تقوم أدمغتنا بعمل بعض الحيل طوال الوقت، ويمكن لهذه الحيل أن تضللنا عن طريق جعلنا نعتقد بأننا يمكن أن نتذكر أحداث الماضي بدقة، لكن في الواقع أن اغلب ما نتذكره هو من الذكريات الكاذبة.
والذكريات الكاذبة هي ذكريات لأشياء لم تحدث في الواقع. فيمكن أن تكون مجرد أخطاء صغيرة في الذاكرة، مثل أن تتذكر رؤيتك لإشارة الاستمرار بينما في الحقيقة أنت رأيت إشارة التوقف، أو تكون أخطاء كبيرة مثل أن تتذكر انك ركبت منطاد، لكن في الحقيقة هذا لم يحدث.

العلوم الحقيقة

قبل أسابيع قليلة أردت معرفة (كاتبة المقال جوليا شو “Julia Shaw”، أستاذة في جامعة London South Bank University) ما يريد الأشخاص معرفته حول هذه الظاهرة، وهنا سوف أقوم بالإجابة على أكثر ستة أسئلة مكررة من قبل بعض الأشخاص.

  1. هل هنالك طريق يستطيع الشخص من خلالها معرفة أذا ما كانت ذكرياته حقيقية أم كاذبة؟
    حسب وصف المنشورات الأكاديمية للذكريات الكاذبة هي أنها بمجرد أن تترسخ في أدمغتنا تكتسب نفس خصائص الذكريات الأخرى، وبذلك نحن لا نستطيع أن نميز الذكريات الكاذبة عن الذكريات الحقيقية، والتي حدثت بالفعل. لكن هنالك طريقة للتحقق منها، وهي أن تبحث عن أدلة مؤيدة لأي ذكرى تريد التحقق منها.
  2. هل هنالك أشخاص هم أكثر عرضة للذكريات الكاذبة من غيرهم؟
    بالتأكيد، هنالك أشخاص أكثر عرضة لتوليد ذكريات كاذبة من غيرهم. وهم الأشخاص الذين يمتلكون معدل ذكاء منخفض والأطفال والمراهقين، وكذلك الأشخاص المصابين بأمراض نفسية مثل الفصام، والذي يجعلهم يواجهون صعوبة في الانخراط في الواقع. وبشكل أساسي أن إي شخص يجد صعوبة في معرفة الواقع من الخيال هو أكثر عرضة لتوليد ذكريات كاذبة.
    ومع ذلك، ففي بحث اجري من قبل جوليا شو عن الأشخاص البالغين “غير المصابين بالإمراض”، وجد انه لا يوجد اختلافات في شخصية الأشخاص الذين لا يولدون ذكريات كاذبة مع الأشخاص الذين يولدون ذكريات كاذبة. وقد خضع المشاركون في البحث لعدة فحوصات وعلى مستويات عدة، منها: مدى التعرض للأمور الخيالية، الإذعان، الشخصية، وكذلك إلى اختبارات للجنس والعمر ومستوى التعليم، ولم تجد إي اختلافات.
    وهذا لا يعني أنه لا وجود لنقاط ضعف، لربما تكون موجودة. فمن المؤكد انه يمكن للجميع أن يولدوا ذكريات كاذبة.
  3. ما هي المنطقة التي تشكل ذكريات الكاذبة بشكل سري خارج خبراتنا المباشرة؟
    في كل مكان. والسؤال هو ليس عن الذكريات الكاذبة، بل كيف يتم تزييف ذكرياتنا.
    الذكريات المعقدة والمليئة بالأحداث الكاذبة (ربما كل الأحداث) هي على الأرجح اقل شيوعا من الذكريات التي تحتوي على بعض الأحداث الكاذبة (حيث إننا لا نتذكر بشكل جيد أجزاء من الأحداث التي حصلت لنا)، فنقوم بملء الكثير من الفجوات بين مقاطع الذكريات بوضع الافتراضات، أن الماضي الشخصي الذي لدينا هو مجرد قطعة من الخيال.
  4. في ظل الأبحاث الخاصة بالذاكرة الكاذبة، ما هي الآثار المترتبة على الطريقة التي يعمل بها النظام العدالة الجنائية؟
    أن الآثار المترتبة على الأبحاث الخاصة بالذكريات الكاذبة هائلة جدا في ما يتعلق بنظام العدالة الجنائية. فقد أثارت شكوكنا بذكريات المشتبه بهم والضحايا والشهود، وحتى ضباط الشرطة والمحامين.
    فالذكريات حاليا تبطل العديد من القضايا، فقد تبين إننا لا نستطيع أن نعتمد عليها لكونها غير موثوقة بطبيعتها، فإننا ندعو إلى التشكيك في أسس التي تستخدم بخصوص الأدلة في المحاكمات الجنائية. فهو يقودنا إلى انه ربما قد تمت إدانة شخص ما بجريمة بناء على أدلة تتطلب الاعتماد حصرا على الذاكرة. وهو ما يبين لنا أيضا سوء تقنيات (المقابلات/الاستجواب) والتي قد تساعد على توليد ذكريات كاذبة، وهذا ما يضطرنا إلى إعادة النظر في ممارسات الشرطة.
  5. هل يمكن أن يكون للذكريات الكاذبة أثار ايجابية؟
    يعتقد أن الذكريات الكاذبة هي جزء من النظام المعرفي المعقد الموجود لدينا، فهو نفس النظام الذي يسمح لنا بالاحتفاظ بالمعلومات وحل المشاكل وان يكون لدينا مخيلة خصبة. فالذكريات الكاذبة هي جزء من هذا النظام، فقد تكون ايجابية أو سلبية.
    وعلى العموم فأن اعتبار الذكريات الكاذبة أمراً ايجابياً أو سلبياً يعتمد على الظروف. على سبيل المثال، أن عدم تذكر احد الضحايا جزء من جريمة تعرض لها أمر سيء لسير التحقيق، لكنه أمر جيد بالنسبة للضحية (لكونه يساعد الضحية على التخلص من الآثار النفسية السلبية).
  6. هل معرفتك بهذه المعلومات حول الذكريات الكاذبة يحسن من استخدام ذكرياتك الخاصة؟ (سؤال موجه للكاتبة)
    بالتأكيد، فقد كنت واعية حول ذكرياتي على المستوى الشخصي، فقط كنت سيئة في تذكر الأشياء التي تحدث في حياتي الشخصية. لكن من ناحية أخرى أنا جيدة في تذكر المعلومات والحقائق. ولهذا السبب أنا واثقة من بحثي حول توليد الذكريات الكاذبة، فهنالك بالتأكيد أشخاص آخرون ممن لا تعمل ذكرياتهم بشكل طبيعي.

وبينما كنت دائما حذرا حول دقة الذاكرة، إلا إنني اعرف انه لا يمكن الوثوق بالذاكرة دائما. فمن المؤكد بأننا نقوم كل يوم بتوليد ذكريات كاذبة. أنها لفكرة مرعبة قليلا عندما تعرف بأنك تستيقظ مع تغيير في ماضيك الشخصي.

المصدر: http://blogs.scientificamerican.com/mind-guest-blog/how-false-memory-changes-what-happened-yesterday/