دور التمارين الرياضية في تحسين ذاكرة كبار السن. هنالك الكثير من الدراسات ربطت التمارين مع تحسن صحة الدماغ في مراحل متقدمة من العمر. الآن دراسة جديدة تكشف المزيد عن دور التمارين الهوائية في المساعدة على تقوية الدماغ عن طريق تعزيز الحصين (hippocampus).

فمع تقدمنا في العمر تنكمش بعض أجزاء الدماغ، حتى في حالة عدم وجود أمراض عصبية، مثل الخرف أو الزهايمر. فقد أظهر بحث جديد أنه يمكن حفظ على الأقل بعض أجزاء الدماغ من الضمور عند تقدمنا في العمر مع كميات معتدلة من النشاط. وقد نشرت نتائج هذا البحث في دورية الاكاديمية الوطنية للعلوم (National Academy of Sciences)، ويمكن أن تترتب عليه آثار تمنع تراجع أداء الذاكرة عند كبار السن في الولايات المتحدة.

ووجد الباحثون أن البالغين ممن تراوح أعمارهم بين 55-80 عام والذين مارسوا رياضة المشي لمدة 40 دقيقة بانتظام لمدة ثلاثة أيام في الأسبوع لمدة عام زاد حجم الحصين، وكذلك مناطق الدماغ الخاصة بالذاكرة والاستدلال المكاني. بينما لم يظهر كبار السن ممن لم يمارسوا الرياضة أي زيادة في حجم الحصين.

أن 120 شخص من كبار السن ممن شاركوا في الدراسة كانوا يعانون من انخفاض في الحصين دون اصابتهم بالخرف، وفقاً للفحص بالرنين المغناطيسي قبل بدء الدراسة. فقد قال كرك إريكسون () أستاذ علم النفس في جامعة بيتسبرغ والباحث المشارك في الدراسة، في بيان معد سابقاً أن “نحن نفكر في ضمور الحصين في مراحل متقدمة من العمر كشيء لا مفر منه. والآن لدينا دليل يبين أن ممارسة الرياضة بشكل معتدل لمدة سنة واحدة يمكن أن يزيد من حجم الحصين”.

وكان نمو الحصين متواضع، حيث كانت الزيادة بنحو 2.12% في الحصين الأيسر، و1.97% في الحصين الأيمن، والذي يتراجع بشكل عكس عقارب الساعة من حيث الحجم بعد سنة أو سنتين. ومن ناحية أخرى شهدت المناطق التي أضيفت بقلة انخفاضها بعد التقدم في العمر، حيث خسر الحصين الأيمن 1.40% والأيسر 1.43%.

وعند إجراء اختبار محوسب للذاكرة المكانية، وجد أن المجموعة التي كانت تمارس تمارين المشي شهدت تحسن في الدقة. ولكن الذين كانوا بحالة جيدة قبل الدراسة، أي ممن كانوا يمتلكون حصين أكبر، شهدوا تراجع في المستوى في اختبارات الذاكرة. مما يشير إلى أن “الزيادة في الحصين بعد ممارسة الرياضة لا بد أن يحسن من وظيفة الذاكرة” وقد لاحظ ذلك الباحثون بعد الورقة البحثية. كما انهم وجدوا في المجموعة التي مارست رياضة المشي ارتباط نمو حجم الحصين مع تحسن في اختبار الذاكرة.

وعلى الرغم من الاكتشافات شبه اليومية لمرونة الدماغ الرائعة، وخاصة في قدرته على تغيير استيعاب المناطق المتضررة، يؤكد اريكسون على ان النتائج الجديدة أظهرت أنه حتى في سن متقدمة يكون الدماغ قابل للتعديل.

وبالإضافة إلى زيادة حجم الحصين، لقد لوحظ في المجموعة التي مارست تمارين المشي أنهم يمتلكون مستويات أعلى من مركب عامل التغذية العصبية المشتقة في الدماغ (brain-derived neurotrophic factor)، وهو مركب يرتبط بوجود حصين أكبر وذاكرة أفضل. إلا أن الباحثين لم يشاهدوا أي زيادة في المهاد (thalamus) أو في النواة الذنبية (caudate nucleus)، وهما أحد أجزاء الدماغ التي تساعد على الشعور المكاني والذاكرة، على التوالي. فقط لان الحصين يتأثر في التمارين الرياضية، استنتج الباحثون أنه يؤثر على بعض المسارات الجزيئية “تكاثر الخلايا أو النواة الذنبية”.

نتائج الدراسة يجب أن تساعد على فهم أعمق لعمل الآليات البيولوجية الدقيقة. كما تدعم هذه النتائج فكرة أن وضع الحصين الجيدة مرتبطة بذاكرة جيدة، وخلص الباحثون إلى “البدء بممارسة تمارين رياضية يمكن أن ينفع في عند التقدم في العمر، أما لتعزيز الادراك او زيادة حجم الدماغ”. فالتمارين الرياضية أفضل للمرونة الجسدية والرشاقة العقلية.

المصدر: