تحسين الذاكرة وقدرات الدماغ بواسطة موجات كهربائية خلال النوم: الموجات الكهربائية الخفيفة التي تحدث لخلايا الدماغ أثناء النوم مهمة في تحسين الذاكرة، هذا ما وجده علماء ألمان عن طريق تمرير تيار كهربائي ضعيف لدماغ الطلاب كلية الطب خلال نومهم، وادى ذلك الى تحسين أدائهم في تذكر الكلمات. ويمثل هذا الاكتشاف أول دليل على أن التذبذبات البطيئة التي تنشئها الخلايا العصبية في الدماغ ليست منتج ثانوي من النشاط العصبي، بل هي مهمة في تكوين الذاكرة.

قامت عالمة الأعصاب ليزا مارشال (Lisa Marshall) من جامعة لبيك (University of Lbeck) وزملاؤها بربط رؤوس مجموعة من طلاب الطب بأسلاك مزودة بأقطاب كهربائية. وقامت بتمرير ذبذبات كهربائية بطيئة للخلايا العصبية أثناء مرحلة حركة العين غير السريعة (non-rapid eye movement) من النوم، حيث طبقت 0.517 ملي أمبير عند تردد 0.75 هيرتز، والذي يحاكي بشكل مطابق إشارات الدماغ خلال النوم العميق. وقام فريق مارشال بتطبيق هذا التيار خمس مرات، كل مرة يستمر فيها التيار خمس دقائق، وعلى مدار الليل دون التسبب بأي ازعاج للطلاب حتى الصباح. وطلب من الطلاب قبل النوم حفظ 46 كلمة زوجية. كان معدل تذكرهم للكلمات قبل التجربة 36.5 وبلغ بعد التجربة 41.2 وفي المجموعة الضابطة 39.5.

وتقول مارشال: “أن التذبذبات البطيئة تحفز تكرار الذكريات المشفرة في الحصين (hippocampus) مؤخرا، حيث يتم تخزين الذكريات التعريفية بشكل مؤقت”، في اشارة الى نوع الذاكرة المستخدمة تذكر الوقائع والأحداث بوعي. عادة ما تبدو الوسيلة الرئيسية في الدماغ هي ترسيخ الذاكرة التقريرية (declarative memory)، فتقول مارشال انها تلاحظ”هذا التكرار يحفز نقل الذكريات وارجاعها الى القشرة المخية الحديثة حيث يتم تخزينها لفترة طويلة“. ولكن الزيادة لا تعمل بشكل جيد في مهمة تتضمن تذكر سلسلة من مفاتيح صنابير المياه، كما أن الزيادة في الترددات الأخرى للدماغ يمكن أن يحسن الذاكرة. هذا ما ذكر في الورقة البحثية التي تعرض النتائج والتي نشرت في عدد نوفمبر لمجلة نيتشر (Nature).

وتعزز نتائج الدراسة قضية أن الكهرباء يمكن أن تحدث تأثيراً زمنياً (synchronizing effect) على الخلايا العصبية المفردة ولها آثار إيجابية. ويلاحظ الطبيب النفسي جون كروزيلير (John Gruzelier) من كلية غولدسميث في لندن، والذي يعمل على تدريب الموسيقيين على السيطرة على موجات المخ الخاصة بهم، لكي يحسنوا من أدائهم، أن “طلبات تحسين الآداء ليست محصورة على الأصحاء، بل يمكن تطبيقها أيضا على بعض ذوي الأمراض، كما في حالة الأطفال قليلي الانتباه وكذلك يمكن استخدام الموجات المغناطيسية لمعالجة الاكتئاب. لدينا أيضا آثار لميزات أخرى في الذاكرة مثل استرجاع الذاكرة والذاكرة العاملة”، في التذبذبات التي هي أسرع من 0.7-0.8 هرتز.

ويقول جرجي باسكي (Gyrgy Buzski) من جامعة روتجرز “أنها تظهر أن الشخص يستطيع التأثير على نشاط الدماغ بواسطة وسيلة بسيطة جدا، فالتحفيز الكهربائي من خلال فروة الرأس لا يتطلب معدات باهظة الثمن أو متطورة. والأمر الثاني هو يمكن التعديل على السلوك عن طريق هذا التدخل”. ولأسباب غير معروفة يبدأ الإنسان فقد القدرة على النوم بعمق عند بلوغه حوالي 40 عام من العمر، وكذلك تبدأ ذاكرته بالانخفاض. ويقول باسكي “يمكن استعادة هذه المرحلة المهمة من النوم عن طريق التحفيز الكهربائي. وهو كذلك دليل على تأثر الذاكرة بقلة النوم”. الباحثون الألمان يحققون الآن في كم من الوقت يستمر التحسن. وتلاحظ مارشال أن تمرير التيار خلال النوم يعني ذكريات افضل ولمدة اطول.

المصدر: