاسلكية في نظام التصوير بالرنين المغناطيسي.
صورة MR هي خريطة لتوزيع إشارة MR، وتعد طريقة التلاعب في توقيت النبضات RF والتأخير قبل اكتشاف إشارة الرنين المغناطيسي أداة حساسة للكشف عن بعض التغييرات الطفيفة في تشريح المخ. ومع ذلك، فإن تعيين بنية الدماغ ليس بنفس كيفية رسم خرائط وظيفة المخ.
التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي
ان اكتشاف التصوير بالرنين المغناطيسي يمكن أن يكون حساسا لنشاط الدماغ، فضلا عن تشريح الدماغ، كان منذ حوالي 20 سنة فقط. وكانت الملاحظة الأساسية أنه عند زيادة النشاط العصبي في منطقة معينة من المخ، تزداد إشارة الاشعاع المغناطيسي بمقدار صغير. على الرغم من أن ذلك ينطوي على تغيير بالإشارة فقط حوالي 1% فقط، لكنه يبقى الأساس لمعظم دراسات الرنين المغناطيسي الوظيفي التي تُنجز اليوم
في تجربة الرنين المغناطيسي الوظيفي يتبدل الشخص الخاضع للتجربة بين فترات القيام بمهمة معينة وبين حالة مسيطر عليها (مراقبة)، مثل النظر الى محفزات بصرية لمدة 30 ثانية، بالتزامن مع اغلاق العين لمدة 30 ثانية. ويتم تحليل بيانات الرنين المغناطيسي الوظيفي لتحديد مناطق الدماغ التي تملك إشارة اشعتها المغناطيسية نمط مطابق من التغيرات، وتتخذ هذه المجالات لتُفَعّل من خلال التحفيز (في هذا المثال، القشرة البصرية في الجزء الخلفي من الرأس).
لم تتحسس اشارة الرنين المغناطيسي لتغييرات نشاط الدماغ؟
ليس لأن إشارة الاشعة المغناطيسية حساسة بشكل مباشر للنشاط العصبي. بدلاً من ذلك، يعد تغيير إشارة الاشعة المغناطيسية أثرا غير مباشر يتعلق بتغيرات تدفق الدم التي تتبع التغيرات في النشاط العصبي. الصورة لما يحدث دقيقة إلى حد ما، وتعتمد على تأثيرين اثنين، الأول هو أمتلاك الدم الغني بالأكسجين والدم الفقير بالأوكسجين لخصائص مغناطيسية مختلفة تتصل بالهيموغلوبين الذي يربط الأوكسجين بالدم. ولهذا تأثير صغير على إشارة الاشعة المغناطيسية، حيث أنه إذا كان الدم اكثر تأكسجاً تصبح الإشارة أقوى قليلاً. يتعلق التأثير الثاني بظاهرة فسيولوجية غير متوقعة. لأسباب معينة مازلنا لا نفهمها تماما، يؤدي النشاط العصبي الى تغيير أكبر بكثير في تدفق الدم مما هو عليه في استقلاب الأوكسجين، مما يؤدي إلى اكسجة الدم أكثر عند زيادة النشاط العصبي. تأثير مفارقة اعتمادية مستوى أكسجة الدم (BOLD) هي الأساس للرنين المغناطيسي الوظيفي إلى حد ما.
توفر ديناميكا (حركيات) جريان الدم نافذة على وظيفة الدماغ
ان تدفق الدم إلى منطقة من الدماغ حساس للغاية للتغيرات في النشاط العصبي. إذا كنت تنقر تسلسلياً كل إصبع من احدى اليدين بالإبهام بأسرع ما يمكن، فإن ذلك يزيد تدفق الدم في الناحية الحركية بحوالي 60%. لهذا السبب، تعد تغييرات تدفق الدم مؤشر حساس لتغيرات النشاط العصبي الأساسي. ومع ذلك، تبقى تقلبات تدفق الدم الكبيرة هذه تنتج تغيير إشارة اعتمادية مستوى أكسجة الدم والتي تكون نسبة مئوية قليلة فقط. على الرغم من ذلك، ان هذا يُمكن تعيين التغييرات في الأنشطة المرتبطة بنطاق واسع من المهام الحركية والحسية والإدراكية (المعرفية). وعن طريق تصميم التجارب بدقة للبحث في جوانب مختلفة لوظيفة المخ، يحاول الكثير من المحققين لفهم أفضل للتغيرات العصبية والنفسية المرتبطة بمرض الزهايمر والفصام والاكتئاب، والتوحد والعديد من الاضطرابات الأخرى.
