رون كَوِين – مجلة Nature
ترجمة: قارئ متتبع…
بوستر من تصميم بهاء محمد
في 17 مارس، قدّم الفلكي جون كوفاتش من مركز هارفرد-سميثسونيان لفيزياء الفضاء، أدلة طال انتظارها على موجات الجاذبية—وهي تموّجات في نسيج الفضاء—التي تولدت من الانفجار الكبير خلال مرحلة من التوسّع الهائل تُعرف باسم التضخّم.
ومع غروب شمس ذلك اليوم في كامبردج، ماساشوستس، كانت أول ورقة تفصّل بعض عواقب ذلك الاكتشاف قد نشرت على الإنترنت، بقلم الكونياتي ديفيد مارش من مركز بيريميتر للفيزياء النظرية في واترلو، كندا، وزملائه.
يقول المؤلفون أن القياسات التي قام بها فريق كوفاتش باستخدام تلسكوب BICEP2 في القطب الجنوبي لم تستبعد إلا صنفا من النماذج التي تحاول تفسير التضخم إضافة لغموض كوني آخر—طبيعة المادة المظلمة—بناءً على جسيم أساسي افتراضي يدعى الأكسيون. ولم يستبعد الباحثون كل نماذج الأكسيون، لكن ”“ ”هذا الصنف المحدد من الأكسيونات لا يفسر غير كسر ضئيل من المادة المظلمة،“ كما يقول مارش.
كما يتفق مارك كاميونكاوسكي من جامعة جونز هوبكنز في بالتيمور، ماريلاند، على أن بعض نماذج الأكسيون لم تعد تعمل، ”لأنها تتطلب حدوث التضخم في مقياس طاقة أوطأ مما يدلنا عليه BICEP2“.
ويقول كاميونكاوسكي أن اكتشاف BICEP2 سيستبعد أيضا الكثير من سائر النظريات دفعةً واحدة، بما في ذلك بضع أفكار أخرى حول خواص مجال الطاقة الذي دفع بالتضخم. معقباً، ”لقد تهاوت مجموعة النماذج المقبولة بشكل مروّع“.
”هناك تنظيف ربيعي كبير، يستبعد فيه كل شيء تقريبا،“ يقول ماكس تيغمارك، الكونياتي في معهد ماساشوستس للتقنية (MIT) في كامبردج. ”وهذا أمر لا يهزّ المجال التجريبي وحده بل والعالم النظري أيضا.“
إن بيانات BICEP2 سوف تلغي حوالي 90% من النماذج التضخمية، كما أخبر أندري ليندي، الكونياتي في جامعة ستانفورد في كاليفورنيا، قاعة مكتظة في MIT في اليوم التالي لإعلان BICEP2. فالعديد من هذه النماذج لا ينتج موجات جاذبية في مستويات قابلة للرصد، كما قال ليندي، أحد مؤسسي نظرية التضخم.
لكنه قال أن هذه النتائج ستتوافق جيدا مع ’التضخم الفوضوي‘، وهو نسخة بسيطة من التضخم طوّرها ليندي قبل ثلاثة عقود. وفي هذا النموذج، لا يصل التضخم إلى نهاية، إلا أنه يتوقف عن جيوب محدودة من الفضاء، في حين يستمر بالتوسع أسياً في كل مكان آخر. إن التضخم الفوضوي لن ينتج كوننا وحده، بل عديد-أكوان يتضمن العديد من الأكوان الجيبية، كل منها يملك قوانين فيزياءه الخاصة، وهي فكرة يعدّها الناقدون غير قابلة للفحص.
كما يقول ليندي أن موجات الجاذبية يبدو أنها تستبعد نموذجا بديلا للتضخم يعرف بالكون الأدواري، وفيه يصطدم ’عالَمان غشائيان‘ أي—كونان ثلاثيا الأبعاد يعومان ضمن فضاء ذي أبعاد أعلى—لإحداث الانفجار الكبير. فهذه النظرية لا تنتج إشعاعاً جذبياً.
ويتفق بول شتاينهارت، الفيزيائي النظري في جامعة برنستون في نيو جيرسي والمؤسس للنظرية الأدوارية، على أن نظريته—لو تم تأكيد نتائج BICEP2—هي الآن ميتة، لكنه يقول أنه لم يفقد الأمل في أن تنويعة من نموذجه ربما تولّد هذا الإشعاع.
نتائج BICEP2 ستعيد بعض منظّري الأوتار إلى سبّوراتهم، كما يقول فرانك ويلتشك، الفيزيائي النظري والفائز بنوبل في MIT. فنظرية الأوتار تفترض أن الجسيمات الأساسية تتكون من لفّات ضئيلة متذبذبة من الطاقة. وقد قادت محاولات للجمع بين نظرية الأوتار والكونيات إلى نماذج تضخمية تولّد موجات جاذبية بطاقات أوطأ بكثير من المستوى الذي رصده BICEP2، بحسب قوله.
ولكن إيفا سلفرشتاين، الفيزيائية النظرية من ستانفورد، ترفض القول بأن نماذج التضخم المستندة لنظرية الأوتار تمر بأي نوع من المشاكل. فهي تقول، ”لا يوجد أي معنى يجبرنا على البدء من جديد“. كما تضيف أن هناك في الواقع صنفا منفصلا من النظريات التي تتضمن كلاً من الأكسيونات والأوتار يبدو الآن واعداً.
ويتفق معها ليندي. ”فلا حاجة بنا لإهمال نظرية الأوتار، فالأمر مجرد عملية اعتيادية من التعرف على أي من صيغ النظرية هي الأفضل،“ كما يقول. ”كل منا، لا منظّرو الأوتار فقط، يجب أن يعود إلى السبورة، ليس لأننا فشلنا، بل لأننا تعلمنا شيئا مهما جدا وعلينا الآن استخدام هذه المعرفة لكي نخطو أبعد.“
المصدر: http://www.nature.com/news/gravitational-wave-finding-causes-spring-cleaning-in-physics-1.14910