دكتور الهواء هو تسمية شاعت حول باج يعلقه البعض ويروج له المشاهير في العراق والأردن والسعودية وغيرها من الدول العربية ظناً أنه يحمي من الفيروسات والبكتيريا. ويزعم مروجو هذه القطعة بأنها تحمي من البكتيريا والفيروسات لمسافة متر وتدوم الحماية لمدة شهر. وتستمد المزاعم هذه من قابلية ثنائي أوكسيد الكلور الذي يزعم مروجو القطعة انبعاثه منها ليقوم بتنقية الهواء.
في البدء عليك أن تتسائل حول شكل غاز ثنائي أوكسيد الكلور الذي يستخدم في تعقيم المياه، ما هو لونه؟ وكيف سيبدو؟ في الواقع، هذا الأمر هو أول ما سيفضح “دكتور الهواء” فلغاز ثنائي أوكسيد الكلور لون أخضر فاقع مائل للصفرة، فإذا كان ينبعث ولو بنسبة منخفضة جداً ويتسامى من القطعة، يجب حينها أن ترى ذلك، وهذا ما لا يُمكن رؤيته.
الأمر الثاني الذي يفند عمل هذه القطعة، هو عدم وجود أي أبحاث حول مواد معقمة ناتجة من تسامي مادة صلبة كالتي يتم الترويج لها لينتج ثنائي أوكسيد الكلور. أما لو افترضنا ان الكيس الموجود محشو بالغاز أو بمادة تنتج الغاز فلا توجد عندها آلية لنشره.
غير أن الأكثر حمقاً في هذه القطعة هو التصور الساذج حول انتشار الغازات. دخان السيجارة مثلاً يمكن رؤيته، لو افترضنا ان كمية من دخان نفثة السيجارة (والتي تبلغ بمقدار قريب من سعة رئتي الانسان) هي كمية لغاز ذو خاصية تعقيم، فهل يُمكن أن يحمينا لمدة شهر؟ ستلاحظ انتشار الغاز بسرعة وضياعه في الهواء. أي تعقيم بالغازات يتطلب الدخول في غرفة كاملة من الغاز وليس مقدار لا يُرى بالعين المجردة (هذا اذا احسننا الظن وافترضنا ان هناك مادة تتسامى او تتسرب).
الغازات مهما كانت خصائصها ستنتشر مبتعدة سواء كنت متحركاً أو واقفاً ولن تشكل هالة حارسة لك، فما بالنا إن لم يكن هناك غاز من الأساس، او اذا كان الغاز ناتجاً عن تسرب طفيف أو تسامي.
يُمكن أن نقول بثقة أن “دكتور الهواء” ليس سوى نوطاً للجهل. يزعمون أن هناك غاز بينما لا يُمكنك رؤية هذا الغاز والذي يمتاز بلون فاقع، ويزعمون أنه سيتسرب ويشكل هالة، بينما تنتشر الغازات في الهواء بسهولة. الفائدة الوحيدة للقطعة هذه هي بكونها نوطاً للجهل وربما الغباء.