الإحصائيات [1]:
– في دراسة حديثة (2011) أجريت على 61,392 شخصا من أحد عشر بلدا من الأمريكتين وأوروبا وآسيا قُدِّر انتشار ثنائية القطب بـ 1%، وكان النوع الأول BP-1 أكثر انتشارا (0.6%) من النوع الثاني (BP-2 (0.4%.
– نسبة الانتشار الأعلى كانت في أميركا (4.4%) والنسبة الأقل في الهند (0.1%). الذكور أكثر عرضة للإصابة بالنوع الأول والإناث أكثر عرضة للإصابة بالنوع الثاني.
– ثلاثة أرباع المصابين كانت لديهم أمراض نفسية أخرى comorbidity قد تصل إلى ثلاثة أمراض أو أكثر في أكثر من نصفهم. أمراض القلق هي الأكثر شيوعا (خصوصا نوبات الخوف panic attacks) تليها الأمراض السلوكية وأمراض استعمال الأدوية drug abuse.
– واحد بين كل أربعة مصابين بالثنائية القطبية النوع الألو وبين كل خمسة من النوع الثاني حاولوا الانتحار في الاثني عشر شهرا السابقة للدراسة.

الممثلة البريطانية الكلاسيكية (فيفيان لي) بطلة فيلم “ذهب مع الريح” شُخِّصت بثنائية القطب في أواخر حياتها (ويكيبيديا)
الأصول التطورية للاضطراب ثنائي القطب EOBD:
دراسة حديثة (2012) [2,3] تستفيد من أبحاث طبيب النفس الألماني إرنست كريشنر (1970) التي نشرها في كتابه “البنية الجسدية والشخصية Physique & Character”. راجَعَ كريشنر الأبحاث حول علاقة الجسد بالمزاج الصحي منذ القدم واستنتج أن الإنسان يندرج تحت نوعين وصفيين. لاحظ كريشنر أن المصابين بثنائية القطب يميلون إلى أن يكونوا غِلاظ البنية pyknic (سِمان ولهم أطراف قصيرة ورؤوس ضخمة ولا يتميزون بأعناق طويلة)، أما المصابون بالفصام فيميلون إلى أن يكونوا ضِعاف البنية leptosomic (طوال ضعاف البنية).
وصفُ كريشنر للبنية الغليظة يقابل وصف البنية الجسدية التي تكيَّفت مع البرد cold adapted، وبالرغم من أن “تكيُّف البرد” لم يكن جزءا من فرضيته، يشير الترابط بين ثنائية القطب والبنية الغليظة إلى أن الأسلاف الذين عاشوا في المناطق الشمالية المعتدلة -المنطقة الافتراضية التي يكون فيها الشتاء طويلا وقاسيا والصيف قصيرا جدا في تلك الفترة- طوَّروا سلوكاتٍ ثنائية القطب (اكتئاب + هوَس) كاستجابة للحالات المناخية شديدة البرودة في عصر البليستوسين (قبل أكثر من مليوني سنة). فإذا كنا في نوبة الهوَس (نشطين جدا ومرِحين ونتمتع بطاقة عالية) طول الربيع والصيف سنكون قد أنجزنا الكثير من الأشياء بحيث يمكننا أن نهدأ ونميل إلى الكسل والنوم (نوبة الاكتئاب) طول الشتاء (ساعدتني هذه المقالة [4] على فهم هذا الجزء).
السيناريو بسيط وقابل للفهم:
عندما يأتي الربيع تشرقُ الأرض بنورٍ وحيوية ويخرج الأسلاف نشطين مدفوعين برغبة الحياة وشهوة الجنس، إنهم لم يتكلموا منذ فترة طويلة فبلا شك سيثرثرون بلا توقف، وستهطل الأفكار والمشروعات على رؤوسهم كالغيث، يُهرعون إلى الصيد ويجمعون ما يستطيعون من المؤن لأجل شتاءٍ لن يتميّز بالشفقة، هم يعلمون أن هذا النور لن يدوم وأن هذا الدفء ستأتي بعده ليالٍ موحِشة، فلا حاجة إلى النوم إذن، لا حاجة إلى الأكل كثيرا، لا حاجة إلى الكسل… وعلى كل واحد منهم أن يثق في نفسه وأن يغامر ويضحِّي ليبقى.
ثم يذبل قنديلُ الصيف فتبدأ الأرض بالتيبُّس ويصير الهواء ثقيلا باردا، لو لم يكونوا نشطين في الفصلين السابقين لأهلكهم الشتاء، لكنهم الآن مطمئنون، لديهم ما يكفي من القوت، ونساؤهم حبالى، فمن الأفضل أن يناموا طويلا، ويأكلوا كثيرا، ويعتزلوا النساء، ويتلذذوا بالقعود والكسل في بياتٍ شتوي طويل.
ولأن هناك أدلة علمية على وجود جينات مشتركة بيننا وبين النياندرتال، تقترح هذه الدراسة أن ثنائية القطب لها أصل نياندرتالي. يعزز هذا الافتراض أن نسبة شيوع ثنائية القطب بين الأشخاص من أصل أفريقي (ليست لديهم جينات نياندرتالية) أقل بكثير من نسبة الشيوع بين الأشخاص من أصل غير أفريقي.
كما سبق، إذا كانت نوبات الهوَس mania تبلغ ذروتها في فصلي الربيع والصيف حيث الضوء والدفء، فمن المفترض أن تخف هذه النوبات بعد العلاج بالضوء phototherapy، وكذا نوبات الكآبة من المفترض أن تزيد في أوقات العتمة light deprivation وهذا ما أثبتته بعض التجارب (راجع القسم الخامس من الدراسة).
أيضا، هذه الاستنتاجات متوافقة مع آلية اضطراب ثنائية القطب، حيث تحدث معظم نوبات الكآبة ليلا ونوبات الهوس نهارا. سيكون هذا الافتراض مفهوما أكثر إذا علمت أن نوبات الهوس بلغت ذروتها في فصلي الربيع والصيف في 12 دراسة من 15 دراسة أجريت في فترات مختلفة من عام 1920 إلى 1995 في أكثر من عشر دول.

ذروة نوبات الهَوَس حدثت في الربيع spring والصيف summer عبارة “no peak” تعني أن ذروة الهوس لم يمكن تحديدها أو أنها لم تكن موجودة
في نهاية الدراسة تقول الباحثة Julia A. Sherman: “لا توجد حقائق معلومة تعارض هذه الفرضية، لكنها تحتاج إلى المزيد من التجارب والاختبارات. متانة هذه الفرضية تكمن في قوتها التفسيرية وتوافقها مع الحقائق المعلومة”.
المراجع:
[1]www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC3486639/pdf/nihms410850.pdf
[2] www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/22036090
[3] www.cogsci.ecs.soton.ac.uk/cgi/psyc/newpsy?12.028
[4] evolutionarypsychiatry.blogspot.com/2011/11/evolutionary-psychiatry-and-bipolar.html
عدد القراءات (810)