علم الأعداد علم زائف يُعني دراسة المعاني الغامضة للأرقام ومعرفة تأثيرها على حياة الانسان. وبما أنه لا يوجد دلالات غامضة للأرقام، والأعداد يمكن ان يكون لها تاثير كبير على حياة إي إنسان. فعلم الأعداد ليس سوى خرافة يتنكر بصورة علم أوفن وينطبق عليه بذلك وصف العلوم الزائفة.
هنالك بعض ممن يدعون بانهم وسطاء الروحيين، مثل يوري جيلر (Uri Geller)، يدعون أن الأعداد تساعدهم على فهم الأحداث مثل الهجمات الأرهابية في 11 سبتمبر من عام 2001.
ووفقا لاعلان في مجلة (Parade magazine) في 25 فبراير من عام 1996، قام ماثيو غودوين (Matthew Goodwin) بإعداد نص اعتبره نصاً نهائياً في الأعداد، وماثيو هو احد خريجي معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وقد عمل في شركة الهندسة المعمارية، واطلق على النص إسم علم الأعداد. فالاعلان الذي نشر يعتبر مادة زائفة، حيث قام بطباعته ليونارد (J.J. Leonard)، وفي كل دعوة ترسل له 9$ قيمة لقراءة المقال، وترسل له 80$ اذا قام بقراءة علم الأعداد. فقط قام بتفسير الكيفية التي يعمل بها علم الأعداد، حيث قال:
“كل شيء يبدأ مع أسمك وتاريخ ميلادك، وهذا يعتبر قاعدة البيانات الأساسية لعلم الأعداد ومنها نستطيع ان نصف لك شيء من الغيب. فقد يتم تعيين قيمة الارقام في حروف أسمك وتضاف الى الأرقام في تاريخ الميلاد، وتصنف ضمن مجموعات، ونقوم بحسب علم الأعداد بتحديد الأرقام الرئيسية الخاصة بك. ثم نفسر معنى هذه الأرقام، وهي ما تقودنا الى وصف كامل للخصائص الشخصية الخاصة بك”.
ووفقا لكلام غودين انه من خلال الأعداد يمكنك “رؤية جميع الاجزاء المتنوعة من شخصيتك وكيف يمكن ان تكون شخصيتك”. وهذا سوف يمكنك “الاستفادة القصوى من نقاط القوة الخاصة بك بطريقة لم تكن ممكنة من قبل”.
فبرأيك ما هي الاختلافات العددية في (أ) التي يمكن ان تتواجد في حروف اسمك وتاريخ ميلادك سوف تكشف من أنت وماذا يجب عليك فعله في حياتك، وبين (ب) شخصا ما تصدر قائمة الموظفين، في كيفية عمل هذه الأعداد. انا اقول ان كل الأحتمالات قريبة من الصفر. ومع ذلك يجب ان لا نتجاهل علم الأعداد دون إجراء فحص شامل من الناحية النظرية للأمور الكامنة وراءه. ولكن للأسف، لا يوجد شيء هنالك.

فنحن يجب ان نأخذ بكلمة غودوين فقط دون فحص او أختبار، وبالرغم من عدم وجود اي فكرة عن الطريقة التي يعمل بها علم الأعداد. فما يقوم به قارئ الأعداد هو قراءة او كشف كما هو الحال بالنسبة للمنجمين. وبعد انتهاء القراءة سوف تكونون مندهشين من دقة الوصف، وسوف تكونوا مندهشين أكثر ان علمتم انه مجرد خداع، وما يدفع البعض للتصديق به هو الأنتقائية في تذكر ما ينطبق عليك من صفات (يفسر هذا بوضوح في تأثير فورير).

لماذا يُصدق الناس خرافة مثل علم الأعداد ؟

فعندما تحصل على قراءة للأعداد الخاصة بك، ستجد نفسك تتجاهل الأجزاء التي لا تنطبق عليك، وتركز على الاجزاء التي تبدو ملائمة. ويمكن ان تجد ان بعض الصفات مطابقة لك في الحين انها غير موجودة عندك، لكنك تريد ان تكون بهذه الصفات.

