لم يدخر صانعو الحبوب المسماة سوغانورم (SugaNorm) جهداً كبيراً في إخفاء الزيف بمنتجهم بل لا يبدو كشف الزيف في هذا المنتج أمراً صعباً على الاطلاق. مبدئياً، من الصعب تقصي الجهة الصانعة للحبوب بل حتى المنتج الأساسي الذي يحمل هذا الاسم فهل هو الحبوب المحفوظة ضمن شريط معبأ بعلبة زرقاء مستطيلة والمسمى (Forte) أم هو الآخر المعبأ بعلبة حمراء؟ هل المادتين مصنعتان من متنافسين في الدجل أم هي عبوات مختلفة لنفس المنتج الزائف؟
عند البحث في الانترنت يمكن أن نجد قناة يوتيوب باللغة الفلبينية بفيديوهات ترويجية قصيرة جداً خالية من أي إشارات مفيدة. كما يمكن ان نجد روابط لبيع المنتج في مواقع مختلفة منها النسخة الألمانية من أمزون. ليس هناك موقع للشركة، بل ليس هناك شركة، ليس هناك أي منصة لذكر أي معلومات سوى المحتويات المذكورة في امزون الألماني والتي تتضمن الكروم، مستخلص التوت، ومستخلص القرفة كما يزعم البائع ولا وسيلة للتحقق من احتواء المنتج على تلك المواد طالما لا يمكن العثور على الشركة المصنعة أو أي مواد صادرة منها حول منتجها. لمعرفة منتج معين يجب أن نعرف الصانع على الأقل، ثم الأساس الذي صنع الدواء وفقه ففي أغلب الأحيان حتى الصانع لا يهم بل يهم الباحث الذي صنع الدواء مختبرياً والمراحل التي أثبتت عمله لكن بالتأكيد كل هذا لا يتوفر في سوغانورم المزيف فلا يوجد ما يكفي من آراء الزبائن حتى.
لكن لو جئنا الى المنتجات المذكورة في امزون لوجدنا أن القرفة لها ذكر في بعض الدراسات حول فعالية معينة في مكافحة مقاومة الانسولين، ولا يعني هذا أننا نؤيد فاعلية القرفة في مكافحة مقاومة الانسولين لكن فقط نذكر أن هناك أبحاث لسنا متأكدين من سلامتها وسنخصص مقالاً للحديث عن الأمر لاحقاً. أما مستخلص التوت فيمكن أن نجد بحثاً واحداً حول مستخلص أوراقه في مقاومة الانسولين لدى الفئران، وليس التوت بذاته، كما أننا لم نتحقق من الدراسة أيضاً. وبالنسبة للكروم فهناك تضارب حول فاعليته[1].
أين المشكلة إذاً؟ الحبوب هذه تتكون من مواد هناك من تكلم عن فاعليتها على الأقل في البحوث الاكاديمية؟ ليس هناك مشكلة من هذا الجانب على الاطلاق، المشكلة هي من حيث الادعاءات المتضاربة حول معالجة السكري أولاً، فأي سكري هو المقصود؟ افترضنا مع حسن النية أنهم يقصدون السكري من النوع الثاني، لكن كيف سينعكس الأمر بالنسبة للمرضى؟ هل يتوجب عليهم أن يثقوا بمنتج كهذا وأن يتخلوا عن أدويتهم الرسمية مع الجهل التام حتى بالجهة المصنعة للدواء وبأي أساس علمي له؟ باختصار، هذا خداع كبير وهو لم يتوقف عند هذا الحد، فعلى الأرجح تترك مهمة تسويق الدواء لطبقة أخرى من محتالي تسويق المنتجات الطبيعية وبحسب ما يرون في زبائنهم معتمدين على هيئة العلبة التي تجعله يبدو كدواء وعلى الانطباع القادم من التسمية التي توحي بمستوى طبيعي للسكر في الدم، أو أن تلك الطبقة قد تلجأ الى تلفيق الأكاذيب المختلفة للترويج للدواء الزائف مثلما فعلوا مؤخراً مع خبير السكري العراقي الدكتور عبد الأمير الأشبال واضعين صورته ومدعين أنه يساند منتجهم الزائف.
نصيحتنا لكل من يستعلم عن هذه الحبوب أو غيرها من منتجات السكري هي أن السكري بنوعيه لم يعودا أمراضاً مجهولة، كما أن تقنيات القياس تعطي لهذين المرضين وضعاً متميزاً جداً مقارنة بأمراض أخرى، لاسيما وأن المريض يستطيع أن يعيش التجربة العلمية بشكل مستمر وأن يفهم الأمور بنفسه ليعلم أن المفعول المزعوم لبعض المواد الطبيعية التي تروج لمعالجة النوع الثاني قد يكون موجوداً لكنه طفيف جداً وغير مؤثر. وفي أحيان كثيرة أيضاً، فإن المريض لن يحتاج سوى للقيام بتحليل وبحث بسيط في الانترنت كالذي قدمناه في هذا المقال ليعرف أن هناك بعض الشبهات حول بعض المزاعم الناصعة بمعالجة السكري بنوعيه بتلك السهولة واليسر.
[1] Hua, Yinan, et al. “Molecular mechanisms of chromium in alleviating insulin resistance.” The Journal of nutritional biochemistry 23.4 (2012): 313-319.