ما مدى السرعة التي تدور بها الثقوب السوداء؟

 

بقلم: فريزر كاين

 

ترجمة: بهاء محمد

مراجعة: أثير فيصل حميد…

تصميم بوستر: محمد الأسدي
ليس هناك شيء في الكون اكثر اذهالاً أو غموضاً مثل الثقب الاسود. بسبب خطورتها الهائلة وقدرتها على امتصاص حتى الضوء، فهي تتحدى محاولاتنا لفهمها. كل اسرارها خبئت وراء حجاب افق الحدث.

ما هو شكلها؟ نحن لا نعرف. انها تمتص كل الاشعاع الذي ينبعث منها. ما هو حجمها؟ هل  لديهم حجم، او يمكن ان تكون كثيفة بلا حدود؟ نحن لا نعرف. ولكن هناك القليل من الاشياء التي يمكن ان نعرفها. مثل مدى ضخامتها، وما مدى السرعة التي تدور بها؟

انتظر، ماذا؟ الدوران؟
خذ بعين الاعتبار النجم الضخم الذي جاء قبل الثقب الاسود. تم تشكيله من السديم الشمسي، حاصلاَ على دوانه عن طريق حساب متوسط الزخم لجميع الجزيئات الفردية في السحابة. كما عملت الجاذبية على تشكيله، ومن خلال المحافظة على الزخم الزاوي أصبح يدور بسرعة اكبر. عندما يصبح النجم ثقباً اسوداً، فإنه لا يزال يملك كل تلك الكتلة، ولكن مضغوطة الى مساحة متناهية أكثر في الصغر. وللمحافظة على ذلك الزخم الزاوي, فإن الثقب الاسود يزيد من معدل دورانه… كثيراً. والتاريخ بأكمله لكل الاشياء التي استهلكها الثقب الأسود خلال أي وقت مضى, يختزل لرقم واحد: معدل الدوران.

اذا كان الثقب الاسود يمكن ان يتقلص الى حجم متناه في الصغر، فمن الممكن ان تفكر بان معدل الدوران قد يزداد الى الما لا نهاية ايضاً. ولكن الثقوب السوداء لديها سرعة قصوى.
“هنالك حد اقصى للسرعة التي يدور بها الثقب الاسود. وهي نوعاً ما تضبط بزيادة سرعة دوران الثقب الاسود, وصغر افق حدثه.”
هذا ما قاله الدكتور مارك موريس ، استاذ الفلك في جامعة كاليفورنيا. كرس الكثير من وقته لبحث  اسرار الثقوب السوداء.

“هناك هذه المنطقة في الخارج، تدعى حاشية الثقب الاسود (the ergosphere) [المترجم: وهي منطقة تقع خارج دوران الثقب الاسود] بين افق الحدث وحد اخر. وحاشية الثقب الاسود منطقة مثيرة جدا للاهتمام خارج افق الحدث حيث من الممكن ان تحدث مجموعة مثيرة من التأثيرات.
تخيل افق حدث الثقب الاسود كمثل كرة في الفضاء, ومن ثم ما يحيط به هو حاشية الثقب الاسود. كلما دار الثقب الاسود بسرعة أكبر, زادت هذه الحاشية من تسطحها.

يتم ضبط الحد الاقصى للسرعة من قبل افق الحدث، في نهاية المطاف، عند مستوى دوران عالي بما فيه الكفاية، تصل الى التفرد. لا يمكنك الحصول على ما يسمى الجاذبية الفردية (naked singularity) [المترجم: بدون وجود افق الحدث]. لا يمكنك الحصول على تفرد مكشوف لبقية الكون. وهذا يعني ان التفرد بحد ذاته يمكن ان يبعث طاقة او ضوء ويمكن لشخص في الخارج ان يراها في الواقع. وهذا لا يمكن ان يحدث. هذا هو الحد المادي لمدى السرعة التي يمكن ان يدور بها. يستخدم الفيزيائيون وحدات الزخم الزاوي التي تبنى على اساس الكتلة، وهو شيء غريب، ويمكن وصف الحد الاقصى للسرعة كزخم زاوي يساوي كتلة الثقب الاسود، وذلك ما يضبط الحد الاقصى للسرعة.

تخيل فقط. الثقب الاسود يدور بسرعة تصل الى نقطة يكاد يكشف فيها عن نفسه. ولكن هذا مستحيل. قوانين الفيزياء لن تدعه يدور أسرع من ذلك. وهذا هو الجزء المذهل، علماء الفلك في الواقع كشفوا ثقوباً سوداء هائلة تدور بهذه الحدود التي تتنبأ بها هذه النظريات.
ثقب اسود واحد, في قلب مجرة (NGC 1365) يدور بحدود 84% من سرعة الضوء. وصل الى الحد الاقصى لسرعة الكون, ولا يمكن ان يدور اسرع من هذا مالم يكشف عن تفرده.

الكون مكان جنوني جداً.

المصدر:
http://phys.org/news/2014-02-fast-black-holes.html