التطور التجريبي هو دراسة عمليات التطور التي تحدث في مجتمعات تجريبية تستجيب لشروط موضوعة من طرف المجرب. هذه المقاربة البحثية تستخدم على نحو متزايد في دراسة التكيف، تخمين المؤشرات التطورية، والتحقق من مختلف فرضيات التطور. وبالإضافة الى استخداماتها الواسعة في مجال تطوير اللقاحات، التطور التجريبي له تطبيقات جديدة في مجال التكنولوجيا الحيوية.

التطورات التكنولوجية الحاصلة أدت الى فهم أعمق للتغيرات الجينية والجزيئية للتطور التجريبي وبتوالي ظهور الاكتشافات، أسئلة جديدة أصبح بالإمكان مناقشتها بهذه المقاربة العلمية.

التطور التجريبي

بالرغم من ذلك هناك حدود للتطور التجريبي، فتفسير النتائج المحصل عليها محل جدل وذلك بسبب صغر عينات المجتمعات المدروسة، محدودية التدرج الزمني، بساطة الأوساط المخبرية، وفي بعض الأحيان إمكانية الفهم الخطأ لقوى الانتخاب وبعض العمليات اثناء العمل المخبري.

التطور التجريبي كأداة بحث:

نظريات التطور يتم الهامها والتحقق منها بفضل دراسة الأنماط والمجتمعات، على سبيل المثال دراسة الأعراق، الانحرافات الحاصلة في الأنواع، التغيرات في المجتمعات والتركيب الجيني والوحدات الجينية والتي تعكس كلها التطور القديم. علم التطور التجريبي عبارة عن واجهة بحثية تمنح فرصة دراسة عمليات التطور تجريبيا في الوقت الراهن. العقد الماضي شهد تطورا سريعا للدراسات التي تصب في هذا المجال وذلك بسبب زيادة الوعي حول فعالية هذه المقاربة بالإضافة الى تطور الوسائل التكنولوجية التي سهلت تحليل التركيب الجيني والجزيئي للتطور التجريبي.

يتم تعريف التطور التجريبي على انه دراسة التغيرات التطورية التي تحدث في عينات تجريبية، هذه التغيرات الناتجة عن شروط )بيئية، ديموغرافية، جينية، تكاثرية) مفروضة من قبل المجرب، وبالتالي لا نأخذ بعين الاعتبار حالات التطور التي لا تنتج من مخطط تجريبي مسبق.

التعريف السابق يستثني كذلك الانتخاب الاصطناعي، اين يتم اختيار الافراد الناشئة بشكل مباشر من طرف الباحث، واعتمادا على قيم ظاهرية لسمات وأنماط جينية محددة، مما يؤدي الى تمرير علاقة محددة مسبقا بين هذه السمات أو الأنماط الجينية وصلاحيتها.

على النقيض من ذلك نجد أن التطور التجريبي يمكن ان يؤثر على كل السمات والجينيات ذات الصلة بالصلاحية وذلك تحت الأنظمة البيئية المدروسة.

أحيانا يطلق على التطور التجريبي مصطلح “الانتخاب الطبيعي المخبري”، ومع ذلك دراسات جديدة انضمت لهذا المجال والأكثر من ذلك بعضها قد ركز اهتمامه على قوى تطورية أخرى بما فيها الانحراف الجيني، التحول والتدفق الجيني. ويمكن الجزم بان هذه القوى التطورية الأخرى تؤثر اثناء التجربة الى جانب الانتخاب تمام مثلما تفعل في الطبيعة. مما سبق قدمنا التطور التجريبي على انه مقاربة بحثية ليس فقط لإظهار محاسنها وفعاليتها و لكن لتبيان حدودها و تحذيراتها.

ناقشنا جوانب من الانظمة المدروسة والمخططات التجريبية ويمكن القول هنا ان الأنظمة التكنولوجية الحديثة أحدثت ثورة في دراسة التغير الجيني والجزيئي للتطور التجريبي.

تطبيقات:

استخدم التطور التجريبي لمعالجة مختلف المسائل المتعلقة بعلم الاحياء التطوري، هنا ناقشنا عديد ومختلف الأسئلة لكن بمراعاة ان كل سؤال أين يتم دراسته بشكل مستقل. كما تطرقنا الى إيجابيات التجارب طويلة الأمد بالإضافة الى بعض تطبيقات التطور التجريبي.

التكيف مع أوساط خاصة:

كثير من تجارب التطور التجريبي تسعى الى فهم آلية تكيف المجتمعات مع شروط بيئية معينة، محددة بعوامل خاصة كالحرارة، التغذية، التأثيرات البيئية والمنافسة.

قلة من هذه الدراسات وضعت من أجل التحقق من الروابط المفترضة بين تعدد الاشكال والصلاحية، هذه الدراسات بدأت من جين مصمم ليكون متعدد الاشكال في وسط المكان ثم قياس الاستجابة استنادا الى تردد الأليل. على النقيض معظم الدراسات تعتمد على التغير الطبيعي للجينات المأخوذة من مجتمع أساسي او مولد من البداية عن طريق التحول العشوائي. على الرغم من أن هذه الدراسات مدفوعة بفرضيات خاصة حول السمات التي يفترض أنها ذات صلة بالتكيف فان بعض السمات تتطور وتقدم رؤى جديدة غير متوقعة وبالتالي ما يمكننا أن نتعلمه من التطور التجريبي نسبيا انه لا يملك رؤية مسبقة حول السمات وعمليات التطور التي نتناولها بالدراسة. الاهتمام التقليدي بالجوانب الظاهرية للتكيف قد تم الربط بينه وبين المعطيات الجينية بشكل كبير لما توفره التكنولوجيا الحديثة من تسهيلات لذلك.

المصدر:

Experimental evolution, Trends in Ecology and Evolution October 2012, Vol. 27, No. 10 Tadeusz J. Kawecki, Richard E. Lenski, Dieter Ebert, Brian Hollis, Isabelle Olivieri, and Michael C. Whitlock