الكاتب ماسيمو بوليدورو، موقع (CSI)، نشرت إحدى الصحف الإيطالية المحلية، (La Nuova Provincia di Biella)، مقالة بعنوان “التواصل من خلال قوة التفكير بين أم وبنتها”. وأفادت عن وجود صلة غير طبيعية  تظهر على ما يبدو بين كارميلا باولا وابنتها أماليا ماروكا، كلاهما من زوبيانا، وهي بلدة صغيرة في محافظة بييلا في ايطاليا. ادعت الصحيفة أن الرابط بين الأم وابنتها تم من خلال استخدام بطاقات زينر ( بطاقات تتكون من 5 قطع كل قطعة يرسم عليها رمز وهي الدائرة، الخطوط المتموجة، المربع، النجم والصليب)، وأن المرأتين  لديهما دقة تتراوح بين 90-100%. تدعي كل منهما أنها تستطيع ان تخمن دائما أي رمز (على سبيل المثال، دائرة ، صليب، أمواج، مربع، أو نجم) تفكر فيه الأخرى. إذا تأكدت هذه العملية، سوف تمثل الحالة الأولى الموثقة للتخاطر، وسيكون هذا اكتشافًا استثنائيًا، فضلاً عن الفرصة لجلب العديد من الجوائز من حول العالم لأولئك الذين يمكنهم أولاً إظهار أي مهارة من هذا النوع.

“حالة أذهلتني”

جذبت القضية بالطبع انتباه لجنة المشككين الإيطاليين (CICAP). اتصلت بالبيرتو سيرينا من منظمة “العقل الجديد”.  في الواقع، هو من اكتشف موهبتي المرأتين من خلال إخضاعهما لاختبارات مع مجموعة من بطاقات زينر.

عندما تتحدث عن كارميلا وأماليا، لا يستطيع سيرينا إخفاء حماسه. “لقد قمنا بكل الفحوصات اللازمة لتجنب الأخطاء والحيل أو الأشياء المشابهة، والتي تشمل أيضاً شكوك خبراء جمعيات التشكيك المولودين على وجه التحديد لدحض مثل هذه الحقائق” ، كما يقول  في المقابلة مع صحيفة مقاطعة بييلا الجديدة (La Nuova Provincia di Biella). “ولم نتمكن من العثور على أي شذوذ: يمكن للأم والابنة التواصل من خلال قوة العقل وكانت النتائج غير العادية. أنا شخصياً كنت أتابع هذه الظاهرة منذ حوالي 30 عاماً وأنا لا أعجب بأمر بسهولة، لكن عليّ أن أقول إن هذه الحالة قد أذهلتني حقاً. “كان سيرينا سعيد وعرض علينا أن  نتقابل مع المرأتين لتطلعانا على مهاراتهما”.

نجاح مثالي تقريبا!

في 22 أيلول / سبتمبر 2016، ذهبتُ أنا وزميلي لويجى  إلى مدينة بييلا، حيث التقينا بالسيدتين. لقد صدمنا على الفور من  رغبتهم في عدم نشر الأمر في وسائل الإعلام. وافقوا على مقابلتنا لأن سيرينا أصر، ولكن بعد أن انتشرت أخبارهم في  الصحف رفضوا عدة دعوات للظهور في البرامج التلفزيونية المتعددة.

طلبنا منهما أن يبرهنا على صحة قدراتهما، واتحنا لهما الوقت للاستعداد.  جلستا بصورة متقابلة حول الطاولة، وبدأت ماروكا بنقل الرموز الموجودة على ورق زينر. على الجانب الآخر جلست كارميلا  التي تحاول معرفة الرمز من قبل ابنتها. تم الفصل بينهما بواسطة حاجز صغير لمنع النظر إلى البطاقات ولكن سمح لكل منهما بالنظر إلى وجه الأخرى.

كانت النتائج تحت هذه الظروف مثالية تمكنت كاميلا من تخمين 24 بطاقة من أصل 25.

حاجز، ونتائج غير صحيحة

لمنع التواصل والإشارات (غير الارادية) بينهما، اقترحنا استخدام حاجز اكبر بحيث لا تستطيع أي منها النظر إلى الأخرى. بعد أن حصلنا على موافقتها، بينتا لنا أن فرص التواصل بينهما ستقل تحت هذه الظروف، وكنتيجة طبيعية فإن احتمال نجاحهما في التخمين سيقل ايضاً.

في هذه المرة فقط سبعة بطاقات من أصل خمسة وعشرين بطاقة تم تخمينها. كان ذلك أعلى قليلاً من نتيجة الصدفة، وكما بين الساحر سيمون رافندا في الماضي، أنه في ظل هذه الظروف، فإن سماع بعض الأصوات بشكل متكرر، مثل صرير الكرسي، الحركات، الأنفاس، السعال وما إلى ذلك من الممكن أن يكون عامل مساعد.

الكتابة بالقلم على سطح الورق (عندما يقوم المرسل بكتابة الرمز المراد إرساله) ينتج ضوضاء مختلفة، قد تكون مساعدة لهما، لكل رمز مرسوم هناك صوت مميز. ينتج رمز الدائرة صوتًا واحدًا، والخطان المتقاطعان صوتين، والخطوط المتموجة ثلاثة أصوات، والنجمة خمسة. من الواضح أنه إذا سمعت ثلاثة أصوات أو أكثر يتم رسمها، فلن ترسم دائرة، حتى لو كانت الدائرة هي الرمز الذي يتبادر إلى الذهن أولاً.