بالاضافة الى ذلك، ففي السنوات الاخيرة، اصبح من الواضح ان هناك كم كبير من المعلومات حول كيفية تنظيم المخ فقط في طريقة استمرار مناطق المخ المختلفة العمل مع بعضها حتى وان كنت لا تفعل مهمة معينة. تتغير قوة شبكات حالة الراحة (RSN) هذه مع الامراض ايضا، وبعد هدفا مهما التحقق سواء يمكن فهم المرض النفسي من حيث اضطرابات هذه الشبكات الاساسية.
قياس تدفق الدم بوسم الدوران الشرياني مباشرة
ان إشارة اعتمادية مستوى أكسجة الدم التي تكمن وراء معظم تطبيقات الرنين المغناطيسي الوظيفي أساسا إشارة نوعية، لأنها تعتمد بطريقة معقدة على تغييرات استقلاب الأوكسجين وتدفق الدم الفسيولوجية مجتمعة. ان البديل للتصوير بالرنين المغناطيسي الذي يسمى وسم الدوران الشرياني(ASL) هو أداة لقياس تغيرات تدفق الدم مباشرة. احد قيود إشارة اعتمادية مستوى أكسجة الدم أنها دائماً إشارة تتغيير بين شرطين، مثل نقراصابعك مقارنة بالراحة. ولهذا السبب، لا يمكن لتصوير اعتمادية مستوى أكسجة الدم أن يقول لنا شيئا عن المستوى الفعلي لتدفق الدم قبل بدء المهمة. من الممكن مع وسم الدوران الشرياني قياس المستوى المطلق لتدفق الدم في أي ظرف. على سبيل المثال، إذا كان تدفق الدم يقلل من تطور مرض الزهايمر، يمكن الكشف عن ذلك بطرق وسم الدوران الشرياني وليس مع تصوير اعتمادية مستوى أكسجة الدم. يعمل وسم الدوران الشرياني عن طريق التلاعب بإشارة الرنين المغناطيسي للدم الشرياني قبل تسليمها إلى مناطق مختلفة في الدماغ. عن طريق طرح اثنين من الصور التي تم التلاعب بالدم الشرياني فيها بشكل مختلف، تطرح الإشارة الثابتة من جميع أنوية الهيدروجين في بقية الأنسجة، تاركة الإشارة الناشئة من الدم الشرياني التي تم تسليمها فقط.
يمكن استخدام تصوير وسم الدوران الشرياني و تصوير اعتمادية مستوى أكسجة الدم معا لتقديم تحقيقا كميا أكثر (اكثر كميةً) لوظيفة المخ، بما في ذلك تقييم تغيرات أيض الأكسجين، و يكون هذا التآزر المحتمل دافعا رئيسيا للأبحاث الجارية في (CFMRI) في تطوير الجيل القادم من أساليب الرنين المغناطيسي الوظيفي.
التصوير بموتر الانتشار
تعتمد وظيفة المخ على الروابط بين مناطق الدماغ، تحمل الشبكة المعقدة لمحاور عصبية الإشارات من خلية عصبية إلى اخرى. بالإضافة إلى طرق للكشف عن تنشيط الدماغ بالرنين المغناطيسي الوظيفي، كما يوفر التصوير بالرنين المغناطيسي طريقة لقياس هذه الارتباطات التشريحية. تتكون المادة البيضاء في الدماغ من حزم من هذه الألياف المحورية، كي تتم محاذاة كل الألياف ضمن منطقة صغيرة، ويمكن لتصوير موتر الانشار (DTI) قياس اتجاه هذه المحاذاة. وبمعرفة اتجاه الألياف في كل نقطة، من الممكن اتباع (متابعة) المسارات من خلال الدماغ الذي يعيين مساحات الألياف. يستثمر الأسلوب حساسية إشارة الرنين المغناطيسي لحركات عشوائية صغيرة من جزيئات الماء. ويماثل هذا الانتشار لجزيئات الماء قطرة حبر تتوع ببطء في بركة مياه بينما تنتشر جزيئات الحبر. في مساحات الألياف المادة البيضاء، عمليات نزوح جزيئات الماء بسبب الانتشار أكبر بكثير على طول اتجاه الألياف مما هي عليه في الاتجاه العمودي، مما يجعل من الممكن تعيين اتجاه الألياف مع تصوير موتر الانشار. بالإضافة إلى تعيين مساحات الياف المادة البيضاء، هذه الأساليب مفيدة لاكتشاف ووصف اضطرابات المادة البيضاء في المرض.
