الغاية من عيد الحب هو تذكيرنا بأن الحب شيء يستحق أن نحتفل فيه، فالحب أمر مدهش وخاص. ولكن له آثار مترتبة على ذاكرتنا.

الحب يجعلك تثمل

هل مر عليك في يوماً ما إعلان ينصحك بالابتعاد عن المخدرات لما لها من تأثير على الدماغ؟ يمكنك استبدال كلمة “مخدرات” بكلمة “حب” وتطبق نفس التحذيرات. فقد وجد العلماء أن الحب يقوم بتنشيط نفس المناطق في الدماغ التي تنشط عند تعاطي المخدرات، مثل حبوب الهلوسة و الكوكائين.

وقد وصف عالم الأعصاب كايو تاكاهاشي (Kayo Takahashi) وفريقه الحب باعتباره “تجربة تشمل جميع الآثار المربكة والممتعة في نفس الوقت”. قد لا تحتاج لمجموعة من العلماء أن يخبروك بذلك، لكنك بالتأكيد تحتاج لهم لكي يشرحوا لك ما يعنيه هذا بالنسبة للدماغ.
في عام 2015 كان كايو وفريقه مهتمين باكتشاف آثار الدوبامين المسببة للشعور الجميل في الحب. فالدوبامين يشعرك بالمتعة بالإضافة إلى عدد من الآثار الأخرى. حيث بدأ كايو بأشخاص كانوا في مراحل مبكرة من العلاقات العاطفية، ووجدوا عند استعراض صور للحظات رومانسية أن الدوبامين يتدفق إلى أجزاء معينة من الدماغ. فالأدمغة تطلق الدوبامين لتخزين اللحظات في ذاكرة طويلة الأمد.

الحب والدوبامين وتحفيز الذاكرة

وجدت مجموعة من العلماء أن حقن الأشخاص المصابين بضعف في الذاكرة بمركب الدوبامين يمكن أن يحسن ذاكرتهم. وبعبارة أخرى أن قمنا بزيادة الدوبامين في الأشخاص اصطناعياً، فإنهم سيقومون بأداء أفضل في المهام المتعلقة بالذاكرة بالنسبة لأشخاص لا يحصلون على دفعة دوبامين. وعند جمع الأمرين مع بعضهما، فالحب يجعلك تثمل، والثمل يجعلك تفرز المزيد من الدوبامين، فبالتأكيد سوف تتحسن ذاكرتك.

وهذا هو أحد الأسباب التي تجعلك تتذكر تفاصيل موعدك الرومانسي، مثل الكلمات التي قام شريكك بهمسها، او طريقة تصفيفة شعره. والتجارب الحديثة تبين أن الدوبامين يزيد من اليقظة، فتدفق الدوبامين يعني أن أدمغتنا عند الحب تعمل أفضل في ما يخص الذكريات.

وكما هو الحال مع كل شيء، الاعتدال أفضل والزيادة مضرة. فالإكثار من الدوبامين أمر سيء بالنسبة لك، لأنه يسبب ضعف الذاكرة. وهنا مكمن الاختلاف بين الحب وتناول المخدرات. فالمخدرات تعتبر منشطات مفرطة، حيث تجعل دماغك يفرز كميات كبيرة من الدوبامين، وهذا تحفيز سلبي. فقد وجدت الكثير من الأبحاث أن الأشخاص الذين يتعاطون حبوب النشوة يعانون من ضعف في الذاكرة. كما أنه تم الربط بين الاستخدام المزمن للأدوية وبين تغير مستوى إفرازات الدوبامين، مما يسبب اضطرابات مزمنة في الدماغ، ومنها الفصام ومرض باركنسون.

هل يُحسن الحب والدوبامين الذاكرة دائماً وأبداً؟

إذا كان دماغك أفضل في التذكر عندما تكون في حالة حب، فهل هذه الذكريات ستبقى غير ملوثة دوما؟ بالتأكيد لا. الذكريات لا يمكن ان تكون ممتازة دائماً، فقد تكون ذكريات وهمية بالكامل. فقد أظهرت الأبحاث ان هنالك ذكريات كاذبة (false memories) والتي تعتبر تشوهات في الذاكرة ذات طابع عاطفي بالغ، تتضمن أحداثاً إيجابية. ففي دراسة أجريت في عام 2008 من قبل ستيفن بورتر (Stephen Porter) وزملاءه، لاحظ بورتر أن 41.7% من المشاركين في الدراسة ولدوا ذكريات كاذبة إيجابية ومضحكة، معتقدين أنهم شهدوا أشياء لم تحدث في الواقع رسمتها وسائل الإعلام الكندية حيث أقيمت الدراسة.

ذكريات الحب معرضة لمثل هذه التشوهات كما هو الحال في أي نوع آخر من الذكريات، فيبدو أن لا أحد في مأمن من تشوهات الذاكرة. فعندما تسأل شريكين، فإنك سوف تلاحظ عدد من الحالات التي تتناقض فيها الأحداث. ولو فكرنا بأن هنالك حقيقة واحدة، ففي هذه الحالات ستكون إما إحدى هذه الذكريات أو كلتاهما ذكريات كاذبة.

ذكريات الحب في السراء والضراء

ذكريات الحب وكذلك الأحداث التي وقعت لنا ونحن في حالة حب، يمكن أن تتشوه بشدة أثناء العلاقة أو بعدها.

فأثناء العلاقة تظهر الأبحاث أن أولئك الذين يثقون بشركائهم يتذكرون الأشياء الإيجابية أكثر من الأشخاص الذين يمتلكون ثقة منخفضة. وبعبارة أخرى، عندما تثق بشريكك هذا يجعلك تتحيز لتذكر الأشياء الجيدة. بينما الشركاء الذين تكون الثقة بينهم منخفضة يكونون عكس ذلك، وتذكر أحداث سيئة بصورة كبيرة سيزيد من سلبية العلاقة. فالثقة لها تأثير على ذكريات الحب.

المشاعر المعقدة يتم تفعيلها خلال وبعد العلاقات العاطفية، وهذا يعني أن التحيزات يمكن أن تؤثر على عمليات الذاكرة المرتبطة في الحب بعدد لا يحصى من الطرق. وهذا يعني أن هنالك علاقة معقدة بين الحب والذاكرة.

عموما، الحب جيد للذاكرة، لكن العلم يقول أنه يمكنك أن تكون مجنوناً في الحب وقتما تشاء.

المصدر:

Julia Shaw, “This Is Your Memory on Love” MIND Guest Blog, scientificamerican.com, February 9, 2016