وبعد ان تقتنع بالقراءة عن طريق تحيزات الدماغ سوف تقوم بدعوة احد أصدقاءك لكي يقوم بقراءة الأعداد الخاصة به “أعتقد ان قراءة الأعداد بـ 9 دولارات سيكون أرخص”. والصفات التي يقرأها الوسطاء ومن بقراون الأعداد متشابهة تماما. والمطالب متشابهة ايضا، المحافظة على الزواج وزيادة فرص العمل وحل المشاكل الشخصية وإيجاد الحب.
أحد اهم العوامل التي تجعل من علم الأعداد والوسطاء مقنعين هو حاجة الأشخاص لسماع مدح حول مدى قوتهم او حبهم لسماع بأنهم يمتلكون قوة خفية، وهذا من شانه ان يعزز الحاجة الكبيرة للعواطف. ومع ذلك، فهنالك بعض الأشخاص اليائسين ممن يحتاجون لتشجيع من أشخاص لا يعرفونهم. وبكل تأكيد هنالك أشخاص ينتظرون ان يسمعوا ما عليهم فعله في حياتهم، فهم لا يستطيعون ان يتخذوا ابسط القرارات. ومن ناحية أخرى، كل واحد منا بالامكان ان يجرح بسبب نقد او نشعر باننا غير مرغوب بنا او يساء فهمنا ومن الممكن ان نتعرض للأرتباك. لذلك نحتاج الى شخص يرفع من معنوياتنا، وبهذا دائما ما يكون الزبون راضي لما يسمعه من قارئ الأعداد والوسطاء.
وهناك عامل آخر يجعل علم الأعداد أكثر جاذبية من الكرات الكريستالية والوسطاء الروحيين وغيرها من طرق التي يدعون بعض الأشخاص امكانية التحليل النفسي من خلالها، حيث ان علم الأعداد يعطي الدجال هآلة من النقد العلمي والصوفي، خاصة وانه يعتمد على تحليل إحصائي معقد. وفي الأعلان المذكور اعلاه يقول غودوين ان فيثاغورس “والد الأعداد” كان من المعتقدين بالأفكار الروحية عن الكون والأعداد، بما في ذلك الأنسجام بين المجالات.

ولا شك انه وجد شيء روحي حول العلاقة بين جوانب المثلث، لكن لم يصلنا اي شيء عن فيثاغورس سوى نظريته. وليس هنالك أي دليل على ان فيثاغورس كان يقوم بتحليل شخصيات تلاميذه عن طريق تعيين الأرقام الخاصة بحروف أسمائهم بالأضافة الى تاريخ ولادتهم. لو كان هذا الأمر حقيقي لادرك عدم معقولية هذه الفكرة. فاللغات المختلفة لها أبجديات مختلفة، والثقافات المختلفة تستخدم تقويمات مختلفة.

فمن غير المعقول ان يفكر شخص ما ان الكون يتغير “او يترتب” وفقا للترتيبات العددية للأسماء، و نعتقد ان هنالك العديد من التدوينات تقريبا بحجم الثقافات. ونفرض جدلا ان الكون مصمم بهذا الشكل، كيف لنا ان نعرف اي قراءة للأرقام هي الصحيحة؟ وهل مفهوم “القراءة الصحيحة” يكون لها معنى بحيث تكون مخصصة؟
فهنالك شيء واحد يجب ان ندركه الا وهو ان الكون يمكن تبسيطه بواسطة معادلات وصيغ رياضية. والصيغ يمكن اختبارها للتاكد من كونها دقيقة او لا. وهذا الامر مختلف تماما عن ما يدعيه البعض ان ان بطريقة ما يكون الأسم الذي اعطي لك عند الولادة كان محتوم عليك، بشكل مترابط مع تاريخ ميلادك ويتم تنسيقه بشكل مجاميع رقمية خاصة بكل شخص، وهذا يطلق عليه علم الأعداد وبواسطة هذه البيانات يمكن ان نعرف من انت، وما الشخص الذي ستكون عليه، وماذا سوف تحتاج وبماذا تشعر وماذا يجب عليك ان تفعل.

هذا طريق طويل من الجدال الفلاطوني للذين يدخلون الأكاديميات لكي يتعلموا الهندسة، فبالتاكيد ان غاليلو راى ان الكون مكتوب بلغة الراضيات، لكن لم يرى ان الأرقام في هذا الكون ممكن ان تتاثر بأسمي ويتحرك الكون بناء على ذلك. وهذا الأدعاء يعتبر تحريف للتاريخ. وعلى كل حال، حتى وأن ثبت ان كل من فيثاغورس وأفلاطون وغاليليو وآينشتاين آمنوا “بعلم الأعداد”، فهذا لا يجعل من علم الأعداد أكثر مقبولية.

المصدر: http://skepdic.com/numology.html