فحص الرنين المغناطيسي المجهري
باستخدامنا الماسح الضوئي 7 تسلا ولفائف الأغراض الخاصة المصممة لتصوير عالي الدقة، من الممكن تصور الفئران (والزرد حتى) مع دقة أقل من عشر الملليمتر. في حين تستهدف العديد من هذه الدراسات الدماغ أيضا ، تتوسع هذه الدراسات أيضا خارج الدماغ وتشمل تحديد مفصل للهياكل التشريحية (مثل الخطوط الهوائية في رئة الفأر في هذه الصورة) لمجموعة متنوعة من التجارب. اصبحت النظرة الثاقبة في علم التشريح وعلم وظائف الأعضاء بفضل التصوير عالية الدقة في الحيوانات الصغيرة يوفر تكملة حرجة للدراسات الإنسانية في أعمالنا بالماسحات الضوئية
التصوير بالرنين المغناطيسي الهيكلي/ التشريحي
يوفر التصوير بالرنين المغناطيسي الهيكلي معلومات حول تشريح الدماغ ليكامل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي بعدة طرق. بما انه تعتمد وظيفة الدماغ على سلامة هيكل الدماغ الى حد ما (الى مدىً معين)؛ تسمح التدابير التي تميز سلامة الانسجة الكامنة بدراسة تأثير خسارة الانسجة او تلفها على الاشارات الوظيفية. وعلاوة على ذلك، يوفر التصوير بالرنين المغناطيسي الهيكلي مرجعا تشريحيا لتصور انماط التنشيط و مناطق الاهتمام لأستخراج (استخلاص) معلومات اشارة وظيفية.
تتوفر الكثير من تسلسلات النبض، مؤكدة على الجوانب الطبيعية وغير الطبيعية لنسيج الدماغ. وبتعديل معاملات التسلسل مثل وقت التكرار (TR) و وقت الصدى (TE)، مثال على ذلك، يمكن للصور التشريحية ان تشدد على مسألة التباين بين المادة الرمادية والبيضاء (مثلا، تبيض T1 مع TR و TE قصيرين) او بين نسيج الدماغ والسائل المخي النخاعي (مثلا، تبيض T2 مع TR و TE طويلين).
يمكن استخدام المعلومات من التصوير بالرنين المغناطيسي الهيكلي لوصف الشكل والحجم، وسلامة الهياكل المادة الرمادية والبيضاء في المخ. تقيس التقنيات الشكلية حجم أو شكل هياكل المادة الرمادية، مثل النوى التحت قشرية أو الحصين (بنية تشريحية في الدماغ)، وحجم، أو سمك أو المساحة السطحية من المنطقة الخلفيّة لقشرة المخّ. يمكن أن يسمح حجم المادة البيضاء الطبيعي وغير الطبيعي أيضا بالاستدلال على سلامة المادة البيضاء الماكرو-هيكلية، مقدماُ دلائل على الالتهاب والادمة (استسقاء؛ تجمُّع سائل أصفر في البطن) و إِزالَةُ المَيَالين؛ يمكن أن تساعد الدراسات البنوية المجهرية التكميلية التي تستخدم تصوير الانتشار على تقديم صورة أكثر شمولاً عن سلامة اللب الأبيض. قد يميز الجمع بين التصوير بالرنين المغناطيسي الهيكلي والتصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي وتصوير الانتشار وظيفة المخ العادية وغير العادية بشكل اعم، مما يدعم الدراسات الارشادية البيولوجية للأعصاب أو الاضطرابات النفسية لتحديد المخاطر والتقدم والفعالية العلاجية.
http://fmri.ucsd.edu/Research/whatisfmri.html