قراءة الصوت، “كما تسمى هذه التقنية، هي خدعة كلاسيكية من المحترفين الذين يرغبون في محاكاة ظواهر التخاطر. وللقضاء على هذا الاحتمال  فقد أعطينا المرأة التي تنقل الرموز جهاز لوحي لترسم عليها بصمت باستخدام اصبعها فقط. في ظل هذه الظروف، كانت النتيجة خمسة أوراق خمنت من أصل خمسة وعشرين وهذا بالضبط ما يتوقعه المرء عن طريق الصدفة.

بدون بطاقات زينر، لا تخاطر

ثم أوضحت المرأتان أن عدم رؤيتها  يمنعهما من التواصل بفعالية. اتفقنا على استخدام الحاجز الصغير مرة أخرى، ولكن هذه المرة اقترحنا استخدام مجموعة مختلفة من البطاقات، والتي لم تعد رموز زينر الخمسة موجودة فيها؛ بدلا من ذلك، يتم وضع بعض الأوهام البصرية الشهيرة على الورق.

ولكن بعد عشر محاولات، طلبتا منا التوقف لأنهن قلن أنهن لا يستطيعن نقل أي شيء. في الواقع، لم تشبه الرسومات التي قدمتها المرأة المستقبلة تلك الرسومات المرسلة. لذلك حاولنا مع مجموعة عادية من أوراق اللعب، اخترنا خمسة وعشرون ورقة عشوائيا. هذه المرة خمنتا البطاقات بشكل صحيح مرتين فقط، وكانت هناك أيضا تسع مناسبات خمنتا فيها اللون ولكن ليس العدد، واثنان تم تخمين الرقم بشكل صحيح ولكن ليس اللون.

عند هذه النقطة توقفنا لأنه بعد أكثر من ساعتين ونصف من التجارب، كان كارميلا وأماليا متعبتين بشكل واضح. ومع ذلك، لا يبدو أن هناك أي إمكانية للاستمرار  في المستقبل لأنهن أخبرننا، بعد اجتماعنا، أنهن لن يكون لديهن اهتمام بعد الآن بتقديم براهين أخرى لأي شخص.

الإشارات (اللاإرادية)

أحد الاستنتاجات التي استخلصناها من هذه الاختبارات الاستكشافية هو أنه إذا كان التخاطر قائمًا، فيجب أن يكون ضعيفًا للغاية، لأنه لا يعمل إلا مع بطاقات زينر فقط، في حين أنه غائب عند استخدام أنواع أخرى من الصور أو البطاقات. علاوة على ذلك، فإن الطبيعة الحقيقية لهذه المهارة موضع تساؤل قوي بسبب  أنها تختفي عندما لا تستطيع المرأتان النظر إلى بعضهما البعض. وهو أمر تعترفان به بأنفسهم: “هذا النوع من التفاهم أمر طبيعي جدًا بالنسبة إلينا” ، كما قالا في مقابلة مع صحيفة لا ستامبا في 10 أغسطس ، “كل هذا الاهتمام بنا أيضًا مفاجئ جدًا. لا توجد حيل، ولكن من المؤكد أننا نفهم بعضنا بعضا. هذا يحدث دائمًا”.

خلال الاختبارات التي كانت الام تستطيع النظر الى ابنتها، كانت حركات الجسم والوجه، حركات اليدين والكتفين والرأس والعيون، تعابير الشفاه، التعبيرات الجادة، الابتسامات، حركات الأنف، الحاجبين، الذقن، وغيرها لها تأثير مساعد لهما. من الممكن أن تكون هذه الحركات لا ارادية، ولكن تبقى الحقيقة أنه عندما يتم إخفاؤها عن الرؤية (وإمكانيات الاتصال الأخرى، مثل منع الصوت) تنخفض النتائج بصورة كبيرة جداً.

توافق وليس تخاطر

إن استنتاجنا هو أن كارميلا وأماليا لديها بلا شك رابطة قوية وأنهما – كما قالا في كثير من الأحيان – يتفهمان بعضهما البعض فوراً بلمحة، تماماً كما لاحظنا .   ليس من المستغرب ، عندما قمنا بتجربة مجموعة من البطاقات ذات الرموز المختلفة عن بطاقات زينر، لم يتم الحصول على أي نتائج من أي نوع (كما هو الحال مع بطاقات الأوهام البصرية التي كانت غير معروفة لدى المرأتين) أو عند استخدام بطاقات البوكر العادية. إذا كان التخاطر حقيقة  فعلاً ، فيجب أن يكون من الممكن نقل معلومات أخرى بالإضافة إلى رموز زينر الخمسة. في رأينا أن كارميلا و أماليا يمتلكان بالتأكيد موهبة لجعل الشخص الآخر يفهم الشكل الذي يفكر فيه كل شخص نتيجة لتوافقهما وتفاهمهما العالي، ولكن هذا ليس بسبب التخاطر.

المصدر:-

Massimo Polidoro, “A Telepathy Investigation”, Skeptical Inquirer Volume 42.5, September / October 2018